“تحذير واضح لإسرائيل”.. ما حكاية طائرة إيران المُسيَّرة التي يبلغ مداها 7 آلاف كيلومتر وتثير قلق تل أبيب؟
كشفت إيران نهاية شهر مايو/أيار 2021، النقاب عن طائرة بدون طيار محلية الصنع أطلقت عليها اسم “غزة”؛ وذلك “تكريماً لكفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي”، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية في 27 يونيو/حزيران 2021، عن حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، قوله إنه “أصبح لدى إيران طائرات مسيّرة يبلغ مداها 7000 كيلومتر”، وذلك في تطور ربما تعتبره واشنطن تهديداً للاستقرار الإقليمي. وأضاف سلامي أن الطائرات المسيرة “بإمكانها التحليق والعودة (لقواعدها) والهبوط في أي مكان مقرر لها الهبوط فيه”، على حد تعبيره. فماذا يعني ذلك؟
الطائرات المسيرة الإيرانية الجديدة.. تحذير جليّ لإسرائيل
تقول صحيفة Jerusalem Post الإسرائيلية، إن كشف طهران عن الطائرة المُسيَّرة الجديدة التي يصل مداها إلى 7 آلاف كيلومتر، يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة وتحذيراً جلياً لإسرائيل.
وحتى لو لم تبلغ الطائرة المُسيَّرة مثل هذا المدى في رحلةٍ حقيقية (بسهولةٍ بما يكفي من طهران إلى العاصمة الأيسلندية ريكيافيك)، فإن “إيران تبعث بذلك رسالةً تحذيرية مفادها أنها تستطيع ضرب إسرائيل بهذه الطائرة، حيث يمكنها الطيران من إيران أو عبر اليمن أو سوريا فوق إسرائيل، ثم العودة إلى قاعدتها”.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إنه من غير الواضح ما إذا كانت مسافة 7 آلاف كيلومتر تشير إلى المدى الذي تبلغه الطائرة المُسيَّرة الإيرانية التي سميت “غزة” أو طائرةٍ أخرى.
ويُعَدُّ قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، اللواء أمير علي حاجي زادة، أحد الشخصيات الرئيسية وراء برنامج الطائرات المُسيَّرة والصواريخ.
أطول الطائرات المسيّرة الإيرانية في المدى
أفادت وكالة تسنيم بأن “قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي كان يعدِّد إنجازات البلاد في مجال التكنولوجيا والعلوم وطوَّرَ مجال الطيران أيضاً، قال إن لدينا اليوم طائراتٍ مُسيَّرة عريضة الحجم تتحرَّك ذهاباً وإياباً في مدى 7 آلاف كيلومتر وتهبط في أيِّ مكان تريده”.
وقال تقرير الوكالة الإيرانية إن طائرة غزة المُسيَّرة الجديدة تسمَّى “شاهد 149″، وهي أكبر من طائرة شاهد 129. وذكرت مجلة Newsweek الأمريكية في يناير/كانون الثاني الماضي أن إيران ربما تكون قد أرسلت طائرةً مُسيَّرة إلى اليمن بمقدورها أن تهدِّد إسرائيل. وفي مايو/أيَّار، كانت إيران وراء إطلاق طائرة مُسيَّرة من العراق عبر سوريا إلى المجال الجوي الإسرائيلي، وأسقطتها إسرائيل.
وبحسب اللواء حسين سلامي، يمكن لطائرة شاهد 149 الجديدة أن تحمل 13 قنبلة. وأفادت وكالة تسنيم أنه “حتى الآن كان مدى الطائرة المُسيَّرة شاهد 171، التي كانت “نسخةً” من الطائرة آر كيو-170 الأمريكية، هو 4.400 كيلومتر، وكانت أطول الطائرات المُسيَّرة الإيرانية في المدى الذي تبلغه”. وكانت إيران قد أسقطت طائرة آر كيو-170 الأمريكية، وهي طائرة تجسُّس مُسيَّرة، في عام 2011، وادَّعَت أنها فكَّكَت هندستها.
ما الذي يميز هذه الطائرة أيضاً ويقلق إسرائيل؟
من المفترض أن تتمكَّن الطائرة المُسيَّرة بعيدة المدى الجديدة من الإقلاع والهبوط، على عكس طائرات كاميكازي الإيرانية، التي بُرمِجَت على الطيران وضرب هدف مُحدَّد، على غرار صاروخ كروز.
وقالت مصادر إعلامية إيرانية إنه من الناحية النظرية يمكن برمجة هذه الطائرة المُسيَّرة الجديدة لتطير لمسافاتٍ طويلة ثم تهبط في مكانٍ آخر.
وقالت وكالة تسنيم: “في السنوات الأخيرة، قامت قواتنا المُسلَّحة، وخاصةً القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني، باستثماراتٍ مُكثَّفة في مجال الطائرات المُسيَّرة، وحقَّقَت إنجازاتٍ كبرى في هذا المجال”.
وذكر تقرير الوكالة الإيرانية أن إيران تفاخرت باستعراض الميليشيات الموالية لإيران بقدرات طائرات مُسيَّرة جديدة في العراق.
وأظهر استعراضٌ للميليشيات الموالية لإيران مؤخَّراً أنها لديها الآن مجموعةٌ مُتنوِّعة من الطائرات المُسيَّرة، بما في ذلك طائرة مهاجر 6 إيرانية الطراز. وأعلن الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن عن هجماتٍ جديدة بطائراتٍ مُسيَّرة على المملكة السعودية يوم السبت الماضي، 26 يونيو/حزيران، أيضاً، في سلسلة طويلة من الهجمات بالطائرات بدون طيار على المملكة.
قوة إيران الجوية
يقول محللون عسكريون غربيون إن إيران تضخم قدراتها أحياناً، غير أن الطائرات المسيرة تمثل عنصراً أساسياً في مراقبة الحدود الإيرانية، خاصة في مياه الخليج حول مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية.
كذلك تزايد اعتماد إيران وقوى إقليمية تدعمها على الطائرات المسيرة في اليمن وسوريا والعراق في السنوات الأخيرة. كانت إيران قد بدأت قبل عقدٍ من الزمان تسليح بعض مسيراتها بالصواريخ والقنابل، وكشفت منظمة صناعات الطيران الإيرانية في 2014 عن نسخة من مسيرة مهاجر، زعمت وسائل الإعلام الإيرانية أنها قادرة على إسقاط طائرات أخرى.
كذلك كشف تقرير نشرته شبكة Bloomberg الأمريكية، في يناير/كانون الثاني 2021، أن إيران قامت باختبار طائرة مسيَّرة بعيدة المدى وُصفت بـ”الانتحارية”.
ويُعد سلاح الجو الإيراني على الورق أحد أكبر الأسلحة الجوية في العالم، إذ يضم تشكيل قواته حوالي 350 طائرة مقاتلة، أي أكثر من ضعف عدد الطائرات المُقاتلة الموجود لدى سلاح الجو الملكي البريطاني، لكن معظمها قديم جداً وضعيف وغير محدث.
أمَّا الطائرات غير القديمة فهي مجرد نسخ جديدة من تصميمات قديمة، فأسراب القوات الجوية الإيرانية تضم مُقاتلات أمريكية من طراز F-14 وF-5 وF-4 يرجع تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي، ويمثل ذلك نقطة ضعف رئيسية في السلاح الجوي الإيراني.