تونس.. “الفخفاخ” يصطدم بشفرة اقتصادية معقدة

لا شك أن مهمة رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ ستكون صعبة في ظل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس، فخبراء في المجال الاقتصادي يعتقدون بأن الملفات الحارقة التي ستواجه الفخفاخ هي ملف المديونية الخارجية ومكافحة الإرهاب وتحصين البلاد ضد المخاطر الإرهابية بمفعول تمركز الجماعات المسلحة غرب ليبيا.

ويفوق حجم الديون التي يتوجب على الحكومة التونسية دفعها في 2020 هي 4 مليارات دولار.

وكان وزير المالية في حكومة الشاهد رضا شلغوم أكد في تصريحات إعلامية أن الدولة ستقوم بسداد ديون تعادل 11.9 مليار دينار تونسي (نحو 4.20 مليار دولار) وستضطر إلى اقتراض 11.4 مليار دينار لتمويل الموازنة العامة للدولة.

أرقام صادمة في تونس

وأكد محافظ البنك المركزي في تونس مروان العباسي أن الأرقام الاقتصادية تعتبر صعبة خلال هذه السنة، ومن الضروري تنمية أدوات الإنتاج في تونس حتى يتحسن المناخ الاقتصادي.

وأكد العباسي في تصريحات صحفية ، على هامش جلسة برلمانية، أن نسبة التضخم بلغت 6.7% سنة 2019، ونسبة عجز الميزان التجاري وصلت إلى حدود 8.8% سنة 2019، مضيفا أن الدين الخارجي لتونس تحسّن من 72،5% سنة 2018 إلى 66% سنة 2019.

ويفيد المعهد التونسي للإحصاء بأن نسبة النمو بلغت 1% في نهاية 2019، وسط توقعات بانكماش الاقتصاد في الثلاثي الأول لسنة 2020، لغياب حكومة تقود الإصلاحات الضرورية.

ويقول محمد صابر قنطارة، أستاذ الاقتصاد السياسي في كلية العلوم الاقتصادية بصفاقس، إن تحسن المؤشرات الاقتصادية في أي بلد في العالم يتطلب إرادة سياسية موحدة للإنقاذ الاقتصادي، ويتطلب رؤية شاملة لنموذج التنمية ونمط الإنتاج الاقتصادي.

وقال في تصريحات صحفية إن إلياس الفخفاخ سيجد نفسه مجبرا على طرح الإشكال نفسه المتعلق بضرورة خصخصة المؤسسات العمومية، والتي يرفضها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية)، مبينا بأن مؤسسات كبرى في تونس مثل شركة الخطوط الجوية وشركة التبغ والوقيد (شركة إنتاج السجائر) والشركات العمومية في قطاع الفولاذ والفسفاط تتطلب دخول شركاء من القطاع الخاص للتنمية وللترفيع في الإنتاج.

وأضاف أن هذه الشركات تعيش سنويا صعوبات مالية تؤثر على الميزانية العامة، قائلا “إن حجم تمويل المؤسسات العمومية في تونس يصل 5 مليارات دولار سنويا”
حزام سياسي متناقض أيديولوجيا.

يرى مراقبون أن التناقضات الحادة بين أحزاب الحكومة (حركة النهضة وحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية وحزب تحيا تونس) ستؤثر في انسجام الرؤية الاقتصادية لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.

الاشتراكية عائق في الطريق

وتؤكد أستاذة العلوم السياسية بالجامعة التونسية نرجس بن قمرة أن الطبيعة الاشتراكية لحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب سيمثلان عائقا أمام التوجهات المحافظة لحركة النهضة وحركة تحيا تونس، مؤكدة أن التباين الكبير بينهما يتمثل في تشبث التيار والشعب بالمؤسسات التابعة للدولة ودعم دور الدولة الاجتماعي، في حين يبحث الإخوان وتحيا تونس على التخلص من كل دور اجتماعي للدولة.

وأضافت، في تصريحات صحفية، أن الحزام السياسي حول الفخفاخ يحمل بذور “فنائه” في اختلاف التوجهات الاقتصادية والأيديولوجية التي تشقه، معتبرة أن هذا المعطى يعتبر محددا لأي نجاح حكومي في دول العالم.

وتابعت “لا يمكن لحكومة تشكلت على أساس الصراع السياسي والاختلافات الجوهرية أن تنجح في تحقيق التنمية المطلوبة”، معتبرة أن الأمر الافتراضي لحكومة الفخفاخ ستحدده الخيارات الكبرى لمسألة إصلاح المؤسسات العمومية.

ويشار إلى أن التركيبة الحكومية تتكون من 32 وزيرا، منهم 15 غير منتمين إلى أحزاب سياسية و17 ممثلين لأحزاب برلمانية (6 وزراء من النهضة، 3 التيار الديمقراطي، 2 حركة الشعب، 2 حركة تحيا تونس، 2 كتلة الإصلاح الوطني)، بمعدل أعمار في حدود 53 سنة.

ومن المنتظر حسب العديد من المراقبين أن تنال الحكومة الثقة البرلمانية بجلسة عامة يوم الأربعاء المقبل سيحضرها 217 نائبا برلمانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى