بفضل الصين.. نجاة قطاع يشكل خُمس اقتصاد البرازيل من الفيروس

الحرب التجارية بين  بكين وواشنطن.. الطلب الصيني.. انهيار الريال، 3 عوامل ساهمت في انتعاش قطاع الزراعة البرازيلي، على عكس كل القطاعات الاقتصادية لهذا البلد الذي يرزح تحت تداعيات فيروس كورونا المستجد.

ويؤكد رودريجو بوزوبون أنه “ذاهب لتمضية إجازة في أوروبا بمجرد انتهاء وباء” كوفيد-19، فهذا المهندس الزراعي يحقق إيرادات كبيرة في ولايته ماتو جروسو في وسط البرازيل الغربي حيث تبدو المشاريع الزراعية الخاصة في وضع ممتاز هذا العام بفضل الطلب الصيني القوي.

وجاءت البرازيل في المركز الثاني من حيث عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد بعد الولايات المتحدة، مسجلة 107232 حالة وفاة وثلاثة ملايين و317096 حالة إصابة.

ويقود مسلكا ترابيا طويلا إلى مزرعة “جاسانا” التي يملكها رودريجو والممتدة على 2350 هكتارا في منطقة فيرا على بعد 60 كيلومترا من سوريسو المصنفة عاصمة المشاريع الزراعية الخاصة في البرازيل.

وتضم المنطقة 1,5 مليون هكتار من المحاصيل الزراعية (15 ألف كيلومتر مربع)، ما يوازي مساحة لبنان بمرة ونصف المرة على سبيل المقارنة.

وباتت حقول الصويا والذرة، المحورة وراثيا بمعظمها، جافة تماما حاليا، إذ انتهى الحصاد قبل أسابيع قليلة وبيعت المحاصيل إلى شركات تجارية كبرى في المنطقة، بينها “كارجيل” و”دريفس” و”كوفكو”. وتشكل الصين السوق الأبرز لهذه المنتجات، إذ استحوذت على 72,6% من المبيعات خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة.

المستثمر الزراعي رودريغو بوزوبون أمام حقل للصويا في مزرعته بولاية ماتو غروسو البرازيلية في 8 آب/أغسطس 2020

وإضافة إلى طلب الصين التي تؤمّن بهذه الطريقة الغذاء لدواجنها، وفّرت الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وانخفاض قيمة الريال البرازيلي بنسبة 25% في مقابل الدولار، دعما للمشاريع الزراعية الخاصة التي تشكل أكثر من خُمس إجمالي الناتج المحلي في البرازيل.

وسجلت صادرات الصويا، أبرز منتج تصدّره البرازيل، ازديادا بنسبة 36,3% لناحية الكمية و33,3% لجهة القيمة السوقية بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز الماضيين، مقارنة مع الفترة عينها من 2019. وصدرت البلاد ما يقرب من 70 طنا مقابل 23,8 مليار دولار.

ومن شأن هذا الارتفاع أن يتسبب بتراجع في مخزون الصويا في البرازيل، أكبر البلدان المصدّرة لهذه النبتة في العالم، إلى أدنى مستوياته التاريخية رغم المحاصيل القياسية هذه السنة.

ويأتي هذا الأداء الجيد ليتباين مع الوضع في باقي القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد الأكبر في أمريكا اللاتينية. ففي هذا العام، من المتوقع أن يشهد إجمالي الناتج الداخلي تراجعا تاريخيا بنسبة 6% بسبب وباء كوفيد-19، رغم نمو القطاع الزراعي بنسبة 2%، وفق معهد البحوث في الاقتصاد التطبيقي.

– تقلص غابات الأمازون

غير أن المشاريع الزراعية البرازيلية التي سجلت نموا كبيرا في صادراتها من لحوم المواشي (+32,3%)، تثير أيضا انتقادات بسبب الشبهات عن مسؤوليتها في قطع الأشجار في الأمازون، حيث تخطت رقعة إزالة الأحراج منذ مطلع 2020 المستويات القياسية في العام الماضي.

ويكفي التحليق فوق سوريسو أو فيرا أو سينوب، وهي من مراكز المشاريع الزراعية الخاصة أيضا في ماتو جروسو، لملاحظة انحسار رقعة الغابات الاستوائية. فمنذ وصول الرئيس اليميني المتشدد جايير بولسونارو المؤيد لفتح الأمازون على الأنشطة المنجمية والزراعية وتربية المواشي، إلى الحكم سنة 2019، بلغ التوتر بشأن إدارة هذه الغابات أوجه.

وشاركت عائلة رودريجو بوزوبون المتحدرة من إيطاليا، في حركة الهجرة في السبعينيات بين جنوب البرازيل وهذه المنطقة الزراعية الشاسعة الواقعة بين سهل سيرادو المركزي والأمازون.

ويرى هذا المزارع أنه من المستحيل زيادة الإنتاج الزراعي من دون القضاء على الغابات، على سبيل المثال من خلال تحويل ملايين الهكتارات التي أزيلت منها الأحراج إلى أراض مزروعة.

ويذكر بأن المزارعين اضطروا خلال السنوات الأخيرة إلى ترك 80% من أراضيهم الشاسعة على حالتها الطبيعية واستغلال ما لا يزيد عن 20% منها.

ويقول “في الماضي، أسأنا التصرف لأننا أزلنا الأحراج، وعمد أصحاب بعض المزارع إلى قطع مساحات من الأشجار أكثر من الحد المسموح به. لكن جرى تصحيح هذا الوضع واضطررنا لدفع تعويضات بيئية”، في إشارة إلى الغرامات التي استُخدمت لاحقا لتمويل حماية الغابات.

ورغم كونها محظورة قانونا، لا تزال تسجَّل حرائق يفتعلها مزارعون في المناطق التي قطعت فيها الأحراج من أجل زرع محاصيلهم أو استخدامها كمراع لمواشيهم، في منطقة الأمازون خلال موسم الجفاف الذي ينطلق في يوليو/تموز من كل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى