خلف الجدران.. ماذا يخفي الهنود في نيودلهي ولا يريدون أن يطلع عليه ترامب؟

تسلط الأضواء الآن نحو العاصمة الهندية نيودلهي مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لها، لكن الغريب الذي يصاحب هذه الزيارة هو الجدران الذي يزيد على المتر ليفصل ما يراه ترامب في هذه في طريقه إلى هذه المدنية عن الحقيقة التي تختفي وراء هذه الجدران.

وشُيِّد الجدار الحجري المطلي بالإسمنت على مساحة 400 متر لإخفاء قذارة منطقة عشوائية تقع على الطريق، حيث من المقرر أن يسير موكب ترامب ومودي الاستعراضي اليوم الإثنين، 24 فبراير/شباط، بحسب تقرير لموقع Quartz الأمريكي.

ومن غير المؤكد ما إذا كانت الإدارة المحلية قد سعت من خلال ذلك إلى رفع القبعة للجدار الحدودي الذي شيده ترامب في بلاده. لكن في الواقع، نفت السلطات المحلية في مدينة أحمد آباد في غربي الهند أي صلة بين ما فعلته والزيارة رفيعة المستوى.

لماذا تشييد هذا الجدار بسرعة؟

إذ قال مفوض البلدية في أحمد آباد فيجاي نيهرا، في تصريح لصحيفة The Hindu: “قررنا، بعد مشاورات مع سكان المنطقة العشوائية، بناء جدار لمنع التعديات أولاً، وثانياً لحماية الأشجار التي تتعرض للتدمير”. ومع ذلك، أثارت السرعة التي شُيد بها الجدار -إذ انتهى البناء بين ليلة وضحاها- استياء 5000 شخص هم سكان منطقة سرانيا فاس، التي تقع على الأطراف الشمالية لمدينة أحمد آباد.

تقول الساكنة الغاضبة ريغال، لم يُذكَّر اسم العائلة: “كل ما تريده الحكومة هو إخفاؤنا. إذا لا يمكنهم رؤيتنا، فلن يعد لمشاكلنا وجود بالنسبة لهم. وتحدثت ريغال لموقع Quartz بينما تملأ أوعية معدنية بالماء. وأضافت: “إذا لم أجد مكاناً في الصف سريعاً، فسينتهي مخزون المياه ولن نجد حتى ما يكفي للطهي”. ووقف آخرون حولها يتنافسون للحصول على موقعها، على أمل الظفر ببضعة لترات إضافية من المياه. وتقول ريغال: “النساء هن يدخلن في شجارات شرسة حول المياه. في الأمس، كانت هناك امرأتان تشدان شعر بعضهما. لكن كل ما يرغب به (رئيس الوزراء ناريندرا) مودي هو نسيان وجودنا تماماً”، بحسب الموقع الأمريكي.

أحد شوارع دلهي

تقع سارانيا فاس على طول طريق الموكب الاستعراضي الضخم الذي خططت له الحكومة استعداداً لزيارة ترامب. وسينطلق موكب الزعيمين من مطار أحمد آباد إلى استاد سردار باتل في موتيرا اليوم الإثنين 24 فبراير/شباط. ونُفِذَت حملات مكثفة لتنظيف الشوارع وتجميلها، وفُرِضَت كذلك إجراءات أمنية لضمان مشهد خالٍ من العيوب.

والجدار الحجري ليس إلا واحداً من ضمن هذه الإجراءات، لكنه أصبح علامة محلية فريدة من نوعها.

إخفاء البشرية

يقع خلف هذا الجدار الجديد، المغطى الآن بالإسمنت، مستوطنة صغيرة تضم نحو 700 منزل متداعٍ. وقبل بناء الجدار الأسبوع الماضي، كان لدى السكان منفذٌ إلى الشارع الرئيسي. من جانبها، تقول راميلا بين: “نحن ندرك أن الوضع لم يكن آمناً، وأن أطفالنا كانوا يتجولون في كثير من الأحيان إلى الشارع. لكن كان بإمكانهم وضع شبكة فاصلة بدلاً من الجدار. فالآن ستغمر مياه مطر منازلنا”. وتقع الأحياء الفقيرة عند أسفل منحدر منخفض؛ ما يخلق مستنقعاً غير مرغوب فيه من مياه الأمطار.

وما زاد الطين بِلَّة هو عدم وجود خدمات صرف صحي ولا شبكة مياه شرب لائقة. إلى جانب أن الطرق هناك هي مجرد ممرات طينية قذرة غير متساوية.

ويسكن هذه الأحياء الفقيرة في الضواحي السرانيون، وهم فئة دنيا يعملون في صناعة السكاكين وشحذها. ويقول كاران -لم يُشَر إليه سوى باسمه الأول- البالغ من العمر 21 عاماً ويعمل في متجر محلي: “أنفقوا مئات الآلاف والملايين على فعل أشياء عديمة الفائدة مثل بناء الجدار. تخيل ما الذي يمكن أن يفعله هذا المال لتحسين حياتنا. كنا نودّ أن نرى ترامب. لكن لا أعتقد أنني سأتمكن حتى من استراق النظر من أعلى الحائط”.

فيما قال صاحب متجر، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الشرطة طلبت إليه عدم التحدث إلى أية صحفيين أو “غرباء”.

سكان المدينة الذين يقبعون خلف الجدار

وأضاف: “كان الساسة المحليون يوزعون علينا الأموال لشراء صمتنا. حياتنا ما هي إلا سياسة بالنسبة لهم”.

وفي 19 فبراير/شباط، زارت أسواثي جوالا، ناشطة شابة من مدينة ثيروفانانثابورام جنوبي الهند، سارانيا فاس للاحتجاج على بناء الجدار. وأوضح صاحب المتجر: “الشرطة طردتها. لا أحد يهتم بنا. نحن مجرد منظر يؤلم عيون هؤلاء من في السلطة”.

وبينما يتحدث صاحب المتجر، وضعت سيدة في منتصف العمر تُدعى مدينة ما تحيكه جانباً وشاركت في الحديث. وقالت: “نحن نعود إلى زمن الاستعمار البريطاني. ما يحدث هو خنوع لأصحاب البشرة البيضاء. لكن اعترض شاب يُدعى كومال على رأيها: “وماذا في ذلك؟ أنا متحمس لأرى كيف يبدو (ترامب). من يعلم ربما يغير حياتنا للأفضل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى