“جوازات مناعة” تثبت أن مالكيها آمنون من الفيروس.. الألمان يقتربون من إصدارها رغم خلقها مجتمعاً ذا طبقتين
يكتسب مُقتَرَحٌ ألماني لإصدار ما يُطلَق عليها “جوازات مناعة”، لأناسٍ تجاوزوا فيروس كورونا المستجد، زخماً بعدما خفَّفَ الشركاء اليساريون في ائتلاف أنجيلا ميركل معارضتهم لهذه الخطوة.
قد تسمح تكلفة الاختبار، التي لا تتجاوز 60 يورو (67.2 دولار)، للألمان بأن يبيِّنوا أن لديهم الأجسام المضادة ضد الفيروس، وهو ما يشير إلى أن أجسامهم قد بَنَت درجةً من المقاومة، حسب تقرير صحيفة The Times البريطانية.
من الناحية النظرية، ستكون جوازات السفر بمثابة شهادات تلقيح، مِمَّا يُحتَمَل أن يسهِّل على حامليها العمل والسفر أو ممارسة الأنشطة الترفيهية. وقد تُطمئن هذه الجوازات أيضاً الأطباء والمُمَرِّضين وبقية العاملين في الرعاية الصحية بأن الاستمرار في عملهم سيكون آمناً إلى حدٍّ معقول.
لكن المشروع محفوفٌ بمشكلاتٍ أخلاقية وعلمية. وليس من الواضح إلى متى تستمر الأجسام المضادة أو مقدار المناعة التي تمنحها.
لماذا توجد معارضة للخطوة؟: يساور المُنتقِدين القلق من أن هذه الجوازات قد تخلق مجتمعاً ذا طبقتين، إذ من شأنها أن تعاقب الناس الذين تجنَّبوا العدوى من خلال اتِّباع قواعد التباعد الاجتماعي.
وجدت دراسةٌ أن على الأقل 42% من السُكَّان في قريةٍ بجبال الألب في النمسا والذين أُصيبوا بالمرض لديهم أجسام مضادة في دمائهم، وهي أعلى نسبة مُكتَشَفة حتى الآن.
الباحثون أجروا اختباراتٍ لما يقرب من 80% من السُكَّان في منتجع إيشغل للتزلُّج، الذي نَشَرَ فيروس كورونا المستجد في أنحاء أوروبا، ووجدوا أن 25% من هؤلاء السُكَّان قد أُصيبوا بالفعل بفيروس كوفيد-19 دون أن يدركوا ذلك.
واقترح جوازات المناعة، لأولِ مرةٍ، غيرارد كراوز، وهو عالم أوبئة يدرس آثار التفشي المبكِّر الأسوأ بألمانيا، في بلدة هاينسبرغ، بولاية شمال الراين فستفاليا.
الشهر الماضي (مايو/أيار)، تبنَّى المقترحَ وزير الصحة الألماني ينس شبان، الذي قال إن “الأمر يتعلَّق في المقام الأول برغبة الناس في أن يعرفوا بأنفسهم ما إذا كانوا مُحصَّنين أم لا”. وفَقَدَ المشروع أرضيته حين رَفَضَ الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليساري الوسطي، الذي يحكم مع ميركل، تأييده. وقال لارس كلينغبايل، الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن المشروع سوف يرسل “إشارةً خاطئةً تماماً”، إذا أصبحت الجوازات “تذكرةً مجانية لزيارة المطاعم ومباريات كرة القدم أو الفعاليات”.
أضاف: “سيكون من غير المجدي أن نكافئ أولئك الذين أُصيبوا لأنهم لم يلتزموا بقواعد التباعد الاجتماعي، ونعاقب أولئك الذين اعتنوا بأنفسهم”.
يشير الحزب الآن إلى أنه قد يؤيِّد المشروع إذا جرى التحقُّق منه علمياً. وطلب شبان من مجلس الأخلاقيات الألماني، الذي يقدِّم المشورة للحكومة، رأي خبيرٍ حول كيفية تفعيل جوازات السفر بشكلٍ عادل.
العقبات العلمية: دراسةٌ أُجرِيَت في لوبيك، وهي بلدة تقع شمالي ألمانيا سجَّلَت عدداً قليلاً نسبياً من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وجدت أن فقط 7 من كلِّ 10 أشخاص يُصابون لا تزال لديهم مستويات يمكن اكتشافها من الأجسام المضادة بمجرى الدم في غضون ثلاثة أسابيع.
يطرح هذا أن اختبارات الأجسام المضادة قد لا تكون مؤشِّراً موثوقاً على ما إذا كان الشخص قد أُصيبَ بالمرض حتى في الماضي القريب.
لا تزال الفترة الزمنية التي تحمي فيها الأجسام المضادة من إصابةٍ ثانية بفيروس كوفيد-19 لغزاً لم يجد حلاً بعد. يمكن أن تستمر المناعة ضد بعض الفيروسات الشبيهة، مثل فيروس سارس أو متلازمة الشرق الأوسط التنفُّسية (ميرس)، لأكثر من عام، لكن فيروساتٍ أخرى، بما يشمل نزلات البرد، تولِّد دفاعاتٍ أقصر عمراً في جسم الإنسان.
وقالت باربل باس، زعيمة كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البوندستاغ، إن حزبها سوف يؤيِّد مشروع جوازات المناعة إن أمكن التغلُّب على هذه المشكلات.
أخبرت صحيفة Neue Osnabrücker Zeitung الألمانية، قائلةً: “لا نعلم بعدُ ما إذا كان الشخص الحامل للأجسام المضادة سيظل مُحصَّناً ضد الفيروس ولأيِّ مدى”.