تنظيم “قسد” يغلق 2154 مدرسة سورية في الحسكة ويمنح بعضها للجيش الأمريكي
مع استمرار رفض سكان الحسكة تدريس أبنائهم المناهج “الكردية”، بلغ عدد المدارس السورية التي أغلقها تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي في المحافظة 2154 مدرسة تدرس اللغة العربية، ما أدى لحرمان عشرات آلاف الطلاب من التعليم.
وتحوّل سعي الطلاب في محافظة الحسكة للحصول على التعليم الحكومي إلى مهمة شاقة ونضال يومي جراء المسافات والصعوبات التي يقطعونها للوصول إلى مدارسهم، كما شكل ضغطا هائلا على المدارس القليلة المتبقية في مناطق سيطرة الجيش السوري في المحافظة.
وعلى نهج تنظيم “داعش” الإرهابي في شرق الفرات، أغلقت “قسد” الموالية للجيش الأمريكي عددا كبيرا من المدارس الثانوية بداية العام الدراسي الحالي، وذلك بعد إغلاق التنظيم جميع مدارس المرحلتين الابتدائية والإعدادية بسبب رفض الأهالي لمناهجه، ما شكل ضغطا كبيرا على المجمعات التعليمية السورية في مدينتي الحسكة والقامشلي.
إغلاق المدارس بقوة السلاح
قال مصدر صحفي من محافظة الحسكة إن تنظيم “قسد” أغلق بقوة السلاح قبل أيام مباني الثانويات السورية العامة بشكل كامل في مدينة رأس العين (شمالي الحسكة) وعددها ثلاث ثانويات، بالإضافة لإغلاق المعهد النسوي المهني في حي الكلاسة والمعهد الصناعي في مدينة الحسكة، وقد قام التنظيم بتحويل جميع هذه المدارس إلى مقرات عسكرية للتنظيم وللجيش لافتاً إلى أن التنظيم الذي بات بمثابة ذراع محلي للجيش الأمريكي في سوريا، منع تدريس المناهج الحكومية للصف الحادي عشر ثانوي بعد منع طلاب الصف العاشر السنة الماضية في الثانويات العامة في المناطق الأخرى من المحافظة.
وأضاف مصدر حكومي سوري أن عدد المدارس المغلقة من قبل تنظيم “قسد” وصل إلى 2154 مدرسة من جميع المراحل في مختلف أنحاء الحسكة من أصل 2423 مدرسة، في حين لا تزال هناك عشرات المدارس المدمرة بفعل قصف طيران التحالف الأمريكي خلال السنوات الأخيرة.
ضغط شديد على المدارس الحكومية
وأشار المصدر الصحفي إلى أن مديرية التربية الحكومية في الحسكة تعمل على إيجاد حلول سريعة وآنية لاستيعاب جميع الطلاب من كافة المناطق ضمن التجمعات التعليمية بمدينتي الحسكة و القامشلي في مناطق سيطرة الجيش العربي السوري.
ونقل عن مصدر في مديرية تربية الحسكة قوله: إن أعداد الطلاب ضمن التجمعات التعليمة في مدينتي الحسكة والقامشلي وصلت إلى أكثر من 104 ألاف يتم استيعابهم جميعاً ضمن 16 تجمعاً تعليميا، ثمانية منها في مدينة الحسكة وثمانية أخرى في مدينة القامشلي، حيث يضم كل تجمع ثمانية إلى تسعة مدارس، مشيراً إلى أنه يتم توزيع الطلاب والتلاميذ على فترتي دوام صباحية ومسائية، حيث يصل عدد طلاب الشعبة الصفية الواحدة إلى أكثر من 100 طالب، بالرغم من تأمين عدد من المباني الحكومية الأخرى وتحويلها لمدارس للحلقة الأولى.
مدارس مسبقة الصنع
وأضاف المصدر أنه “وكحل إسعافي” قامت مديرية تربية الحسكة بتركيب 122 غرفة مسبقة الصنع في عدد من مدارس مدينتي الحسكة والقامشلي، بهدف تخفيف الضغط على الشعب الصفيّة في التجمعات المدرسية التي تشهد إقبالاً كبيراً من التلاميذ القادمين من مختلف المناطق وذلك بهدف استيعاب 20 ألف طالب وطالبة فيها، ولاستقبال جميع الطلاب والتلاميذ المدارس الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية في مدينتي الحسكة والقامشلي ومن كافة المراحل التعليمية.
مدارس منزلية في الريف
وأوضح المصدر في تربية الحسكة أن بعض أهالي أرياف محافظة الحسكة تنازلوا العام الماضي عن عشرة منازل لصالح مديرية التربية في الحسكة لاستخدامها كمدارس مؤقتة “منزلية”، حيث ارتفع عدد هذا النوع من المدارس إلى أكثر من 47 مدرسة هذا العام ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم “قسد” مثل الشدادي ورأس العين وعامواد وأبو راسين وتل تمر والقحطانية والمالكية والقامشلي والدرباسية، حيث قامت مديرية التربية بتعين كادر تعليمي وإداري لها من ضمن الملاك التربوي الحكومي، “وهي خطوة مهمة من قبل الأهالي تعبر عن رفضهم سياسة هذه التنظيم وتأكيدهم على استمرار أبنائهم في دراسة مناهج وزارة التربية السورية، وبالرغم من أن الآلاف من الطلاب والتلاميذ يقطعون مسافات تصل إلى أكثر من 50 كم للوصول إلى مدارسهم في مدينتي الحسكة والقامشلي.
