تفاصيل خطة بينيت بشأن المسجد الأقصى.. هكذا يسعى إلى تحقيق الهدف الذي فشل فيه معلمه نتنياهو
وكان لافتاً، التصريح الخطير الذي أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت. كان بينيت صرح في بيان أمس الأحد أن حرية العبادة مكفولة بالكامل لليهود كما المسلمين في المسجد الأقصى شرق مدينة القدس، في محاولة لتطبيع الاقتحامات التي ينفذها المستوطنون للمسجد، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني للمسجد كما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل، أي تصبح هناك أوقات وأماكن في المسجد مخصصة لليهود.
خطة بينيت للمسجد الأقصى
ووفق بيان صادر عن دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فإن قرابة 1200 مستوطن اقتحموا أمس الأحد المسجد الأقصى، ثم اقتحم عشرات المستوطنين، الإثنين 19 يوليو/تموز 2021، صبيحة يوم عرفة، ساحات المسجد الأقصى بحراسة مشددة لقوات الاحتلال التي واصلت نشر قوات معززة في محيط المسجد وأزقة البلدة القديمة، ومنعت مئات الفلسطينيين من الوصول إليه للصلاة منذ الفجر.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية الاقتحامات التي نفذها مئات المستوطنين الإسرائيليين لباحات المسجد الأقصى المبارك أمس الأحد، انتهاكاً خطيراً لقبلة المسلمين الأولى؛ يستهدف فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد.
وقالت الرئاسة الفلسطينية أمس الأحد إن تصريحات رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت بشأن المسجد الأقصى في شرق القدس “تدفع نحو صراع ديني خطير”.
ورأت أن هذه التصريحات “تصعيد يدفع نحو صراع ديني خطير، تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية، باعتبارها تضع العراقيل أمام الجهود الدولية، خاصة أن هذا الاستفزاز يتم عشية الاحتفال بعيد الأضحى” الذي يحتفل به المسلمون بعد غد.
ودعت الرئاسة إلى الحفاظ على الوضع التاريخي في الحرم القدسي الشريف، معتبرة أن هذه التصريحات تشكل “تحدياً للمجتمع الدولي، بما فيها الموقف الرسمي الأمريكي الذي أبلغنا به الداعي للحفاظ على الوضع التاريخي في الحرم القدسي”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قد سمح بسلسلة من الانتهاكات والاستفزازات بحق القدس والمسجد الأقصى، وكان الهدف الواضح لها، هو محاولة خلق وضع جديد يتضمن التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، كما حدث في الحرم الإبراهيمي، ولكن ما حدث أن حركة حماس حذرته من هذه الممارسات وخاصة مسيرة الأعلام التي ينفذها المستوطنون في القدس، وعندما لم تستجب إسرائيل قصف حماس القدس أثناء المسيرة مما أدى إلى انفضاضها ونشبت حرب مدمرة، شهدت تدميراً واسع النطاق لغزة، ولكن أيضاً أدت إلى شل الحياة في إسرائيل عبر صواريخ المقاومة وطائراتها المسيرة.
ولم تؤد كل هذه الممارسات إلى بقاء نتنياهو في الحكم، كما يتمنى، بل استؤنفت مفاوضات تشكيل الحكومة الإسرائيلية فور وقف الحرب بما في ذلك مشاركة حزب عربي لأول مرة في الحكومة وهو الحركة الإسلامية الجنوبية.
تحذير من القائمة العربية الشريكة في ائتلاف بينيت
وحذرت الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر “الشطر الجنوبي” والقائمة العربية الموحدة التي تقودها الحركة والشريكة في الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل من أن اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى يمكن أن تقود إلى حرب دينية بالمنطقة.
وقالت الحركة والقائمة في بيان مشترك، الأحد، إنهما لن تقبلا بسماح السلطات الإسرائيلية للمستوطنين وشخصيات ونواب في الكنيست “البرلمان” باقتحام الأقصى وأداء صلوات تلمودية وطقوس دينية وقراءة النشيد الوطني الإسرائيلي “هتكفا” في باحات المسجد، حسب القناة “12” الإسرائيلية الخاصة.
والقائمة الموحدة يقودها منصور عباس، وهي شريك في الائتلاف الحكومي الذي يقوده نفتالي بينيت، ولديها 4 مقاعد بالكنيست الـ120.
بينيت يتراجع
وأفادت تقارير بأنه بعد ردود الفعل الواسعة محلياً وعربياً وعالمياً تراجع رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت عن تصريحه حول “حق العبادة لليهود في الأقصى”.
وفي إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أكد مكتب بينيت أن الحديث عن “حرية عبادة لليهود” في الأقصى، كان اختياراً خاطئاً للكلمات، و”ليس في نية الحكومة تغيير الوضع الراهن” في الأقصى. “حيث يمكن لليهود ‘الصعود’ (الزيارة – تنفيذ عمليات اقتحام بحماية شرطة الاحتلال) ولكن حرية العبادة مقصورة على المسلمين فقط”.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد سقوط القدس في يد جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، امتنعت إسرائيل عن السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى.
