«جبران خليل جبران».. أيقونة الأدب والفن في المهجر
تحل اليوم 6 يناير/ كانون الثاني ذكرى ميلاد جبران خليل جبران، فهو من أدباء وشعراء المهجر وفيلسوف، وعالم في الروحانيات، ورسامًا وفنانًا تشكيليًا ونحاتًا عثمانيًا.
يعتبر جبران خليل جبران من أبرز أدباء لبنان في عصره، وأشهر كاتب عربي حظي بشهرة واسعة في الغرب خلال تلك الحقبة الزمنية، ووهو الأديب الذي تُرجمت أعماله إلى أبرز لغات العالم.
نشأة جبران خليل جبران
وُلد جبران خليل جبران عام 1883 في بلدة بشرّي شمال لبنان، لوالديه خليل وكاملة، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة بشرّي، حيث أظهر ذكاءً لافتاً جذب الانتباه. إلا أن نكبة والده، بعد اتهامه في قضية ملفقة وحبسه، دفعت العائلة إلى مغادرة لبنان والانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً إلى مدينة بوسطن عام 1894.
تأثير الحياة في أميركا وانعكاسها على إبداع جبران
عاش جبران خليل جبران في الولايات المتحدة الأميركية حياة مليئة بالمآسي، بفقدانه والدته وشقيقيه. رغم ذلك، كانت هذه الفترة مزيجاً من العمل الدؤوب على الكتابة والرسم، حيث استثمر طاقته القصوى في الإبداع، وبدأ نشر أولى مقالاته عام 1903، ثم عام 1905، وسط معاناة كبيرة من قسوة الحياة وشظف العيش، إلا أن انصرافه إلى القراءة، الكتابة، التأمل، والرسم خفّف من قساوة تلك الظروف.
الانخراط الثقافي في بوسطن
انخرط جبران في الحياة الثقافية الأميركية في مدينة بوسطن، ما كان له أثر عميق في تجربته الإبداعية سواء في الرسم أو الكتابة، كما ساهمت علاقاته الشخصية في تنمية موهبته، ليصبح الأديب العربي الأكثر قراءة في الولايات المتحدة الأميركية، ويعود ذلك بشكل خاص إلى الشهرة العالمية التي نالها كتابه “النبي”، الذي لا يزال يطبع حتى اليوم باللغة الإنجليزية.
نشر الأعمال الأدبية المبكرة
واظب جبران على نشر مقالات ذات طابع شعري تحت عنوان “دمعة وابتسامة” بين عامي 1903 و1908، والتي جمعت بعد ذلك في كتاب بنفس العنوان عام 1914، ولا يزال هذا الكتاب يحظى بشهرة واسعة بين قراء اللغة العربية.
أبرز مؤلفاته
أصدر جبران كتابه الشهير “أرواح متمردة” عام 1908 في نيويورك، ثم تبعه بكتاب “الأجنحة المتكسرة” عام 1912، حيث عبّر فيه عن تجربة حبّه الأول في بيروت خلال فترة دراسته هناك، وقد تناول ميخائيل نعيمة، الأديب اللبناني الشهير، هذه التفاصيل أثناء تقديمه لأعمال جبران الكاملة، مسلطاً الضوء على أثر هذه التجارب في حياته الأدبية.
العمل الشعري المتكامل
على الرغم من أن جبران ترك العديد من النصوص الشعرية المكتوبة بالقافية والوزن، إلا أن الأديب ميخائيل نعيمة أكد أن أول وآخر نص شعري لجبران كُتب ملتزماً فيه بالوزن والقافية لتحقيق “عمل فني له شأنه”، هو قصيدة “المواكب” التي أصدرها عام 1919. أرفق جبران هذه القصيدة برسوم أبدعها بنفسه، ليبرز كفنان تشكيلي مميز، كما أقر بذلك مؤرخو الأدب والفن التشكيلي.
آخر إصداراته العربية
كان كتاب “العواصف” آخر كتاب عربي أصدره جبران. ورغم توقفه عن نشر كتب عربية بعدها، لم ينقطع عن الكتابة بالعربية، حيث كتب آخر مقالاته باللغة العربية عام 1931، عام وفاته. إلا أن هذا المقال، الذي كان مخصصاً لمجلة “السائح”، لم يُنشر بسبب عدم صدور العدد حينها، مما حرم جبران من رؤية مقاله مطبوعاً.
انطلاقه للعالمية
أبدع جبران في اللغة الإنجليزية كتابة ونطقاً، مما ساعده على تحقيق شهرة واسعة بين النخب المثقفة وقراء الغرب، وأصدر العديد من الكتب باللغة الإنجليزية، والتي تُرجمت إلى العربية وجمعها الدكتور جميل جبر في كتابه عن الأعمال التي عُربت من الإنجليزية، أبرزها:
- “المجنون” (1918).
- “السابق” (1920).
- “النبي” (1923)، وهو أشهر أعماله.
- “رمل وزبد” (1926).
- “يسوع ابن الإنسان” (1928).
- “آلهة الأرض” (1931).
- “التائه” (1932).
- “حديقة النبي” (1933).
شغفه بالفن التشكيلي والموسيقى
إلى جانب موهبته الاستثنائية في الكتابة، انكبّ جبران على تعلم تقنيات الرسم والتصوير. انتقل إلى باريس لتعزيز مهاراته في هذا المجال، حيث التحق بمدرسة متخصصة في تعليم الرسم. خلال تلك الفترة، تعرّف على أبرز الأعمال الفنية العالمية في مجال الفن التشكيلي، ما أثرى تجربته الفنية. كما أولى اهتماماً خاصاً بالموسيقى، التي كانت تشكّل جزءاً من ثقافته ومعرفته الواسعة.
تأسيس الرابطة القلمية وتأثيرها الثقافي
أسّس جبران خليل جبران “الرابطة القلمية” في المهجر عام 1920، برفقة مجموعة من أدباء تلك الحقبة، مثل نسيب عريضة، خليل نعيمة، رشيد أيوب، وعبد المسيح حداد. انتُخب جبران عميداً للرابطة التي كان لها أثر كبير في الحركة الأدبية والثقافية العربية، إذ استمرت تأثيراتها لسنوات طويلة. ورغم الإعلان الرسمي عن تأسيسها في 1920، إلا أن الرابطة كانت قد بدأت كحلقات نقاش وتداول للأفكار قبل ذلك، وبرز اسمها في منشورات سبقت التأسيس.
وفاة جبران خليل جبران
توفي جبران خليل جبران يوم الجمعة، 10 أبريل/ نيسان 1931، في الولايات المتحدة الأميركية، بعد معاناة طويلة مع المرض، وتبيّن لاحقاً أنه كان يعاني من مرضين متزامنين: تليّف الكبد وبدايات إصابة بداء السل في إحدى رئتيه، كما كان يعاني سابقاً من مرض النقرس.