الدراجات النارية والشاحنات لنقل الطلاب
ونتيجة التغير الكبير في خارطة المدارس، يلجأ الكثير من أولياء أمور الطلاب إلى نقل أبنائهم من الأحياء المنتشرة في مدينة الحسكة إلى المدارس السورية وسط مدينة الحسكة عبر الدرجات النارية والسيارات الشاحنة الصغيرة والكبيرة، وذلك لقلة وسائط النقل العامة وللازدحام الشديد الذي تعاني منه أصلاً شوارع مركز مدينة الحسكة خصوصا عند الانصراف والقدوم إلى المدارس.
وتقول أم علي، وهي من سكان حي الناصرة بمدينة الحسكة بأنها اضطرت هذه العام لدفع مبلغ 5000 ل.س لكل واحد من أبنائها الثلاثة، لصاحب سيارة “الفوكس” الذي يقوم بنقلهم إلى مدارسهم الحكومية، مضيفة بان هناك مئات الطلاب والتلاميذ يأتون من مناطق ريفية بعيدة حيث يدفع أهليهم أكثر من 20 ألف ليرة سورية شهرياً لكل تلميذ لإيصالهم لمدارسهم عبر وسائل النقل الخاصة، وكل هذا، بحسب “أم علي”، يعود لتعنت تنظيم “قسد” في إغلاق مدارس أطفالنا وحرمانهم من التعليم، مؤكدة بأن “هذا لن يتحقق أبداً لأننا مصرون على تعليم اطفالنا منهاج وكتب الدولة السورية”.
بدوره قام أبو خالد، وهو من أحد سكان حي غويران بمدينة الحسكة، قام بتحويل شاحنته الكبيرة إلى وسيلة نقل تلاميذ وطلاب الحي، حيث عمد إلى إغلاقها بشوادر قماشية من الأعلى لحماية الأطفال من الشمس والمطر ليقوم بنقل إعداد كبيرة منهم يومياً إلى للمدارس الحكومية وسط المدينة وبأجرة مالية اقل من الوسائل الأخرى.
أما أهالي أحياء النشوة الشرقية والغربية والليلية، فقد استعانوا بالدرجات النارية والشاحنات الصغيرة (سوزكي) لنقل أبنائهم الصغار بطريقة لا تخلو من المخاطرة بتعرضهم للحوادث إضافة وللإصابات المرضية نتيجة الشمس والبرد.
في حين يضطر أهالي المناطق الريفية بالقدوم مع أبنائهم منذ الصباح الباكر لجلبهم إلى مدارسهم والبقاء لساعات أمام مدارسهم لانتظارهم وقت الانصراف وإعادتهم للمنازل في القرى كما هو حال إحدى سكان قرية الفلاحة التي تنتظر أبنائها لساعات طويلة أمام المدرسة.
أكراد الحسكة يتمسكون بالمناهج السورية
وأوضح المصدر أن المدارس السورية تشهد هذا العام إقبالا لافتاً من التلاميذ والطلاب الأكراد بشكل خاص ومن بينهم أبناء قياديين وموظفين في ما يسمى “مؤسسات الإدارة الذاتية الكردية” رغم إصدار تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي، قراراً يمنع فيه أبناء موظفي ومسؤولي ما يسمى “الإدارة الذاتية الكردية” من الالتحاق بالمدارس السورية في مدينتي الحسكة والقامشلي تحت طائلة العقوبات التي تصل إلى الفصل والغرامات المالية الكبيرة، موضحاً أن هذه القرارات جاءت بعد تدني أعداد الطلاب الذين التحقوا بالمدارس التي تعتمد مناهج ” الإدارة الكردية ” وتوجه الآلاف من الطلاب والتلاميذ إلى المدارس الحكومية رغم قلة عددها ورغم معاناتها من الازدحام الشديد.
مناهج مؤدلجة
وأوضح المصدر أن تنظيم ” قسد” الذي ينفذ أجندات الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة شرق الفرات بدأ منذ أعوام بفرض مناهجه المطبوعة باللغات الكردية والسريانية والعربية والتي تحمل إيديولوجيا وأفكار “حزب العمال الكردستاني” وفرض هذه المناهج على مدارس شرق الفرات التي تضم جميع مكونات شعب منطقة الجزيرة السورية المعروفة بتنوعها، وذلك بعد منعه تدريس المناهج الحكومية، إلا أن رفض الأهالي لهذه المناهج وخروجهم بمظاهرات منددة بهذه السياسات دفع التنظيم الانفصالي إلى اعتماد سياسة إغلاق المدارس، حيث أغلق حتى اليوم المدارس التي أكثر من 90% من إجمالي مدارس المحافظة.