بعد فشل محاولات التفاوض السابقة… ماذا تفعل باكستان بين إيران والسعودية؟
في ظل الحديث المتزايد مؤخرًا بشأن وساطات دولية لجمع السعودية وإيران حول طاولة تفاوض واحدة، لاحت في الأفق وساطة جديدة يقودها هذه المرة رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان.
أفادت وكالة “مهر” الإيرانية للأنباء، أن عمران خان سيزور إيران قريبًا، بطلب من المملكة العربية السعودية حاملًا مبادرة جديدة لحل الخلاف القائم والمتزايد بين الرياض وطهران.
وهذه ليست المرة الأولى من نوعها التي تعلن إيران عن محاولات سعودية للتفاوض مع إيران، كان آخرها ما تم إعلانه من قبل الرئيس الإيراني حسن روحاني، وهو ما نفته المملكة على لسان وزير الشؤون الخارجية عادل الجبير.
ورغم ما يتردد في الأوساط بشأن إمكانية التفاوض، يستبعد مراقبون سعوديون وإيرانيون الأمر، مؤكدين أن لكل دولة شروط من الصعب على الدولة الأخرى تحقيقها، وهو ما يحول دون التفاوض على المدى القريب.
وساطة باكستانية
وقالت وكالة “مهر” الإيرانية، إن رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، سيتوجه إلى إيران بطلب سعودي حاملا مبادرة جديدة لحل الخلاف.
وسيسعى رئيس الوزراء الباكستاني خلال هذه الزيارة إلى تمهيد أرضية مناسبة لتخفيض حدّة التوتر بين إيران والسعودية، بحسب الوكالة.
وذكرت الوكالة أنه وفقا للأنباء المتواردة سيقترح عمران خان لدى وصوله إلى إيران على كبار المسؤولين بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، مبادرته الجديدة في هذا الصدد.
وفي نهاية الشهر الماضي، قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالباه بالتحدث إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، للقيام بدور الوساطة من أجل تهدئة التوتر القائم في منطقة الخليج، بحسب سي إن إن.
وأضاف عمران خان، في مؤتمر صحفي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في معرض رده على سؤال حول ما أثير حول طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال رسالة إلى روحاني، أنه قبل تلقيه طلبًا من ترامب، فإنه زار الرياض في الأيام الماضية بعد تعرض “هجوم أرامكو”، “تحدثت مع الأمير محمد بن سلمان، وهو أيضًا طالبني بالحديث إلى الرئيس الإيراني، وكذلك الرئيس ترامب طالبني بالمساهمة في وقف التصعيد.. نحن نبذل جهدنا
كما كشف عمران خان عن قيامه بالتوسط ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
شرط إيراني
من جانبه قال الكاتب الصحفي والإعلامي الإيراني، محمد غروي، إن “هناك علاقات قوية تجمع إيران وباكستان، وتوطدت بشكل أكبر بعد تولي عمران خان، لكن في مسألة الوساطة، طهران أكدت أنها لا تحتاج وسطاء للجلوس مع السعودية”.
وأضاف في تصريحات صحفية أن “إيران أعلنت استعدادها الجلوس على طاولة تفاوض مع السعوديين، إلا أن المملكة هي من ترفض دائمًا، لكنها طلبت مؤخرًا من عدة دول التوسط لها مع طهران بعد أن وصلت لمأزق كبير في المنطقة”.
وتابع: “الجواب الإيراني لكل هذه الوساطات واضح، إذا أرادت المملكة الجلوس على طاولة تفاوض، يجب أن توقف حربها في اليمن، دون قيد أو شرط، عدا ذلك أعتقد أن الوساطة الباكستانية، وغيرها لن تكون مجديًا”.
وأكد أن “الوساطة ستنجح إذا وافقت السعودية على وقف الحرب في اليمن، كخطوة أولى يمكن بعدها أن يأتي الحوار والتفاوض، في خطوات أخرى متتالية”.
