توابع “فضيحة القرن”… صحف سويسرية تحذر من تدمير أمريكا لحياديتها
اهتمت الصحف السويسرية بالحديث والتعليق على ما وصف بأنه “فضيحة القرن” من استغلال الاستخبارات الأمريكية والألمانية لسويسرا، لتكن منصة تجسس على أكثر من 120 دولة حول العالم طوال نصف قرن من الزمان.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية والشبكة الألمانية “زد دي إف”، قد نشرتا تحقيقا استقصائيا مشتركا، حول امتلاك الاستخبارات الأمريكية والاستخبارات الألمانية الغربية، شركة “كرايبتو” السويسرية للتشفير، بصورة سرية في الفترة ما بين 1970 وحتى 1993، واحتفظت الاستخبارات الأمريكية بمليكتها حتى عام 2018، تاريخ تصفية الشركة بصورة نهائية.
وأخفت الاستخبارات الأمريكية والألمانية هويات المساهمين في الشركة عن العامة، بموجب قوانين “ليختنشتاين”، التي تحظر الكشف عن أسماء المساهمين في مجال الأعمال للحفاظ على خصوصية وحياد سويسرا.
وتأسست تلك الشركة عام 1952، وكانت متخصصة في بيع المعدات المتطورة للحكومات في جميع أنحاء العالم، لكن تم اكتشاف أن كل تلك المعدات كانت تحمل أجهزة تجسس دقيقة، تسمح للشركة وعملاء الاستخبارات باختراق الملايين من المواقع حول العالم.
من بين عملاء “كرايبتو” الشهيرين، دول كبرى مثل إيران والهند وباكستان والفاتيكان وأمريكا اللاتينية.
كما أعلنت سويسرا أنها ستفتح تحقيقا في مزاعم التجسس تلك.
من جانبها، قالت “واشنطن بوست” إن منتجات “كرايبتو” لا تزال تستخدم في أكثر من 12 دولة حول العالم حتى الآن.
ورفضت الاستخبارات الأمريكية أو الاستخبارات الألمانية التعليق على تلك التقارير.
ونشرت إذاعة “سويس إنفو” السويسرية الرسمية تقريرا بشأن ما نشرته الصحافة السويسرية، حين قالت إن صحيفتي “24 ساعة” و”تريبون دو جينفرابت” السويسريتين افتتاحيتين تحدثتا فيهما عن “الجاسوس الذي تساهلت سويسرا معهما”، مشيرة إلى أن الشركة المذكورة في التقرير، غضت السلطات الطرف عنها، تحت اسم “الحياد”.
كما نشرت صحيفتا “در بوند” و”تاغس أنتسايغررابت خارجي” (تصدران بالألمانية في برن وزيورخ على التوالي) أن “هذه العملية التاريخية لم تكن ممكنة إلا لأن الولايات المتحدة وألمانيا تمكنتا من الاستفادة من حياد سويسرا وسمعتها الطيبة. وفي برن، بلغت أصداؤها إلى أسماع ممثلين عن الطبقة السياسية والقضاء والشرطة والجيش والمخابرات بهذا الموضوع”.
وأضافتا:
“لقد كان عليهم استخدام جميع الوسائل الجنائية والدبلوماسية الممكنة لوقف الانتهاك الخطير لسيادة دولتنا الفدرالية. ولكن لم يحدث شيء. وسواء حصل ذلك بسبب عدم الكفاءة، أو لأنهم أرادوا التستّر على عملاء أجهزة مخابرات خارجية أو حتى لأنهم استفادوا من النتائج التي توصلوا إليها، يجب الآن توضيح المسألة بغض النظر عن الأسماء والقوى الكبيرة. إنها الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الفوضى”.
أما صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغرابت خارجي” الصادرة باللغة الألمانية في زيورخ، فقالت إن “مصداقية سويسرا في حرب المعلومات الحالية تُقاس بالأحداث الماضية”.
ولفتت إلى أن هذه القضية “تلقي بظلال من الشك على صدق قادة الدولة، وبالتالي على النظام الليبرالي، بينما تلقي بثقلها على اقتصاد البلد أيضا”.
وقالت صحيفتا “در بوند” و”تاغس أنتسايغر” إن حياد سويسرا “قد تحطم”، واعتبرتا أن “غضّ النظر الجماعي” للبلد سيُلحق الضرر بمصداقيته لسنوات قادمة.
وكتبت الصحيفتان:
“من ناحية سياسية: لن تثق أي دولة تم خداعُها أبدًا بها من جديد، ومن ناحية اقتصادية: من الذي يشتري تكنولوجيا حساسة من حكومة تتسامح مع مثل هذه المكائد؟”.
من جانبها، أقرت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” بأن الحكومة الفدرالية التي فتحت تحقيقًا في الموضوع، بصدد الردّ “بشفافية ملحوظة”، حسب رأيها لكن معظم الصحف خلُصت إلى أنه لا يزال هناك الكثير مما يتعيّن القيام به، داعية البرلمان إلى إطلاق تحقيق من جانبه.
وطالبت صحيفتا “در بوند” و”تاغس أنتسايغر” بتحقيق مستقل، وعتبرتا أن “البرلمان يحتاج إلى تحقيق مستقل قدر الإمكان”.
وكتبت الصحيفتان قائلة: “نحن بحاجة إلى ما كان مُفتقدا لفترة طويلة: السيادة والشجاعة”.