بين الخيبة والأمل.. كيف يرى اللبنانيون برلمانهم الجديد؟
وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 15 مايو/أيار الجاري، تراجع عدد مقاعد “حزب الله” (شيعي)، والتيار “الوطني الحر” (مسيحي ماروني)، وحلفائهما من 71 (في انتخابات 2018) إلى نحو 60، من إجمالي 128 مقعداً.
بينما توزعت المقاعد الـ68 الأخرى على قوى مختلفة، بعضها قريب من الرياض وواشنطن، وبعضها الآخر مستقل أو من قوى “التغيير”.
جاء ذلك رغم أن التوقعات لم تكن تشير إلى قدرة “قوى التغيير” على خرق الأحزاب التقليدية في البرلمان.
وفاز 15 مرشحاً من قوى التغيير، سبق وشاركوا في حراك 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، الذي طالب فيه المحتجون بإصلاحات اقتصادية واجتماعية، ورحيل ومحاسبة الطبقة السياسية، متّهمين إياها بالفساد.
بداية أمل
يأمل محمد (60 عاماً)، أن يكون دخول “قوى التغيير” إلى البرلمان “بداية لتحسين الوضع الاقتصادي والمالي بالبلاد، ومن أجل حياة أفضل”، قائلاً إن ما يعيشه الشعب “ليس حياة طبيعية”.
ومنذ أكثر من عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شح في الوقود والأدوية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
يتوافق كلام محمد، مع الشابة العشرينية تانيا، التي تعرب عن رضاها عن نتيجة الانتخابات البرلمانية.
وتوضح تانيا، للأناضول، أن “النتيجة تدل على أن التغيير بدأ، ولو بنسبة قليلة”.
وعبَّرت عن أملها أن “يكون حجم قوى التغيير أكبر في البرلمان المقبل، بعد 4 سنوات، وأن نشارك كشباب في الحياة السياسية بعيداً عن الأحزاب”.
خيبة أمل
بمقابل النظرة الإيجابية للبرلمان الجديد، برزت خيبة الأمل على وجه حمزة (55 عاماً)، وهو من البقاع (شرق)، بعد سؤالنا له عن رضاه، وعن رأيه بنتيجة الانتخابات.
ويقول حمزة، للأناضول، “لستُ راضياً عن النتيجة، فالطبقة السياسية نفسها عادت إلى البرلمان، وعدد الأحزاب لم ينخفض فيه، كما أن عدد المستقلين قليل”.
ويضيف أنه “فقدَ الأمل في الأشخاص الموجودين بالسلطة”.
واعتبر أن “لا تغيير سيحصل في ظل وجودهم (في السلطة)، ولن يتمّ بناء دولة معهم”.
ويوافق رجل ستيني، في حديث مع الأناضول -فضّل عدم ذكر اسمه- حمزة في عدم رضاه عن النتيجة.
ويشدد على أن دخول الأشخاص الجدد إلى البرلمان لن يغير أو يحسّن البلد، واصفاً لبنان بأنه “بلد ميّت”.
كما ترفض المرأة الخمسينية نجوى أن تُبدي رضاها أو عدمه عن قوى التغيير، التي دخلت البرلمان.
وقالت نجوى: “علينا أن نراقب عملهم، والأهم أن تكون لديهم روح وطنية للعمل لخير ومصلحة البلاد”.
مطالب كثيرة
في يونيو/حزيران 2021، وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بأنها “الأكثر حدة وقسوة في العالم”، وصنّفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سُجلت في التاريخ، منذ أواسط القرن التاسع عشر.
ويُجمع اللبنانيون على مطالبة البرلمان الجديد بأن يعيد لهم الحياة الآمنة والكريمة، إلى جانب حقوقهم الطبيعية.
ويريد محمد أن يعيش بأمان في بلده، قائلاً إن “وجود الأمن والأمان سيجذب الاستثمارات الخارجية، ويتحرك الاقتصاد وينمو”.
ومع تفاقُم الأزمة الاقتصادية في البلاد ارتفعت نسبة جرائم السرقة والقتل والخطف، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنةً بالفترة ذاتها من الأعوام الماضية، وفق دراسة نشرتها شركة “الدولية للمعلومات” (خاص)، في أبريل/نيسان الماضي.
وتقول تانيا: “إننا نتمنى أن نعيش بسلام، وأن تتوفر أبسط مطالب الحياة كالأدوية والاستشفاء”.
وبات معظم اللبنانيين عاجزين عن دفع كلفة الاستشفاء والطبابة، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي في بلادهم.
أما باسمة، السيدة الستينية، فدعت النواب إلى “التعاون معاً، وعدم الدخول في مناوشات وخلق مشاكل، وإلا فالبلاد ستُدمر أكثر”.
وتقول: “منطق الحرب لا يَصلح لبناء الدولة، وهذا ما تبيّن بعد تجربة الحرب الأهلية، لأن البلاد لا تُبنى إلا بتعاون كلّ الفرقاء فيما بينهم”.
واندلعت الحرب الأهلية في 1975، وقُدر عدد ضحاياها بـ150 ألف قتيل، و300 ألف جريح ومعاق، و17 ألف مفقود، فضلاً عن هجرة أكثر من مليون شخص، وخسائر مادية فاقت 100 مليار دولار.
بعد نحو 15 عاماً من اندلاعها وضعت الحرب أوزارها، عقب توافق النواب اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية، على اتفاق عُرف بـ”اتفاق الطائف”.
وكرّس اتفاق الطائف معادلة اقتسام السلطة على أساس المحاصصة الطائفية، فتوزعت المناصب الرئيسية بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيين والسنة والشيعة.
إذا ينقسم الشارع اللبناني بين من يأمل حصول تحسينات في البلد عقب انتخاب البرلمان الجديد، ومن لا يأمل ذلك، مع إجماع تامّ على طلب تحسين مستوى الحياة في البلاد.