تعديل على خريطة العالم.. آخر مستعمرة بريطانية في إفريقيا تعود لشعبها الأصلي، والأمم المتحدة تعترف بها
أكدت الأمانة العامة للأمم المتحدة إعادة أرخبيل تشاغوس، وهو آخر مستعمرة في إفريقيا خاضعة للسيادة البريطانية، إلى موريشيوس، بعد أن أشارت بشكل متعمد وبصراحة إلى انتهاء سيطرة لندن على الأرخبيل في خريطةٍ جديدة للمحيط الهندي أُصدرت بعد أشهر من تجاهل بريطانيا للموعد النهائي للأمم المتحدة للتنازل عن السيطرة، على الرغم من قرار محكمة العدل الدولية، العام الماضي، وجوب إعادة الجزر الصغيرة ذات الأهمية الاستراتيجية إلى موريشيوس التي كانت مستعمرةً بريطانية سابقاً.
وفق تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 24 يونيو/حزيران 2020، فقد أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة النتائج التي خلصت إليها المحكمة -بأغلبية 116 صوتاً ومعارضة ستة أصوات- ومنحت بريطانيا موعداً نهائياً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، للامتثال لقرار المحكمة.
أصل النزاع: تعود جذور النزاع إلى عام 1965، عندما فصلت بريطانيا جزر تشاغوس عن موريشيوس التي كانت مستعمرة بريطانية.
طرد مسؤول بريطاني سكان تشاغوس في ذلك الوقت، بدعوى أنهم “عدد قليل من الطرزانات أو الرجال المتوحشين”، وأُرسل نحو 1500 شخص غالباً إلى موريشيوس وسيشل، وهناك ناضلوا من أجل الاعتراف بهم. وجاء بعض سكان الجزر إلى بريطانيا.
أعارت المملكة المتحدة أكبر تلك الجزر، جزيرة دييغو غارسيا، إلى أمريكا لاستخدامها قاعدةً عسكريةً، ومنذ ذلك الحين، أصبحت تلك الجزيرة المرجانية الاستراتيجية، التي تقع على مسافة قريبة من شرق إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، لا غنى عنها بالنسبة للجيش الأمريكي، الذي يطلق عليها “the footprint of freedom” أي “بصمة الحرية”.
كما يُعتقد أن هذه القاعدة محطة لاعتراض الاتصالات الإلكترونية، وكانت منصة إطلاق لقاذفات القنابل B-52 ضد العراق وللحملات العسكرية في أفغانستان. وفي عام 2016 جرى تمديد تأجير القاعدة الجوية دون سداد إيجار، حتى عام 2036.
موقف بريطانيا: لا تعتبر بريطانيا قرار المحكمة أو قرار الأمم المتحدة مُلزِمَين لها، وما زالت مصرّةً على سيادتها على الجزر التي يعود تاريخها إلى العصر النابليوني.
قالت وزارة الخارجية البريطانية، إن الجزر ستبقى تحت سيطرة البريطانيين حتى “لا تعود هناك حاجة إليها لأغراض الدفاع”، مضيفة: “لم تكن السيادة لموريشيوس مطلقاً، ونحن لا نعترف بمزاعمها”.
تواصلت موريشيوس مع خرائط “World Atlas” وشركتي “Google” و”Apple”، لتحذو جميعها حذو الأمم المتحدة وتحدِّث منشوراتها ومنصاتها لوصف الجزر بأنها أراضٍ تابعة لموريشيوس وليس باعتبارها إقليم المحيط الهندي البريطاني.
العودة للديار: عرفت شوارع موريشيوس، في الفترة الأخيرة، عديداً من المظاهرات، لآلاف من الأشخاص، يطالبون الحكومة المحلة بالضغط على الأمم المتحدة وبريطانيا من أجل العودة إلى ديارهم الأصلية، وهي جزر تشاغوس.
ففي الفترة الممتدة ما بين سنتي 1968 و1974، قامت بريطانيا بترحيل آلاف من سكان الأرخبيل صوب موريشيوس وسيشل، في سياسة ممنهجة من أجل إفراغه من سكانه، وهي السيارة التي خلفت مآسي اجتماعية وإنسانية لدى آلاف من المهجرين، الذين وجدوا أنفسهم يعيشون في فقر مدقع وظروف اجتماعية صعبة.
بعد سنوات من هذه الحوادث، قدمت بريطانيا اعتذارها، كما اعتبر عديد من السياسيين في المنطقة أن ما قامت به يرضى على جرائم ضد الإنسانية.
تنوع بيئي وإنساني: موريشيوس تقع في المحيط الهندي قبالة الساحل الجنوبي الشرقي للقارة الإفريقية، وتعتبر أن الأرخبيل جزء من ترابها.
وفق إحصائيات سنة 2019، فإنَّ تعداد سكانها يقدَّر بنحو 1.3 مليون نسمة، كما أن المجتمع الموريشي يتميز بكونه متعدد الأعراق واللغات والديانات، إذ يوجد الهندوس إلى جانب المسيحيين والمسلمين، يتعايشون فيما بينهم.
يتميز هذا الأرخبيل بتنوعه الطبيعي وجزره الرائعة، التي تصل إلى 60 جزيرة، كما أنه يعتمد على الأسماك وجوز الهند في نسيجه الاقتصادي.
جدير ذكره، أن جزر المالديف، التي تبعد عن الأرخبيل بنحو 500 كم والهند، كانتا تطالبان أيضاً باستعادة بعض الجزر من الأرخبيل.