رد سعودي
بدوره قال سعد بن عمر، مدير مركز القرن السعودي للدراسات الاستراتيجية، إن “المملكة العربية السعودية معروفة بسياساتها الثابتة والراكدة، وهي دائمًا لا تمانع عن التفاوض والتعاون في المجال الدولي في أي قضية تهم المنطقة”.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن “المملكة دولة مدنية ضارب أعماقها في التاريخ، وهناك تناقض كبير بينها وبين الطرف الآخر، إيران دولة تعد نفسها ثورية، وتحكمها الانفعالات والمصالح الخاصة بالفصائل التابعة لها في كل مكان، باليمن والعراق وسوريا ولبنان، وغيرها من الدول”.
وتابع: “لذلك الفرق واضح بين السياسة السعودية والإيرانية، لكن في الوقت نفسه لا تمانع المملكة من التفاوض، لكن في المقابل هل إيران مستعدة لذلك؟”.
ومضى قائلًا “من المعروف أن إيران تبشر بالثورة والمذهبية في كل مكان تصل له، ولا أعتقد أنها ستنسحب من أي مكان، إلا بالقوة أو الضعف الداخلي، مثل عدم قدرة الاقتصاد الإيراني على الثبات والاستمرارية، وتمويل هذه الوحدات”.
وبالنسبة لوساطة باكستان، ومدى فاعليتها، قال: “باكستان تجمعها علاقات طيبة مع السعودية وإيران، لكننا لا نعول على ذلك، الطرف الرئيسي الذي يسبب المشاكل الأحرى به أن يطلب التفاوض ويقدم التنازلات، في سبيب إعادة الأمن والسلم الدولي في المنطقة”.
وأنهى مدير مركز القرن السعودي للدراسات الاستراتيجية، حديثه قائلًا: “لست متفائلًا بشأن إمكانية التفاوض مع إيران، بحسب تحليل تفكيرها السلوكي”.
إمكانية التفاوض
وأعرب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن أمله في أن يؤدي وقف إطلاق النار، الذي أعلنه الحوثيون من جانبهم، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب في اليمن، لكنه طالب أولا بأن توقف إيران دعمها للحوثيين.
وعما إذا كان مستعدا للتفاوض على إنهاء الحرب في اليمن، قال الأمير محمد بن سلمان: “نحن نقوم بذلك كل يوم، لكن نحاول أن ينعكس هذا النقاش إلى تطبيق فعلي على الأرض”.
فيما أكد وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، أنه إذا طرحت المملكة العربية السعودية قضايا إقليمية من خلال التفاوض وليس قتل الناس فستكون إيران معها.
وقال في تصريحات لمراسل وكالة أنباء الأمة: إذا كان السعوديون مهتمون بالتفاوض مع إيران، وإذا تابعوا القضايا الإقليمية من على طاولة المفاوضات وليس بقتل الناس، فبالتأكيد ستكون الجمهورية الإسلامية معهم.
وكانت الحكومة الإيرانية أكدت في وقت سابق، أن “هناك رسائل من الرياض وصلتها، لكنها تريد رسالة علنية يمكن أن تكون إحداها إنهاء الحرب في اليمن”.
وقال المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون الرسمي: “وصلتنا رسائل من السعودية، لكن يجب أن نشاهد رسالة علنية من قبلها، ويمكن أن تكون إحدى رسائل السعودية العلنية هي إنهاء الحرب على اليمن”.
وأضاف ربيعي: “لقد طالبنا بإنهاء الحرب على اليمن منذ البداية، ونرى أن الحل هو وقف إطلاق النار”، مشددا “نحن مستعدون للقيام بكل ما نستطيع في هذا الشأن”.
وتبنت جماعة “أنصار الله” اليمنية، السبت 14 سبتمبر/ أيلول، هجوما بطائرات مسيرة استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لعملاق النفط السعودي “أرامكو” في “بقيق” و”هجرة خريص” في المنطقة الشرقية للسعودية.
إلا أن السعودية عرضت بقايا مما وصفته طائرات مسيرة إيرانية وصواريخ كروز استخدمت في الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، قائلة إنها دليل “لا يمكن إنكاره” على العدوان الإيراني.
من جانبها، نفت إيران هذه الاتهامات، وقالت إن هذه التصريحات لا أساس لها من الصحة، ولا يوجد أي دليل على ضلوعها في استهداف شركة “أرامكو” السعودية.