لكن في الأشهر الأخيرة، بدأت السلطات الإسرائيلية تسمح لبعض الصلوات اليهودية في الأقصى، في حين أنه في الماضي، كانت الشرطة تقوم بإخراج الزوار اليهود من المجمع لمجرد تمتمة بضع كلمات عبادة، حسب موقع تايمز أوف إسرائيل.
يوم الأحد، اقتحم نحو 1700 زائر يهودي الحرم القدسي، في أجواء متوترة شهدت اشتباكات صباحية بين محتجين فلسطينيين في الأقصى والشرطة الإسرائيلية، تبعتها إدانات صدرت عن الأردن ومصر وتركيا والشريك العربي في الحكومة الإسرائيلية، “القائمة العربية الموحدة”.
بعد ظهر الأحد، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بياناً شكر فيه سلطات الأمن “على إدارة الأحداث في المسجد الأقصى بما وصفه بمسؤولية واهتمام، مع الحفاظ على حرية العبادة لليهود”. كما أكد رئيس الوزراء أن حرية العبادة في المسجد الأقصى “جبل الهيكل”، حسب تعبيره، “سيتم الحفاظ عليها بالكامل للمسلمين أيضاً، الذين سيحتفلون قريباً بصوم يوم عرفة وعيد الأضحى”.
هل تراجع بينيت خوفاً من سقوط الحكومة؟
لا يمكن معرفة هل تراجع بينيت عن مساعيه للتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، وهل خاف من انسحاب القائمة العربية الموحدة مما قد يؤدي إلى سقوط حكومته.
ولكن يجب تذكر أن الرجل تلميذ لنتنياهو وبنى تاريخه كسياسي يميني متطرف حليف للمستوطنين.
ولدى الائتلاف الذي يشكل الحكومة الإسرائيلية الذي يضم يمينيين دينيين متطرفين وقوميين ويساريين ووسطيين وليبراليين وعرباً 61 مقعداً من 120 مقعداً في الكنيست مما يجعله ائتلافاً هشاً، يمكن أن ينهار في حال انسحاب أي حزب.
وسبق أن هددت القانمة الموحدة بعدم التصويت للحكومة التي هي شريك بها وألمحت إلى إسقاطها، وقال عضو الكنيست عن “القائمة الموحدة”، مازن غنايم، في 11 يوليو/تموز 2021، إن أي هجوم محتمل تشنه إسرائيل على قطاع غزة سيقود لاستقالة حزبه من الحكومة.
ولكن أظهر استطلاع جديد أنه في حال إجراء انتخابات جديدة الآن، فإن الائتلاف الحكوميّ، سيرتفع بمقعدين إضافيين وسيفوز بأغلبيّة 63 مقعداً من مجموع 120، حسبما ذكر تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية في 14 يوليو/تموز 2021.
ويبين الاستطلاع، الذي أجري بمناسبة مرور شهر واحد على تسلم الائتلاف الحكم، أن أحزاب الائتلاف ستحظى بالنتائج التالية: حزب “يش عتيد” (يوجد مستقبل) برئاسة وزير الخارجية ورئيس الحكومة البديل، يائير لبيد سيرتفع من 17 إلى 19 مقعداً، حزب “كحول لفان”، برئاسة وزير الأمن، بيني غانتس، سيحافظ على قوته 8 مقاعد، حزب العمل، برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، وحزب “يمينا”، برئاسة رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، سيرتفعان من 7 إلى ثمانية مقاعد لكلّ منهما. وحزب “يسرائيل بيتينو”، برئاسة وزير المالية أفيغدور ليبرمان، سيحافظ على قوته 7 مقاعد. وحزب “تكفا حدشا” (أمل جديد) برئاسة وزير القضاء، غدعون ساعر، سيهبط من 6 إلى 5 مقاعد. أما حزب ميرتس اليساري، برئاسة وزير الصحة نتسان هوروفتش، فسيهبط من 6 إلى 4 مقاعد، فيما تحافظ القائمة العربية الموحّدة (الحركة الإسلامية الجنوبية)، برئاسة النائب منصور عباس، على قوتها 4 مقاعد. المجموع: 63 مقعداً، بدلاً من 61 مقعداً اليوم تشمل نائبين متمردين، أحدهما من حزب بينيت والثاني من حزب ليبرمان.
ويعني هذا الاستطلاع أن الكتلة اليمينية في الحكومة ازدادت قوة، كما أن اعتماد الائتلاف على أصوات القائمة العربية الموحدة قد تراجع، فوفقاً لهذا الاستطلاع في حال انسحاب القائمة العربية الموحدة من الحكومة فسيحتاج بينيت إلى صوت واحد إضافة لتشكيل حكومة جديدة، عكس الحكومة الحالية التي كان ينقصها أربعة أصوات، وفَّرتها القائمة العربية.
وقد يعني استمرار بينيت في السلطة ازدياد قوته، مما يجعله قد لا يحتاج إلى مقاعد القائمة العربية الموحدة، إذا جذب مزيداً من مقاعد اليمين أو حتى أصواتهم عبر انتخابات تشريعة جديدة، بالتالي قد نشهد ساعتها محاولة لتحقيق خطة بينيت للمسجد الأقصى.