حفل ارتداء 5 فتيات للحجاب في تونس يثير ضجة واسعة
وأمس الأربعاء، أحدثت صور لحفل أقيم في ولاية المنستير لخمسة فتيات بمناسبة إرتدائهن للحجاب بحضور الأولياء والأقارب وعدد من المعلمين، جدلا واسعا على مواقع التواصل.
التيار العلماني ينتقد ارتداء الفتيات الحجاب
حيث انبرى نشطاء التيار العلماني ومؤسسات النسوية في مهاجمة الحفل والقائمين عليه، معتبرين ذلك اعتداء على الحرية بحق الأطفال القاصرين.
وفي هذا السياق زعم المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة ( جمعية مدنية)، أن ما حدث يعد استمرارا لنشر ثقافة التطرف الديني، والانغلاق وممارسة طقوس قروسطية في المدارس“، وذلك في تعليقه على الحادثة.
كما اعتبر المرصد في بيان له، أن الاحتفاء بارتداء قاصرات للحجاب، يعد ”من باب الضغط على إرادتهن نظرا لصغر سنّهن، ويُكرّس تقسيم التونسيات بين عفيفات ومُتبرّجات“، وفق زعم البيان.
وتابع مزاعمه أن ”هذا المعتقد يتعارض مع مبدأ المواطنة، الذي هو أساس الدولة المدنية، ويتضارب مع الدستور الذي يؤكّد على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل“.
وذكرت وسائل إعلام أن مصدر من مندوبية حماية الطفولة في محافظة المنستير، أكد الشروع في التحقيق في الحادثة، التي قال: إنها ”تعد صارخ على حق الطفولة، وجريمة يعاقب عليها القانون التونسي“.
ناشطون انتقدوا الضجة
من جانبهم انتقد ناشطون هذه البيانات وقانون الدولة الذي اعتبروه مجحف ومخالف للشريعة الإسلامية، مشيرين أن صور مثل هذه من المفترض أن نفرح بها لا أن نهاجمها.
وكتب ناشطة:”قداشنا شعب سلبي والله! نحب نفهم حاجة وحدة في شنية قلقوكم ك عملو حفلة! تو وليتو تفهمو في البدع ! هاو بدعة وو.. على اساس اعياد الميلاد هي الي مش بدعة ، خلليو كل حد يعيش على كيفو و محلاهم ما شاء الله عليهم، و حتى نهارت الي يقررو باش ينحيوه انا معاهم ، المهم عيشو و خللي الناس تعيش”
فيما دونت غادة بن حسن:”مفهوم الحرية الشخصية عندكم يمشي في sens واحد !كيما تعطي لروحك و لغيرك الحق باش يلبس و يعري و يخرج بلّي يحب اعطي الحق لغيرك حتى هوا باش يلبس الي يحب.”
وتابعت:”يحبو يحتفلو بالحجاب ، يحتفلو بالنمال ، يحتفلو حتى بالندى شيهمك و آش مدخلك و بالاخص لبستهم و حفلتهم فاش قلقتك شخصيا !
تحبو الحرية، احترموها في جميع تجلياتها موش شي تحطوه تحت طائلة الحرية و شي آخر تنسبوه للتخلف و الجهل.”
واختتمت الناشطة التونسية تعليقها بالقول:”كيما ندافع على حق المرا باش تلبس jupe و تعوم ب maillot الي تحبو ندافع علّي اختار الحجاب و احتفل بيه.الحفلة لاهي منظمتها وزارة و الا هيئة ، الحفلة صارت في اطار ضيق وسط جو عائلي لذلك موش من حقك دبر عل العباد آش تعمل في ديارها”
تونس تتحجب رغم قوانينها العلمانية
ويشار إلى أنه في العام 2018 عبّر عدد من أعضاء مجلس النواب التونسي، وعدد من الناشطين والحقوقيين، عن رفضهم لتصريحات رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، التي قال فيها إن “النساء في تونس تعانين من فرض ارتداء الحجاب عليهن، كما عليه الحال في إيران.”
وقد قام عدد من نواب البرلمان وقتها، بتوقيع عريضة احتجاجية، طالبوا فيها فالس بتصحيح المعلومة التي وصفوها ب”المسيئة للمرأة التونسية” وبالاعتذار.
هذا الاحتجاج وقتها، أعاد مسألة ارتداء الحجاب في تونس إلى طاولة النقاش، حيث تعدّدت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وتراوحت بين مؤكّد لما جاء على لسان الوزير الفرنسي السابق ورافض لها.
غير أن تبريرات الطرفين لم تخل من حجج، أثبتت في مجملها أن مسألة الحجاب لازالت “شأناً عاماً”، ولم تنجح الثورة التونسية، في تحويلها إلى شأن “فردي”، خصوصاً وأن ارتداء الحجاب في تونس، تحول منذ حكم بورقيبة إلى “شأن سياسي”.
فمنذ سنة 1981 أصدر الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ما يعرف بالمنشور 108، الذي يمنع ارتداء الحجاب في الاماكن الرسمية. وقد واصل نظام بن علي العمل بهذا المنشور، وطوّره عبر ممارسات قمعية، مورست ضد المحجبات، وعبر إطلاق وصف “اللباس الطائفي”، على الحجاب.
اللباس الديني يعود بقوة للشارع التونسي
غير أنه مباشرةً، وإثر انتهاء نظام بن علي إبان ثورة عام 2011، انتهى العمل بهذا المنشور نهائياً، وعاد هذا اللباس “الديني” بقوة إلى الشارع التونسي، مثيراً من جديد موجةً من الانتقادات والتعليقات.