“جربته على بعض الجنود”.. روسيا تحدد الموعد النهائي لبدء تطعيم جماعي لمواطنيها بلقاح كورونا
أعلنت روسيا عن خطط لإطلاق حملة تطعيم جماعي على مستوى البلاد في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2020 باستخدام لقاح مضاد لفيروس كورونا لم يكتمل خضوعه للتجارب السريرية بعد، ما أثار قلقاً دولياً بشأن الأساليب التي تعتمدها البلدان للتنافس في السابق العالمي على احتواء الفيروس وتطعيم الجمهور.
حيث قال وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، السبت 1 أغسطس/آب 2020، إن الخطة ستبدأ بتطعيم المعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية. كذلك أخبر الوزير وكالة أنباء RIA الحكومية بأنه في أثناء مرحلة الاختبار المتسارعة، كان المختبر الذي طور اللقاح قد بدأ السعي بالفعل للحصول على الموافقة التنظيمية عليه، حسبما نقل تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
خطوات متسارعة للوصول للعلاج: يُذكر أن روسيا هي واحدة ضمن عدد من الدول التي تخوض خطوات متسارعة لتطوير وإنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا. إذ لن يساعد هذا اللقاح فقط في التخفيف من حدة أزمة صحية عالمية أسفرت حتى الآن عن وفاة أكثر من 680 ألف شخص وتعرض الاقتصاد العالمي لأضرار فادحة، بل سيصبح أيضاً مصدرَ فخر واعتزاز وطني للبلد الذي سينتجه. وقد استخدمت روسيا السباق كأداة دعائية لها بالفعل، حتى في غياب أدلة وأبحاث علمية منشورة لدعم ادعائها بالريادة.
كان الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، قال محذراً خلال جلسة استماع أجراها الكونغرس يوم الجمعة 31 يوليو/تموز 2020 : “أنا آمل حقاً أن يختبر الصينيون والروس اللقاحَ فعلاً قبل أن يبدأوا في تطعيم أي شخص به”.
على الجانب الآخر، عمد التلفزيون الحكومي في روسيا منذ عدة أشهر إلى الترويج لريادة روسيا عالمياً في التنافس لإنتاج لقاح مضاد لكورونا. وفي مايو/أيار، زعم تقرير حكومي أن أول شخص في العالم يتم تطعيمه بنجاح ضد الفيروس كان باحثاً روسياً حقن نفسه باللقاح في مرحلة مبكرة من عملية تطويره.
إجراء تجارب على اللقاح: وقال كيريل دميترييف، وهو مسؤول كبير في صندوق الاستثمار الروسي المباشر، وهو ذراع استثمارية تستعين بها الحكومة للاستثمار في جهود تطوير اللقاح، إن روسيا ستبدأ تجارب المرحلة الثالثة للقاح في مطلع أغسطس/آب 2020، وإن تجارب المرحلة الثالثة هي الطريقة الوحيدة لتحديد ما إذا كان اللقاح فعالاً.
من جانبها، تحتفظ منظمة الصحة العالمية بقائمة شاملة لتجارب اللقاحات في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك فإن تجارب المرحلة الثالثة للقاح الروسي غير مندرجة في القائمة.
ومع ذلك، فمن المتوقع أن تعتمد وكالة تنظيمية روسية استخدامَ اللقاح هذا الشهر، حسبما قال ديمترييف. غير أن هذا الموعد يعتبر أسبق بكثير من كل الجداول الزمنية التي حددتها الهيئات التنظيمية الغربية لإنتاج اللقاحات، التي قال كثير منها إن اللقاح لن يكون متاحاً قبل نهاية هذا العام.
بيد أنه، ومع افتقار البرنامج الروسي إلى الشفافية، فإن فصل العلم عن الأغراض السياسية والدعائية يكاد يكون أمراً مستحيلاً. وكانت الحكومات الأمريكية والكندية والبريطانية قد اتهمت جميعها متسللين روس بمحاولة سرقة أبحاث لقاحات تجريها شركات تابعة تلك الدول، وهو ما يلقي بظلاله على ادعاءات روسيا بأنها حققت طفرة طبية في هذا المجال.
ومع ذلك، فإن المسؤولين الروس ينفون ذلك الاتهام ويقولون إن اللقاح الرئيسي الذي يخضع للتجارب يعتمد على تصميم طوره علماء روس للقاح مضاد لفيروس إيبولا قبل سنوات.
لقاح يشبه ما أنتجته أوكسفورد: يُذكر أن روسيا كانت بالفعل في وقت من الأوقات في طليعة دول العالم في مجال الفيروسات والتطعيمات. ففي الحقبة السوفييتية، قاد الأطباء الروس العالم في بعض مجالات البحث الخاصة باللقاحات، لكن الإنفاق تضاءل في العقود الأخيرة، وتواردت الأنباء عن أن بعض الأدوية يتم الموافقة عليها في بعض الأحيان دون اختبارات كافية.
اللقاح الروسي يجري العمل فيه في معهد “جمالي” في موسكو، ويشبه اللقاح الذي طورته جامعة أكسفورد بالشراكة مع شركة “أسترازينيكا” AstraZeneca.
إلى ذلك فقد استعان المعهد الروسي في تجاربه الأولى للقاح بجنود روس، ما أثار أسئلة أخلاقية أخرى تتعلق بموافقتهم، وإن كانت وزارة الدفاع الروسية قالت إن جميع الجنود الذين شاركوا في التجارب تطوعوا بمحض إرادتهم. وظهر مدير المعهد، ألكسندر غينتسبيرغ، على شاشة التلفزيون في مايو/أيار، ليقول إنه جرّب اللقاح على نفسه قبل إعلان الانتهاء من التجارب على القرود.