دخلت السجن ورأت بعينها.. شهادة من مكان احتجاز في مصر عن تعامل السلطات مع كورونا

روت ليلى سويف، والدة الناشط السياسي المصري البارز علاء عبدالفتاح، الجمعة 20 مارس/آذار 2020، شهادتها حول تعامل السلطات المصرية في السجون وسط انتشار فيروس كورونا في البلاد، متحدثة عما قالت إنه “إهمال كبير”، في حين أعربت عائلة السجين السياسي عبد المنعم أبوالفتوح عن قلقها من تفشي الفيروس بالسجون.

جاءت رواية سويف، وهي أستاذة في جامعة القاهرة، بعد اعتقال السلطات لها برفقة شقيقة علاء، منى سيف، وخالته الأديبة المصرية-البريطانية أهداف سويف، والأستاذة في الجامعة الأمريكية رباب المهدي، وذلك بعد وقوفهن أمام مجلس الوزراء في القاهرة، ومطالبتهن السلطات بحماية السجناء من تفشي فيروس كورونا، لكن السلطات أفرجت عنهن فيما بعد، أمس الجمعة.

تفاصيل أكثر: في حسابها الرسمي على صفحة فيسبوك، قالت سويف إن أكثر ما كان يقلقها خلال توقيفها هو الخوف من أن تصبح أماكن الاحتجاز بؤراً لتفشي فيروس كورونا.

بدأت سويف حديثها بالتكلم عن نقلها وبقية السجينات من قسم قصر النيل إلى محكمة عابدين، والعودة إلى القسم، وذلك باستخدام سيارة وصفتها بأنها “في منتهى القذارة”، وقالت إن السيارة التي نقلتها فيما بعد لنيابة أمن الدولة كانت متسخة أيضاً.

أضافت سويف: “يمكن أن نعتبر ذلك قرينة على أنه حتى لو يوجد عمليات تطهير في أماكن الاحتجاز نفسها أياً كان مدى كفاءتها، لكن يبدو أن مافيش عمليات تطهير بتتم من أصله لعربيات الترحيلات”.

بعد وصولهن إلى محكمة عابدين يوم الأربعاء 18 مارس/آذار 2020، تم نقلهن إلى مكان الحجز، وقالت سويف: “مافيش أي إجراء من أي نوع اتعمل للتأكد من إن إحنا الأربعة مش حاملين للفيروس، اتحطينا في غرفة الحجز اللي كان فيها 6 سيدات، يعني بقينا 10 سيدات في غرفة 2 متر في 4 متر بكامل متعلقاتنا، مننا 4 جايين من بره”.

تابعت سويف: “طبعاً بمعايير حجز الأقسام ده مش تكدّس واحنا قضينا ليلة بالفعل لطيفة ومش متعبة قوي، والاوضة كان فيها شفاط فكان النفس فيها معقول، والسيدات اللي دخلنا عليهم كانوا مخلينها نضيفة جداً، لكن مش ده المهم، المهم أنه بمعايير انتشار الفيروس ده تكدس، وإننا كناس جايين من بره واتحطينا مع الناس دول كان ممكن نكون مصدر خطر ومافيش أي إجراء اتاخد للتأكد من اننا مش مصدر خطر بالفعل”.

الملحوظة الثانية التي أشارت لها سويف أن “كل عمليات التطهير والتنظيف اللي شفتها في الحجز ده كانت بالجهد الذاتي للسيدات المحتجزات، هم اللي بيبعتوا يشتروا المطهرات على حسابهم، وهم اللي بينضفوا بمجهودهم”، وفق قولها.

تحدثت سويف أيضاً عن شاب مُتعب وكان يسعل في غرفة حجز بجانب الغرفة التي تم توقيف سويف والأخريات فيها، وقالت إن “التعامل مع حالته كان مثالاً للعشوائية، بدأ بالاستهتار، ثم بعد شوية انقلب إلى ذعر panic، ثم بعد فحص حالته والتأكد أنه الحمد لله عنده برد مش كورونا رجع الاستهتار تاني”.

أشارت سويف أيضاً إلى أن سوء استجابة لم يكن مقتصراً على قسم الشرطة فحسب، “لأن القسم طلب له بالفعل إسعاف وماجتش وطلب شيء اسمه الطب الوقائي ولمدة 3 ساعات ماجوش ومش عارفة إذا كانوا في الآخر جم ولا القسم اللي وداه لهم ولا إيه بالضبط اللي حصل لأن بعد ٣ ساعات مسرح الأحداث كان انتقل بعيداً عن أوض الحجز”.

أكدت سويف أن ما ذكرته “ثغرات في منظومة الوقاية” في مكان احتجاز “من المفترض أن ظروفه أفضل من غيره من أماكن الاحتجاز”، وختمت كلامها بالقول: “أخيراً أحب تاني أؤكد على إن الخطورة هنا مش بيتعرض لها المحتجزون فقط وإنما أيضاً كتير من العاملين في القسم من شرطة وموظفين وشرطة الترحيلات.. إلخ”.

مخاوف أخرى: في سياق متصل، حذرت عائلة السجين السياسي المصري عبدالمنعم أبوالفتوح من أن حياته وحياة العديد من السجناء الآخرين معرضة للخطر، وذلك بسبب احتمال تفشي فيروس كورونا في السجون المكتظة، وفقاً لما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 20 مارس/آذار 2020.

الموقع أشار إلى أن أبوالفتوح (69 عاماً) يُعاني من مجموعة من الأمراض المزمنة، من بينها، مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وانقطاع مؤقت للتنفس.

نجل أبوالفتوح، أحمد، قال في تصريح للموقع البريطاني إن السلطات منعت عائلته من زيارة والده خلال الأسبوعين الماضيين، بسبب ما قالت السلطات “إنه إجراء وقائي” ضد انتشار فيروس كورونا.

أشار أحمد إلى أنهم قلقون من انتقال الفيروس إلى داخل السجن عن طريق العاملين به، مضيفاً أن حياة والده في خطر ليس بسبب عمره فحسب، “بل بسبب أمراض القلب والصدر التي يعاني منها والتي كانت موجودة سابقاً وتفاقمت بسبب الإهمال الطبي”.

اعتبر أحمد أن هنالك بدائل قانونية متوافرة لدى الدولة للاحتجاز المؤقت، كأن يتم وضع السجناء في الإقامة الجبرية أو أن يُطلق سراحهم بشكل مشروط، وقال إن “أسهل طريقة لمنع تفشي السجون هي تقليل عدد السجناء ، بدءاً من الضعفاء والمسنين”.

عودة للوراء: أبوالفتوح محتجز منذ منتصف فبراير/شباط 2018، على ذمة التحقيق معه في تهم نفى صحتها، بينها “قيادة وإعادة إحياء جماعة محظورة (لم تحددها النيابة)، ونشر أخبار كاذبة”.

وتم توقيف أبوالفتوح بعد يوم واحد من عودته من لندن، إثر زيارة أجرى خلالها مقابلة مع فضائية “الجزيرة” القطرية، انتقد فيها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قبل إعادة انتخابه، في مارس/آذار 2018، لفترة رئاسية ثانية.

يعد أبوالفتوح أحد أبرز السياسيين في مصر، وتم توقيفه أكثر من مرة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981–2011)، وكان أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن ينفصل عنها، ويخوض انتخابات رئاسة مصر مستقلاً، عام 2012.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى