خطة سلام جديدة.. كواليس اجتماع بن سلمان مع نتنياهو في السعودية
ويبدو أن الإعلان عن هذه الزيارة من قِبل الإسرائيليين، بعد يوم واحد فقط، يحمل دلالات واضحة على نية الرياض المضي قدماً نحو الإعلان عن التطبيع، ولكن بشكل تدريجي، لتهيئة الرأي العام الداخلي.
بن سلمان يعرض خطة سلام جديدة
مصادر سعودية رفيعة المستوى، رفضت الكشف عن اسمها، كشفت بعضاً مما تداوله الطرفان في هذا الاجتماع.
وذكرت أن الجانب الأبرز في اللقاء غير المعلن، الذي تمّ لمدة أربع ساعات، هو البحث عن شريك فلسطيني جديد، بديلاً عن القيادة الفلسطينية الحالية، الممثلة في الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
يأتي هذا في وقت تتبنى فيه السعودية خطة سلام جديدة ومستحدثة، بعيداً عن مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ملك السعودية السابق، للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، وكان هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين.
ومع فشل مبادرة السلام من جهة وفشل صفقة القرن من جهة أخرى، خصوصاً مع رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإنّ هناك قناعة سعودية على مستوى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بضرورة إطلاق مبادرة جديدة تتبناها السعودية، وتعرضها على طرف فلسطيني يمكن أن يتفاعل معها.
دحلان هو الشريك القادم
وبهذا الخصوص، كشف المصدر ذاته عن تقديم ولي العهد السعودي خطة سلام جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تتضمن في فحواها إيجاد شريك فلسطيني غير القيادة الفلسطينية الحالية، التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأوصى بن سلمان نتنياهو بأن يكون محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة “فتح”، هو هذا الشريك للخطة، عبر تياره السياسي المنتشر في قطاع غزة والضفة الغربية ومصر، وفي المخيمات الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص في الساحة اللبنانية.
كونفدرالية إسرائيلية فلسطينية وحل لأزمة اللاجئين
الخطة المقدَّمة من ولي العهد السعودي ستُركز بالدرجة الأولى على إيجاد كونفدرالية بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، مع إيجاد حل لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، التي لن تمانع السعودية في تجنيسهم، بل وحتى استقبال وإيجاد فرص عمل لفلسطيني الداخل، والسعي إلى توطينهم داخل السعودية.
كما تسعى الخطة إلى استقطاب إسرائيليين على الأراضي السعودية، بعد أن يتم الإعلان عن التطبيع العلني بين الطرفين، حيث يكون المجال مفتوحاً أمام الإسرائيليين للعمل بشكل رسمي على الأراضي السعودية، مع إمكانية توطينهم على الأراضي السعودية في مقابل الموافقة على خطة السلام السعودية الجديدة، والموافقة على تقديم تسهيلات اقتصادية للجانب الفلسطيني.
وستُركز الخطة المقدمة على تقديم الجانب الاقتصادي، وتقديم الحلول الاقتصادية بالدرجة الأولى التي ستتبعها حلول سياسية، ومنها إيجاد حل جذري لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في الخارج، والعمل على توطينهم في السعودية عبر مشروعات اقتصادية تمولها السعودية، بقيادة فلسطينية تقبل بسياسة الأمر الواقع، بعد أن ثبت فشل صفقة القرن وعدم واقعيتها وجدواها.
تنسيق سعودي إسرائيلي
وأوضحت مصادر مطلعة لـ”عربي بوست”، أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو إلى مدينة نيوم، ولقاءه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جاءت بهدف إجراء مباحثات مع السعودية في كيفية إدارة ملف التطبيع وكيفية إعلانه وإخراجه للعلن أمام الشارع السعودي.
وهناك توجه سعودي لإعلان التطبيع على دفعات ومراحل، وليس دفعة واحدة مثلما قامت به الإمارات والبحرين في وقت سابق من هذا العام، حيث تتبع القيادة السعودية الممثلة بولي العهد السعودي في سياستها المتعلقة بإعلان التطبيع مع إسرائيل مبدأ “الصدمة على دفعات”، وليس الإعلان المباشر.
وتؤكدّ المصادر ذاتها أنّ تسريب الزيارة للإعلام الإسرائيلي جاء بتوافق سعودي- إسرائيلي، بهدف معرفة ردود الأفعال العربية والإسلامية، وعلى وجه الخصوص ردة فعل الشارع السعودي حيال إعلان اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
اللقاء الذي عُقد مساء الأحد، 22 نوفمبر/تشرين الثاني، لم يكن الأول بين رئيس الوزرء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين سعوديين، غير أنّه الأول الذي يتم تسريبه لوسائل الإعلام، في وقت يبدو فيه أن المقربين من الأمير محمد بن سلمان متحمسون لإمكانية التطبيع مع إسرائيل.
رفض من الملك سلمان
وتشير المصادر المطلعة لـ”عربي بوست” أنّ ولي العهد السعودي يجابه بموجة رفض كبيرة من العاهل السعودي الملك سلمان، في إعلان التطبيع على العلن، حيث لا يزال يرفض بشدة مثل هذا النوع من العلاقات، في ظل إصرار نجله محمد على إعلان التطبيع في التوقيت المناسب.
نتنياهو يحاول إنقاذ نفسه
وبالنسبة للساحة الداخلية الإسرائيلية، فنتنياهو اليوم بحاجة إلى إنجازات، وسط الحديث المتزايد عن قرب تفكك الحكومة الائتلافية، والذهاب إلى انتخابات جديدة في الداخل الإسرائيلي.
كما أنّ نتنياهو يحاول توسيع رقعة التطبيع مع الدول العربية في الفترة المتبقية من عهد ترامب، ودون اشتراط ذلك بأي تقدم في الملف الفلسطيني.
وكشفت وسائل إعلان إسرائيلية عن وجود استياء من جانب بني غانتز، شريك نتنياهو في الحكومة الائتلافية، بسبب عدم إطلاعه على الزيارة من قِبل نتنياهو، الأمر الذي سيؤدي إلى تصاعد الخلافات بينهما على قضايا عديدة، منها مخطط الضم، وبسبب التطبيع مع السودان.