حددت 3 استراتيجيات.. الصين تخطط للرد على ترامب بطريقة دون كورليوني
بتولي دونالد ترامب منصبه رسميًا في 20 يناير/كانون الثاني، تستعد دول عدة للجولة الثانية من رئاسته، بانتهاج طرق مختلفة، عن تلك التي اتبعتها في فترة الرئيس المنتخب الأولى (2016-2020).
إحدى هذه الدول، هي الصين، التي لم تفاجأ بإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا، بل ربطت ذلك التطور بموجة عالمية من الشعبوية والقومية. وتعتقد بكين أنها الآن تدرك حيل ترامب وتستطيع التلاعب بإدارته، بحسب صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.
وتستند الثقة إلى أن الصين عام 2025 مختلفة عن 2017، وكذلك الولايات المتحدة والعالم، تقول الصحيفة البريطانية، مشيرة إلى أنه إذا كانت سياسة دونالد ترامب تجاه بكين تتسم بالغموض والتناقض، فإن استراتيجية شي جين بينغ تتسم بالوضوح والتصميم.
طريقة الرد
ولا يخطط شي للرد فحسب، بل للاستفادة -كذلك- من تحركات ترامب. وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، سارعت بكين إلى الرد. وهي عازمة على عدم تكرار ذلك.
ويزعم العديد من الصينيين أن شي أقوى سياسيا وأن الاقتصاد أصبح أكثر اعتمادا على الذات ومرنًا أكثر، حتى في ظل التحديات الأخيرة.
فيما يرى المحللون الصينيون أن الاقتصاد الأمريكي أصبح أكثر هشاشة وأن السياسة الأمريكية أصبحت منقسمة إلى حد كبير. وعلى الصعيد الجيوسياسي، ترى بكين أن النفوذ الأمريكي آخذ في الانحدار في مختلف أنحاء الجنوب العالمي وآسيا ــ وأن الدعم لرؤية الصين آخذ في الارتفاع.
ولقد أشار شي بالفعل إلى أنه سيتعامل مع علاقاته مع ترامب باعتبارها علاقة عمل بحتة، وإن كان على طريقة دون كورليوني، فلن يحتضن ترامب شخصيا، وسيرد في وقت مبكر وبقوة من أجل خلق النفوذ، تقول الصحيفة البريطانية، التي أشارت إلى أن بكين رفضت الدعوة لحضور شي حفل التنصيب.
لكن بكين تشير أيضا إلى أنها تريد الحوار وأنها منفتحة على التوصل إلى اتفاق لتجنب فرض تعريفات جمركية جديدة، في محاولة من الرئيس شي لخلق مساحة للتنفس على الجبهة الاقتصادية، حتى تتمكن بلاده من حشد قواتها للمنافسة طويلة الأجل.
وتظل بكين قلقة من أن يركز فريق ترامب على الانفصال الاقتصادي الأعمق، وتغيير النظام في الصين، ودعم استقلال تايوان، كوسيلة لاحتواء بكين، مما دفع الرئيس شي لتحديد «الخطوط الحمراء» الأربعة في اجتماعه مع نظيره جو بايدن في بيرو في نوفمبر/تشرين الثاني في رسالة واضحة إلى الإدارة القادمة.
3 استراتيجيات
وتنقسم ردود فعل بكين المخططة على ترامب إلى ثلاثة أقسام: الانتقام، والتكيف، والتنويع. وعلى غرار السياسات الأمريكية، أنشأت بكين في السنوات الأخيرة مجموعة من ضوابط التصدير، وقيود الاستثمار، والتحقيقات التنظيمية القادرة على إلحاق الأذى بالشركات الأمريكية.
وفيما باتت بكين غير قادرة على فرض تعريفات جمركية على أخرى، ستسعى إلى فرض التكاليف بطرق تسبب أقصى قدر من الألم، إلا أن «الفشل في الانتقام من شأنه أن يشجع ترامب»، تقول «فايننشال تايمز».
وأشارت إلى أن هذه السياسة بدأت بالفعل، ففي أواخر عام 2024، منعت بكين تصدير المعادن الأساسية المستخدمة في صناعة الرقائق إلى الولايات المتحدة، وضغطت على سلسلة توريد الطائرات بدون طيار المصنعة في الولايات المتحدة، وهددت بإدراج شركة ملابس أمريكية بارزة في القائمة السوداء، وأطلقت تحقيقا لمكافحة الاحتكار في شركة إنفيديا. ومن خلال اتخاذ مثل هذه الإجراءات، تستعرض بكين قدراتها وتخلق أوراق مساومة مستقبلية.
الاستراتيجية الثانية
وتتمثل الاستراتيجية الثانية التي تنتهجها الصين في التكيف؛ فمنذ خريف عام 2023، بدأت بكين في تنفيذ برنامج تحفيز مالي ونقدي قوي لمساعدة الشركات والآن المستهلكين.
ويؤدي هذا التحول في السياسات إلى توليد بعض التأثيرات الإيجابية، وإن كانت غير متساوية، فيما من المؤكد أن هذا التحول كان ضروريا بشدة، لكن نطاقه وطبيعته تم تحديدهما أيضا مع وضع احتمال اندلاع حرب تجارية في الاعتبار، بحسب الصحيفة البريطانية.
الاستراتيجية الثالثة
وتتمثل الاستراتيجية الثالثة لبكين في توسيع علاقاتها الاقتصادية، فهي تناقش الآن تخفيضات التعريفات الجمركية الأحادية الجانب على الواردات من الشركاء غير الأمريكيين.
ففي رحلته إلى بيرو، افتتح شي ميناء عميقا من شأنه أن يعيد تشكيل تجارة الصين مع أمريكا اللاتينية، وهي مصدر رئيسي غير أمريكي للغذاء والطاقة والمعادن.
وفي أواخر عام 2024، شارك شي أيضا لأول مرة في اجتماعات مع رؤساء 10 منظمات اقتصادية دولية كبرى. وكانت رسالته واضحة: ستكون الصين القوة الرائدة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي والازدهار والانفتاح، وتعارض جميع أشكال الحمائية.
لكن هناك الكثير من الأمور التي قد تسوء؛ فثقة بكين توازي ثقة فريق ترامب، ويعتقد كل من الجانبين أنهما يتمتعان باليد العليا، ويمكنهما فرض المزيد من التكاليف وتحمل المزيد من الألم، تقول «فايننشال تايمز».