بغداد تطرح بدائل لتوفير الرواتب.. والبرلمان مستغرباً: ماذا عن الاقتراض؟
فاجأ المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء العراقي، الأوساط السياسية والشعبية، بتصريح حول قدرة الحكومة على تأمين الرواتب للشهر الجاري.
وقال أحمد ملا طلال، خلال مؤتمر صحفي، عقده الثلاثاء الماضي، إن “تمويل رواتب الموظفين سيتم عبر خيارين، إما عن طريق تمرير قانون العجز المالي أو تطبيق حلول حكومية أخرى في حال تمرير القانون” .
ويتناقض ذلك مع تصريح للملا طلال قبل أسبوع، حين تحدث قائلاً “لن تستطيع وزارة المالية من توفير رواتب الموظفين للأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي دون تمرير قانون العجز المالي من قبل البرلمان “.
وسلم وزير المالية علي علاوي، في الـ11 من الشهر الجاري، للجنة المالية النيابية، نسخة من قانون الاقتراض الثاني، تتضمن المطالبة بتوفير نحو 41 تريليون دينار عراقي لسد العجز في موازنة البلاد لعام 2020 .
هيثم الجبوري، رئيس اللجنة المالية في البرلمان، في رد فعل عاجل، على تصريح ملا طلال الأخير، وجه خطاباً رسميا إلى مجلس الوزراء، للاستفسار عن مقدرة وزارة المالية في إيجاد الحلول لتوفير رواتب الموظفين بالاستغناء عن اللجوء إلى قانون الاقتراض .
وتحدثت وثيقة صادرة من مكتب الجبوري، إنه “طالما توجد إمكانية لتغطية الرواتب دون الحاجة إلى تشريع قانون تمويل العجز وتحميل الدولة أعباء مالية جديدة تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي.. نرجو بيان رأيكم بصدد الاستغناء عن تشريع قانون تمويل العجز المالي ليتسنى لنا التركيز على الإصلاحات الاقتصادية المنشودة “.
وفي وقت سابق، من اليوم الأربعاء، بدأت اجتماعات اللجنة المالية النيابية مع الكادر المتقدم في وزارة المالية لمناقشة مشروع قانون تمويل العجز المالي والاتفاق على صيغة نهائية تفضي إلى تمريره إلى البرلمان .
إلى ذلك، قال النائب في اللجنة المالية، جمال كوجر، إن “ربط تأمين صرف الرواتب لموظفي الدولة بإقرار قانون الاقتراض، محاولة يراد منها تحميل مجلس النواب فشل الحكومة في عدم قدرتها على إيجاد الحلول الآنية وتدارك الوضع الاقتصادي الهش “.
وأوضح كوجر، إنه “من المفترض أن يكون قانون معالجة العجز أو ما يسمى بقانون الاقتراض يختص بتسيير أمور البلاد المالية في الجوانب التشغيلية والنفقات الضرورية في مجال المشاريع المعطلة وسداد الديون الحرجة وليس الأمر يتعلق برواتب الموظفين”.
وأسفر سوء التخطيط والسياسات المتبعة في إدارة الملف الاقتصادي للعراق طوال السنوات الماضية، إلى تعريض البلاد لإفلاس شبه رسمي، مع ارتفاع معدلات البطالة وتدهور المستوى المعاشي.
وعمق انخفاض أسعار النفط والظروف المرافقة لجائحة كورونا، من تدهور الاقتصاد العراقي، ما انعكس على قدرة السلطات الحكومية في تأمين رواتب الموظفين التي بات حديث الشارع كلما اقتربت مواعيد صرف الأجور.
وأبدت قوى سياسية مؤخراً، عن معارضتها للذهاب نحو الاقتراض الداخلي والخارجي للمرة الثانية. فيما اتهمت الحكومة بالتظاهر بالإفلاس للضغط على البرلمان لتمرير قانون العجز.
ويرجح النائب السابق والخبير الاقتصادي، عبد الحسين الياسري، أن تكون رواتب موظفي الدولة مأمنة للأشهر الثلاثة المقبلة دون الذهاب إلى الإقتراض.
وقال الياسري، إن “العراق يملك سيولة مالية ولم ولن يصل إلى مرحلة الإفلاس نهائياً، وما يجري من حديث حول ذلك هو تضارب وجدل سياسي وليس فني “، مستدركاً بالقول “مبيعات النفط تجاوزت الثلاث مليارات دولار للشهر الماضي “.
وقدمت حكومة الكاظمي، برنامجاً تنفيذياً لإصلاح الوضع الاقتصادي، أطلق عليه “الورقة البيضاء”، تضمن مقترحات ورؤى، تمحورت حول ضغط النفقات التشغيلية وتعظيم موارد الدولة وتعزيز فرص الاستثمار ، إضافة إلى تخفيض رواتب وأجور الموظفين بنسبة تصل إلى 12.5% من الناتج الإجمالي.
واستبقت الورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة مطلع الأسبوع الماضي، تقديم ورقة اقتراض إلى مجلس النواب بقيمة 41 تريليون دينار لتغطية رواتب الموظفين. فيما عد برلمانيون تلك المبالغ بغير المنطقية مرجحين تمريرها بنسبة لا تتجاوز الـ15 تريليون.
وحذر مختصون من تداعيات الإقتراض التي تصل فوائدها إلى نحو 10 تريليون دينار في ظل دائنية كبيرة تطوق عنق الاقتصاد العراقي تصل إلى نحو 110 مليار دولار ما بين خارجي وداخلي .