بينما يعم الصمت شوارع نيويورك.. مقابر المدينة تعج بالحركة والعمال يسابقون الزمن لدفن الموتى

بينما يعم صمت غريبٌ شوارع نيويورك التي حصد فيها فيروس كورونا حياة أكثر من 10 آلاف قتيل، فإن الوضع يختلف كلياً في مقابر المدينة، حيث تعج بالحركة؛ سيارات تصل حاملةً جثث الموتى، أكوامٌ من التراب ناجمة عن حفر المدافن، صف من اللافتات البيضاء المغروسة في الأرض مشيرةً إلى المقابر التي دُفن فيها أشخاص مؤخراً.

حسب تقرير لموقع ABC الأمريكي، الثلاثاء 21 أبريل/نيسان 2020، يسابق متعهدو الجنازات وعمال المقابر، وغيرهم من المسؤولين عن تنظيم المراسم الأخيرة لدفن الموتى، الزمن لاستيعاب أعداد القتلى المتزايد بسبب فيروس كورونا المستجد.

عمال دفن ضحايا فيروس كورونا/ رويترز

عمال دفن ضحايا فيروس كورونا/ رويترز

أغلب الوفيات بسبب كورونا: يمسك بلافكر، حاخام مقابر مونت ريتشموند في جزيرة ستاتين، بيديه المغطيتين بقفاز مطاطي قائمةً طويلة تحتوي على الجنازات التي يجب أن يشرف عليها خلال اليوم. في خانة الملاحظات بجانب كل اسم، كُتِبَ سبب الوفاة: “كوفيد”، “كوفيد”، “كوفيد”.

يتواصل تدفق عدد من الأشخاص الموكلة إليهم مهمة تحضير الجثامين في مونت ريتشموند لدفنها، فهم يغسّلون الجثامين وفقاً لتعاليم الدين اليهودي، ثم يضعونها في كفن أبيض.

تواجه الشركات المؤجِّرة لسيارات نقل الموتى إلى مثواهم الأخير صعوبة في تلبية طلبات التأجير المتزايدة، وهي جزء من سلسلة أزمات مشابهة، تشمل عدم وجود مساحات شاغرة في المدافن، التي ترفض طلبات الحجز من العائلات.

قال جيمس دونوفريو، متعهد جنازات ومسؤول عن تنظيم أعمال مقابر مونت ريتشموند: “شركات التوابيت ليست لديها توابيت!”.

عمل شاق ينتظر عمال الدفن: اشترت رابطة الدفن المجاني العبرية مخزوناً من التوابيت قبل أن تتداعى أزمة فيروس كورونا، وتحسَّبت للوضع بشراء أدوات وملابس لحماية العمال، وأكفان للموتى، وغيرها من الإمدادات.

تخشى إيمي كوبلو، التي تدير رابطة الدفن المجاني العبرية، من ألا يتمكن طاقم العمل من التعامل مع هذه الوتيرة المتسارعة لطلبات الدفن وجمع المال الكافي لتغطية التكاليف المتزايدة. لكنهم تعهدوا بمواصلة عملهم رغم الصعوبات.

اعتادوا دفن شخص واحد في اليوم. تقول إيمي إنه في “الأيام المزدحمة بالأعمال” كانت طلبات الدفن تصل إلى خمس حالات وفاة. لكنهم دفنوا 11 متوفياً في يومٍ واحد.

وأصبحت كثير من الجنازات خالية من المعزين وسط قيود الانتقال، وبقاء أفراد عائلة المتوفى في العزل؛ خشية أن تكون العدوى قد انتقلت إليهم. وعندما يحضرون، يُمنعون من التجمع عند المقابر، ويُسمح لهم فقط بالاستماع إلى مراسم دفن الجثمان، عبر الهاتف في سيارة مركونة على مسافة 50 قدماً.

مقابر جماعية: مع الارتفاع الجنوني في عدد الوفيات أصبحت المشارح عاجزة عن استيعاب هذه الأعداد، وأرسلت البلدية مشارح متنقلة إلى المستشفيات.

بدأ الحديث ينتشر عن أنه في حال استمرار أعداد الوفيات في الازدياد ستصبح المشارح المتنقلة أيضاً غير كافية، وسيتم الدفن في مقابر جماعية مؤقتة تضم عشرة أفراد بحدائق ومتنزهات نيويورك.

حيث نشرت رويترز، مساء الجمعة، نقلاً عن مسؤولين، أن الأشخاص المتوفين من جراء الإصابة بفيروس كورونا الذين لم يطالب بهم أحد، يتم دفنهم في مقابر جماعية لا تحمل علامات بجزيرة هارت في نيويورك، على يد عمال تم التعاقد معهم خصوصاً لهذه المهمة.

استخدمت سلطات نيويورك الموقع منذ 150 عاماً، لدفن الجثث المتروكة وتلك التي لم يطالب بها أحد، أو جثث سكان الولاية الذين لم يتمكن أقاربهم من تأمين تكلفة الجنازة والدفن لهم.

بينما قال متحدث باسم حكومة المدينة: “سنواصل استخدام الجزيرة على هذا النحو خلال الأزمة، ومن المرجح أن الأشخاص الذين توفوا بسبب كوفيد-19 وتنطبق عليهم الشروط سيُدفنون في الجزيرة خلال الأيام المقبلة”.

جزيرة هارت، التي يبلغ طولها ميلاً واحداً والواقعة في منطقة البرونكس، اشترتها المدينة من أحد مالكي الأراضي عام 1869، وحوَّلتها إلى مقبرة لدفن المجهولين والفقراء، وتعد واحدة من كبرى المقابر العامة في نيويورك، حيث دُفن نحو مليون جثة فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى