بعد ظهوره كمنافس قوي.. صويلو هدف أردوغان الجديد

وزير الداخلية التركي سليمان صويلو لا ينافس وزير المالية بيرات البيراق، وإنما ينافس الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه.

هذا ما أظهره استطلاع رأي حديث أجرته شركة متروبول للأبحاث، في خلاصة صادمة تكشف كواليس جديدة عن أزمة استقالة وزير الداخلية قبل شهر، و تنبئ بقرب نهايته، باعتبار دخوله “المنطقة المحرمة”، كمنافس محتمل لأردوغان.

صعود ليس بمستجد بالنسبة لصويلو، لكن خروجه أقوى من أزمة الاستقالة، حيث أظهر ما يحظى به الرجل من شعبية واسعة في الشارع التركي بشكل عام، وبين أنصار الائتلاف الحاكم أي حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، مؤكدا أنه رقم صعب مرشح للعب دور أكبر.

صويلو.. العقبة الجديدة

قد لا يكون أردوغان نفسه تخيل أن يتحول وزير داخليته إلى عقبة بوجه عرشه، وهو الذي يؤمن بأن “السلطان” مكانه إما بالقصر أو في القبر، وهذا ما جعله يتخلص من جميع منافسيه الأقوياء، ولم يستثن حتى رفقاء الدرب، وأصدقائه المقربين في الحزب، أمثال عبد الله جول، وأحمد داود أوغلو، وعلي باباجان.

12 أبريل/ نيسان الماضي، كان تاريخا مفصليا في علاقة الرئيس التركي بوزير داخليته، ففي ذلك اليوم، أعلن صويلو استقالة مفاجئة عقب قرار حظر تجوال غير مدروس، في قرار جاء ضمن سياق بالغ التعقيد في ظل سرعة انتشار فيروس كورونا بالبلاد، وما رافقه من تداعيات على كافة المستويات.

في البداية، اعتقد محللون أن الاستقالة جرت بتنسيق بين الرجلين، قبل الاتضاح أن القرار أحادي، من جانب صويلو الذي يبدو أنه أراد توجيه صفعة خفيفة لرئيسه حينها، في إشار للصراع الدائر بينه (صويلو)، وصهر أردوغان البيرت البراق.

لقطة أراد صويلو من خلالها استعراض وزنه، والضغط على أردوغان لترتيب قائمة المقربين منه، خصوصا أذرعه التي تشكل أعمدة حكمه، وإرغامه على الاصطفاف ضمن جناحه بحزب العدالة والتنمية المنشق إلى 3 أجنحة متصارعة.

انزعج أردوغان بشدة من استقالة صويلو آنذاك، لكنه اضطر لرفضها، ليس حبا في وزيره، وتمسكا به كما اعتقد البعض، لكن لوضعه تحت عينيه ورحمته، وتجريده تدريجيا من قوته ونفوذه داخل الحزب، قبل طرده أو إرغامه على مغادرته.

ووفق مصادر مطلعة، فإن تفاصيل الاستقالة كانت مزعجة جدا لأردوغان لعدة أسباب أولها أنها حدثت دون استشارته، كما وضعته أمام خيارات صعبة في ظل أزمة كورونا.

أما أسوأ ما فيها بالنسبة لأردوغان، فهي فضح صراع الأجنحة بالحزب الحاكم، إذ هناك شق “مجموعة البجع”، بقيادة البيرق، وشق ثان يدعمه وزير العدل عبد الحميد جول، فيما يدعم صويلو جناحا ثالثا.

لماذا صويلو؟

سؤال يجد إجابته في ما يتمتع به الرجل من حنكة سياسية تؤهله للعب دور أكبر بالمشهد السياسي التركي، كما يعتبر همزة الوصل بين حزب أردوغان وشريكه الحركة القومية، باعتباره قوميا محافظا، وله علاقات قوية مع ما يعرف بـ”الدولة العميقة” في تركيا، وهذا ما يجعل أردوغان يقرأ له ألف حساب، ويضع مخططا بأكمله بانتظار الإيقاع به.

معطى آخر يجعل أردوغان ينحني لموجة وزير داخليته بالوقت الراهن، وهو أن الأخير ينحدر من المعارضة قبل أن ينضم لحزب العدالة والتنمية قبل 8 سنوات، وتدرج في المناصب بفضل كفاءته، ويعتبر الذراع القمعي للرئيس، والسوط النازل على رقاب المنتمين لحركة الداعية فتح الله جولن التي تصنفها أنقرة إرهابية.

وصويلو حقق نجاحا في أحد أكثر الملفات أهمية بالنسبة لأنقرة، وهي مكافحة الحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة أيضا منظمة إرهابية، علاوة على دوره في الكثير من الأزمات التي شهدتها تركيا، ما يجعل أردوغان يتوخى التأني في التعامل معه، أي استغلاله بالمنصب لتحقيق مكاسب بانتظار تحضير بديل له، وفرصة القضاء عليه في عملية نظيفة بلا خسائر سياسية.

ووفق المصادر نفسها، فإن الخطة الحالية لأردوغان تعتمد على تجريد صويلو تدريجيا من شعبيته، عبر منحه مهام وزارة أخرى في أول تعديل وزاري بعد انتهاء فيروس كورونا، قبل إقصائه نهائيا.

تعديلات مشبوهة

وسط تراجع شعبيته خصوصا عقب أداء حكومته الضعيف خلال انتشار كورونا، استبق أردوغان الأحداث بإعداد مشروع يضم تعديلات على قانون الانتخابات الرئاسية.

وبحسب تسريبات تناقلها إعلام المعارضة التركية، تقضي التعديلات الجديدة بإجراء الانتخابات الرئاسية ضمن جولة واحدة بدلاً من جولتين وإلغاء النسبة الاعتيادية للفوز، والتي تتمثل بضرورة حصول المرشح الفائز على أكثر من نصف الأصوات.

ويقترح النظام بدلاً من نسبة (50+1) أن يقر القانون الجديد فوز المرشح الحاصل على أكثر الأصوات حتى ولو كانت نسبة التصويت لصالحه أقل من 50 بالمئة.

تعديلات من الصعب أن يتمكن حزب أردوغان وحليفه من تمريرها دون الحصول على دعم من أحزاب أخرى، غير أنها تعكس حالة الخوف المطبقة على الرئيس التركي من وجود مرشحٍ وحيد للمعارضة، يتمكن من الاستفادة من تراجع شعبيته وقلب المشهد السياسي.

وبناء على ذلك، يسعى الرئيس التركي إلى تعديلات يضمن من خلالها إلغاء شرط الحصول على أكثر من نصف الأصوات للفوز بالرئاسة، بهدف تشتيت المعارضة، وبالتالي ضمان وجود أكثر من مرشحٍ رئاسي لها، ما يعني فوز أردوغان أو مرشحه وإن لم يحصل على أغلبية أصوات الناخبين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى