“جائزة زايد” تختار الألماني يورجن هابرماس “شخصية العام”
أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب بمركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي اختيار الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس للفوز بجائزة “شخصية العام الثقافية” تقديرًا لمسيرته الفكرية الحافلة التي تمتد لأكثر من نصف قرن، وذلك وفق بيان صادر عن أمانة الجائزة.
قدّم “هابرماس” مساهمات نوعية وعميقة في حقل الفلسفة على نحو أثرى العديد من التخصصات، كدراسات التواصل والثقافة، والنظرية الأخلاقية، واللغويات، والنظرية الأدبية، والعلوم السياسية، والدراسات الدينية، واللاهوت، وعلم الاجتماع.
يأتي فوز “هابرماس” تقديرًا للمكانة المرموقة التي يتمتع بها بوصفه “واحدًا من أكثر الفلاسفة تأثيرًا في العالم” ورائدًا في الخطاب الفلسفي النقدي، فضلا عن حضوره معلما للعديد من المنظرين في علم الاجتماع السياسي والنظرية الاجتماعية والفلسفة الاجتماعية.
تعد جائزة “شخصية العام الثقافية” من أهم فروع جائزة الشيخ زايد للكتاب ويتم منحها كل عام لشخصية أو مؤسسة بارزة على المستويين العربي أو الدولي، تقديرًا لإسهاماتها في إثراء الثقافة العربية إبداعًا أو فكرًا، على أن تتجسَّد في أعمالها أو نشاطاتها قيم الأصالة والتسامح والتعايش السِّلمي، وقد منحت حتى الآن لأربع عشرة شخصية ومؤسسة من إحدى عشرة دولة من جميع أرجاء العالم.
تأتي هذه الجائزة لتؤكد متانة الروابط التي تجمع الثقافتين العربية والألمانية حيث تحل جمهورية ألمانيا الاتحادية ضيف شرف على معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وستشهد العاصمة أبوظبي العديد من الفعّاليات الثقافية التي تحتفي بهذه الروابط وتسلّط الضوء على التبادل الثقافي بين الثقافة العربية والثقافة الألمانية”.
يشار إلى أن يورجن هابرماس، الذي ولد عام 1929، يعدّ رائد الخطاب النقدي الفلسفي والسياسي ووصفته دائرة ستانفورد الفلسفية بأنه واحدٌ من أكثر الفلاسفة تأثيرًا في العالم، كما برز في ألمانيا مفكرًا عامًا يتولى مناقشة القضايا المهمة والأساسية في الصحف الألمانية.
ينتمي الفيلسوف الألماني هابرماس إلى مدرسة فرانكفورت النقدية، وهي مدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفة النقدية أسسها عددٌ من المفكّرين، منهم ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو وهربرت ماركوزه، ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، ويعدّ هابرماس من الجيل الثاني لهذه المدرسة التي تستند إلى الفرويدية والهيغلية والماركسية.
ربط هابرماس بين التقاليد الأوروبية والأنجلو أمريكية في التفكير، وتنوّعت الموضوعات التي تناولتها أعماله من النظرية الاجتماعية السياسية إلى الجماليات ونظرية المعرفة واللغة إلى فلسفة الدين، وقد أثّرت أفكاره في الفلسفة وفي الفكر السياسي القانوني وعلم الاجتماع ودراسات التواصل ونظرية الجدل والبلاغة وعلم النفس واللاهوت، وتتميّز أعماله بوجود اتجاهين جوهريين، الأول يتعلّق بمجال الفكر السياسي، أما الثاني فيدور حول قضايا العقلانية والتواصل والمعرفة.
يعدّ الفيلسوف هابرماس صاحب نظرية الفعل التواصلي من أجل بناء مجتمع عقلاني حداثي يقوم على أخلاقيات الحوار، لذا اهتمت فلسفته بالمحاور التي تهم الإنسان الحديث، مثل أزمة الفرد وآليات السيطرة، ووهم حرية ما بعد الحداثة، وكيفية التحرّر من قبضة المؤسسات التي تمسخ الجوهر الإنساني، إلّا أن أطروحته الفلسفية المعروفة بالخطاب النقدي الخالي من الهيمنة، تظل الأطروحة الأوسع شهرة والأكثر تأثيرًا، فهابرماس يشدد على أن الفعل التواصلي لا يستطيع أن يحصل على مشروعية حقيقية قائمة على سلطة العقل إلّا في إطار خطاب نقدي خال من التحيزات والحواجز والقيود.
ومن المقرر تكريم الفائزين في الدورة الخامسة عشرة للجائزة خلال حفل افتراضي سيجري تنظيمه بالتزامن مع معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وسيتم خلال الحفل تكريم الفائز بلقب “شخصية العام الثقافية” ومنحه “ميدالية ذهبية” تحمل شعار الجائزة وشهادة تقدير، بالإضافة إلى مبلغ مالي بقيمة مليون درهم، في حين يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على “ميدالية ذهبية” و”شهادة تقدير” وجائزة مالية بقيمة 750 ألف درهم.