تفاصيل جديدة حول “اختطاف” ابنة حاكم دبي.. كشفتها تسجيلات سرية أرسلتها الشيخة لطيفة لأصدقائها
كشفت الشيخة لطيفة آل مكتوم، ابنة حاكم دبي عن تفاصيل جديدة بشأن احتجازها من قبل والدها من خلال رسائل مصورة سرية أرسلتها إلى أصدقائها تتهم فيها والدها بالاحتفاظ بها “رهينة”، وفق ما ذكره موقع هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” الثلاثاء 16 فبراير/شباط 2021.
وكانت الشيخة لطيفة (35 عاماً) أعلنت نيّتها الفرار من بلدها، في شريط فيديو نشر على يوتيوب في مارس/آذار 2018، وذلك بسبب ما قالت إنّه سوء معاملة تتعرّض لها من والدها. وعثر عليها لاحقاً في مركب قبالة السواحل الهندية، وتمّت إعادتها إلى دبي في إبريل/نيسان.
دعوات للتدخل من أجل تحرير الشيخة لطيفة
في التسجيلات التي حصلت عليها “بي بي سي” أوضحت الشيخة لطيفة أن عناصر من القوات الخاصة خدروها بينما كانت تحاول الهرب على ظهر زورق وأعادوها جواً إلى أحد المعتقلات.
فيما توقفت الرسائل السرية التي كانت تبعث بها لطيفة، ولذا يحث أصدقاؤها الأمم المتحدة على التدخل، مع العلم أن إمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة كانتا قد قالتا إنها بأمان وتتمتع برعاية أسرتها.
الموقع أوضح أن مقاطع الفيديو سُجلت على مدى عدة أشهر على هاتف أعطي إلى لطيفة سراً بعد حوالي عام من إعادتها إلى دبي. وقد سجلتها في الحمام لأنه كان المكان الوحيد الذي يمكنها قفله.
بينما تقول مبعوثة الأمم المتحدة السابقة لحقوق الإنسان، ميري روبنسون، التي كانت قد وصفت الشيخة لطيفة سابقاً بأنها “شابة مضطربة” بعد أن التقت بها في عام 2018، إن “أسرة الشيخة لطيفة خدعتها بشكل مروع”.
ضمت روبنسون، المفوضة الأممية السامية السابقة لحقوق الإنسان، ورئيسة الدولة الإيرلندية السابقة، صوتها إلى الأصوات الداعية لتحرك دولي يهدف إلى التعرف على وضع لطيفة الحالي ومكان احتجازها.
قالت روبنسون: “أشعر بقلق إزاء مصير لطيفة. لقد مر كثير من الوقت، ولذا أعتقد أن الموضوع يجب أن يخضع لتحقيق”.
يذكر أن والد الشيخة لطيفة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، يعدّ من أكثر رؤساء دول العالم ثراءً.
ماذا جاء في الرسائل الجديدة؟
الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي قالت إنها قاومت الجنود الذين أخرجوها من القارب و”ركلت وضربت وعضت” ذراع أحد الحراس الإماراتيين حتى صرخ، وبعد إعطائها مهدئاً فقدت وعيها أثناء نقلها على متن طائرة خاصة، ولم تستيقظ إلى أن وصلت إلى دبي.
كما أوضحت أن الشيخة لطيفة احتُجرت بمفردها دون الحصول على مساعدة طبية أو قانونية في فيلا ذات نوافذ وأبواب محكمة الإغلاق وتحرسها الشرطة.
بينما كشفت صديقة لطيفة المقربة، تينا جوهيانين، وابن خالتها ماركوس الصبري والناشط ديفيد هاي، تفاصيل القبض عليها واحتجازها لبرنامج بانوراما. والثلاثة من الداعمين الأقوياء لحملة “أطلقوا سراح لطيفة”.
يقول هؤلاء إنهم اتخذوا القرار الصعب بنشر رسائل لطيفة الآن لقلقهم على سلامتها. وكان هؤلاء الثلاثة هم الذين تمكنوا من الاتصال بلطيفة أثناء احتجازها في “فيلا” في دبي تقول إن شبابيكها مغلقة بقضبان وتخضع لحراسة الشرطة.
تفاصيل محاولة الفرار الفاشلة
قبل ثلاثة أعوام، وضعت الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي مع صديقتها المقربة تينا جوهياينن خطة الفرار من قبضة والدها بعد التردد على عدة أماكن منزوية بمركز تسوق ضخم في دبي، وقد كانت خطتهما مثل حبكة درامية في فيلم سينمائي.
إذ تخفت الأميرة الشيخة لطيفة وفرت هي وصديقتها من دبي بسيارة صوب الساحل واستقلتا قارباً ثم دراجة مائية (جيت سكي) صوب قارب آخر كان منتظراً لتهرب به، لكن محاولة الهرب باءت بالفشل في نهاية المطاف عندما اعتقلتهما مجموعة من القوات الخاصة قبالة ساحل الهند وأعادتهما إلى دبي.
هذه التفاصيل باتت أكثر وضوحاً بعد نشر حكم قاضي بريطاني، الخميس 5 مارس/آذار 2020، أكد أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي خطف لطيفة مثلما فعل مع أختها الكبرى شمسة التي اختطفها من إنجلترا قبل نحو عقدين وعاملها بطريقة غير إنسانية.
قال القاضي آندرو ماكفارلاين في حكمه: “في التقييم العام للأدلة المتعلقة بلطيفة أعتبر الدليل الذي قدمته تينا جوهياينن ذا أهمية استثنائية”، ووصفها بأنها “شخصية مثيرة للإعجاب بشكل عام”.
قالت جوهياينن لرويترز في مقابلة في لندن في أواخر يناير/كانون الثاني: “آخر مرة (رأيتها) كانت تقاوم وتصرخ وتم جرها من على القارب. تم تجاهل كل توسلاتها للجوء”، وقد أدلت جوهياينن بإفادتها كشاهدة في القضية ومثلت لفترة وجيزة أمام المحكمة في لندن لتؤكد أن ذلك صحيح.
كانت مدربة اللياقة البدنية تينا جوهياينن قد التقت لطيفة للمرة الأولى في أواخر عام 2010 عندما بدأت في إعطائها دروساً في الكابويرا، وهو أحد الفنون القتالية، خمس مرات في الأسبوع، ثم أصبحتا صديقتين مقربتين لكنها قالت إن لطيفة كانت هادئة وانطوائية.
وضعها مؤلف كتاب “الفرار من دبي”
في صيف 2017 قالت لطيفة لصديقتها جوهياينن إنها لم يسمح لها بمغادرة دبي منذ 2000 وليس لديها جواز سفر وطلبت منها مساعدتها في محاولة مغادرة البلاد مرة أخرى.
كانت لطيفة قد قرأت كتاب “الفرار من دبي” الذي كتبه الضابط السابق في البحرية الفرنسية والجاسوس هيرفي جوبير قبل سنوات، وأرادت التواصل معه، لذلك ذهبت جوهياينن للفلبين والتقت جوبير وبدأ الثلاثة في التخطيط لفرار لطيفة. وبالنسبة للمرأتين فهذا يعني الكثير من اللقاءات السرية في “دبي مول” أحد أكبر مراكز التسوق في العالم.
إذ قالت جوهياينن: “كنا نلتقي في ركن معزول ونغلق هاتفينا. وبالتالي كنا نتخذ كل الاحتياطات”، وأضافت أن لطيفة كانت تغير بريدها الإلكتروني بشكل متكرر لتتجنب الرصد. وتابعت قائلة: “كان الأمر مخيفاً إلى حد ما ولم نكن نرغب في أن يصل حديثنا لمسامع أحد أو يتبعنا أحد أو أي شيء من هذا القبيل”.
من جهته، قال الكاتب جوبير لرويترز إنه خطط مع لطيفة لهروبها، وبالتالي طلب من جوهياينن مقابلته في الفلبين في 6 أو 7 مناسبات لتدريبها على تنفيذ خطة الهروب، وبعد ستة أشهر كانوا مستعدين لتنفيذ الخطة. وفي 24 فبراير/شباط 2018 أوصل السائق لطيفة لمقهى في وسط دبي حيث كانت تلتقي جوهياينن بانتظام لتناول طعام الإفطار.
داخل المقهى، ذهبت للحمام لتغيير ملابسها وتخلصت من هاتفها المحمول وبدأت الصديقتان رحلة بالسيارة استغرقت ست ساعات من دبي عبر سلطنة عمان وإلى عاصمتها مسقط.
قالت جوهياينن: “لم أنم لليلتين قبل يوم الهرب.. لطيفة كانت جالسة بجواري في المقعد الأمامي.. لم يكُن قد سبق لها الجلوس في المقعد الأمامي لسيارة من قبل وكانت متحمسة وسعيدة”.
في مسقط، التقيتا بصديق لجوهياينن واستقلتا قارباً وهما تمسكان بالحافة في ظروف عاصفة للوصول للمياه الدولية حيث استقلتا الدراجة المائية وصعدتا على متن القارب نوسترومو الذي يرفع العلم الأمريكي.
عملية للقوات الخاصة أفشلت كل شيء
توجهت المرأتان إلى الساحل الغربي للهند، حيث كانت لطيفة تأمل أن تكمل الرحلة إلى الولايات المتحدة لطلب اللجوء، لكن في الرابع من مارس/آذار اعترضتهما وحدات من القوات الخاصة الهندية والإماراتية وفقاً لما ترويه جوهياينن.
إذ قالت: “أحاطت بنا قوارب خفر السواحل الهندي وكانت هناك طائرات هليكوبتر وطائرات وامتلأ القارب عن آخره بالدخان.. نهبوا القارب وضربوا الطاقم. واختُطفت لطيفة وهي تقاوم وتصرخ كما اختطف بقيتنا أيضاً ونقلنا للإمارات”.
فيما قال جوبير إنه كان يقود القارب وشهد المداهمة. وأضاف أن القوات الخاصة في البحرية الهندية هاجمتهم وأخذ ضابط إماراتي لطيفة من على متن القارب. وقال إنه تعرض للضرب لمدة 45 دقيقة لكنه لم يحدد من الذي قام بذلك.
من يومها، لم ترَ جوهياينن لطيفة مرة أخرى. وفي دبي قالت إنها تعرضت للتهديد ووضعت في الحبس الانفرادي وخضعت للاستجواب. ولم تحدد المكان والأشخاص، لكنها قالت: “قيل لي إني طعنت حاكم دبي في ظهره بمساعدة ابنته على الهرب”.
ثم بعد ثلاثة أسابيع من إعادتها لدبي أفرجت السلطات عن جوهياينن وغادرت. وقالت جوهياينن إنه على الرغم من أنها عاشت في دبي لمدة 17 عاماً، إلا أن من يعرفونها هناك قطعوا التواصل معها.
فيما تابعت قائلة إن أغلب من يزورون دبي لا يعلمون حقيقة الوضع في البلد ويعيشون في فقاعة لا يرون منها سوى الشمس والبحر ومراكز التسوق، وأضافت: “إذا كان الحبس هو مصير ابنتي الحاكم لمجرد رغبتهما في نيل الحرية، فماذا عن باقي الناس هناك؟”.