آخر الأخبارأخبار عالمية

بعد «مقامرة» ماكرون.. سيناريو فوز لوبان يهدد فرنسا بسنوات ركود

بعد هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية لصالح اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، أقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على مقامرة من خلال حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة قد تؤدي إلى فوزها برئاسة الحكومة ما يهدد البلاد بسنوات ركود.

وبحلول حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في 26 يوليو/تموز قد تكون فرنسا قد تغيرت بشكل كبير وبدلا من التمتع بدفعة اقتصادية متوقعة قيمتها 11.1 مليار يورو من الحدث الرياضي المرتقب ربما تكون البلاد تواجه رئيس وزراء جديد وانهيار محتمل في السوق وفقا لما ذكرته صحيفة “تليغراف” البريطانية.

وأسفرت انتخابات البرلمان الأوروبي عن فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي تتزعمه لوبان بعد حصوله على 31.5% من أصوات الفرنسيين وهو ما يزيد عن ضعف الأصوات التي فاز بها حزب النهضة الذي يقوده ماكرون والتي بلغت 15.2%.

وفور الكشف عن النتائج دعا الرئيس الفرنسي إلى إجراء انتخابات مبكرة في الفترة من 30 يونيو/حزيران وحتى 7 يوليو/تموز المقبل وأثارت هذه الخطوة قلق المستثمرين من أنها قد تفتح الباب أمام لوبان للسيطرة على الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي).

ولن تهدد الانتخابات المبكرة منصب ماكرون كرئيس، لكنها قد تمنح حزب لوبان الفرصة لتولي منصب رئيس الوزراء الأمر الذي سيمنح حزبها السيطرة على السياسة الداخلية بما يتضمن الضرائب والإنفاق ويخشى التجار من أن تكون لوبان أكثر حرية في الإنفاق من ماكرون في الوقت الذي يتضخم فيه العجز الفرنسي.

وقال سايمون ويلز، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك “إتش إس بي سي” إن حزب لوبان “سيسيطر بشكل فعال على السياسة المالية”. وأضاف “يميل الشعبويون دائمًا إلى التركيز على الإنفاق أكثر من زيادة الإيرادات.

وأشار إلى أن “العديد من الوعود المقدمة ستكون مكلفة” وعلى سبيل المثال قالت لوبان بالفعل إنها تريد خفض سن التقاعد إلى 60 عاما وهو ما اعتبره ويلز مكلفا ماليا في حين أن فرنسا تواجه بالفعل تحديا ماليا.

ويبلغ دين فرنسا الآن 110% من حجم إنتاجها السنوي، وفقا لوكالة الإحصاء كما توسع العجز في البلاد إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023 وارتفعت الفجوة بين عائدات الضرائب والإنفاق العام إلى 154 مليار يورو.

وتعتمد باريس على مستثمري الديون لتمويل عجز الميزانية، وأطلق المحللون بالفعل ناقوس الخطر بشأن مدى استدامة ذلك حتى قبل نتائج الانتخابات الأوروبية.

والأسبوع الماضي، خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال” تصنيف الديون السيادية الطويلة الأجل لفرنسا من AA إلى AA-، في حين حذرت وكالة سكوب في أبريل/نيسان الماضي من أن ماكرون يخاطر بحدوث “أزمة ثقة” في الأسواق إذا لم يطرح خطة ذات مصداقية لإعادة المالية العامة إلى مسارها الصحيح.

مخاطر سيناريو فوز لوبان لا تقتصر على الاقتصاد فقط بل تمتد إلى العلاقات مع أوروبا فمن المرجح أن تكون حكومتها أقل ميلا للاتحاد الأوروبي وأقل اهتماما بالقواعد المالية الأوروبية وفقا لويلز الذي قال “قد ينتهي بنا الأمر إلى لعبة الدجاج بين الحكومة الفرنسية والمفوضية الأوروبية”.

وأضاف “إذا جاءت حكومة تخفف السياسة المالية بشكل أكبر، فقد يؤدي ذلك إلى تفكك الأسواق بشكل أكبر وإلى ارتفاع أسعار الفائدة بسرعة أكبر”.

وتابع “إلى حد ما، هناك خطر حدوث وضع مماثل لما حدث في المملكة المتحدة في نهاية عام 2022″، في إشارة إلى تداعيات السوق جراء خطة رئيس الوزراء البريطانية آنذاك ليز تراس حول الميزانية المصغرة.

والإثنين، تراجعت سوق الأسهم الفرنسية بنسبة 2.17% وارتفعت عائدات السندات الحكومية إلى أعلى مستوى لها حتى الآن هذا العام وقال ويلز “الأسواق لا تحب عدم اليقين” مشيرا إلى أن ما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع أدى إلى درجة كبيرة من عدم اليقين.

وأضاف ويلز: “كل الأنظار تتجه نحو فرنسا الآن” وحذر من عدم وجود استطلاعات رأي موثوقة الأمر الذي يزيد قلق المستثمرين.

وسيؤدي فوز لوبان في الانتخابات إلى سنوات من الجمود السياسي، بالنسبة إلى ماكرون فعلى الأرجح سيكون التهديد المباشر هو الانقسام بين الرئيس ورئيسة الوزراء وفقا لبيتر شافريك كبير الاستراتيجيين الأوروبيين في شركة “RBC Capital Markets”.

وأضاف: “ستكون هناك معارضة من أجل المعارضة مما يعني الكثير من الجمود في كل شيء تقريبًا، ولفترة طويلة من الزمن”.

وقد يكون الجمود السياسي ضارا اقتصاديا إذا أدى إلى تأخير الإنفاق مثل الإنفاق العسكري أو البنية التحتية.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027، مما يعني أن فرنسا قد تظل عالقة في هذا الوضع لمدة 3 سنوات.

وقال جورج موران، الاقتصادي الأوروبي في بنك نومورا: “لا يتمتع ماكرون حاليا بالأغلبية مما جعل تشريع السياسة الداخلية أمرا بالغ الصعوبة” وهو ما اتضح خلال محاولاته لإصلاح نظام التقاعد التي أدت إلى احتجاجات واسعة النطاق.

وقالت ليزي جالبريث، خبيرة الاقتصاد السياسي في أبردن، إن فوز حزب لوبان بالأغلبية ستضاعف الصعوبات التي واجهها ماكرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى