دعوة إلى تعاون أمريكي-أوروبي في استغلال معادن أوكرانيا

دعا باحثان في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التعاون لاستغلال المعادن الأوكرانية بدلا من التنافس على الوصول إليها.
ويأتي هذا الطرح في ظل سعي واشنطن إلى التوصل لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وفي وقت تواجه فيه كييف ضغوطا متزايدة لتوقيع اتفاقية تمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى مواردها المعدنية الحيوية.
في تحليل نشر عبر الموقع الإلكتروني للمعهد، أكد الدكتور باتريك شرودر زميل مركز البيئة والمجتمع، والباحثة أرميدا فان ريج زميلة برنامج أوروبا، أن التنافس بين القوى الغربية على الثروات المعدنية في أوكرانيا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة إذا لم يتم التعامل معها بنهج تعاوني.
وأشار الباحثان إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم عرضا بديلا لكييف يعتمد على “شراكة مربحة للطرفين”، بينما تركيز الولايات المتحدة يبدو منصبا بشكل أكبر على استخراج الثروة مقابل الدعم الذي قدمته لأوكرانيا خلال نزاعها مع روسيا.
- أهمية التعاون عبر الأطلسي
شدد الباحثان على أن الشراكة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن معادن أوكرانيا ستؤدي إلى:
- تعزيز أمن سلسلة التوريد العالمية.
- تسريع الاستثمارات.
- وتوفير استقرار جيوسياسي يخدم مصالح جميع الأطراف.
وأوضح التقرير أن مثل هذه الشراكة يمكن أن تكون أكثر فاعلية في تحقيق نتائج إيجابية طويلة الأجل مقارنة بالنهج الفردي الذي تتبعه كل من واشنطن وبروكسل حاليا.
وأشار التحليل إلى أن التعاون سيتيح للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حشد الموارد المالية والتكنولوجية اللازمة لتقليل مخاطر الاستثمار طويل الأجل في ظروف محفوفة بالتحديات.
كما أن أي اتفاق مشترك سيضمن تقاسم المخاطر المحتملة، بما في ذلك المخاطر الأمنية والاستثمارية المرتبطة بتطوير قطاع التعدين في أوكرانيا.
- تحديات وفرص أمام الإدارة الأمريكية
على الرغم من حرص إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على توقيع اتفاق سريع حول المعادن لتعزيز موقفها السياسي، يرى الباحثان أن النهج الأناني قد يكون غير مجد على المدى الطويل.
وأشار التحليل إلى أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بمزايا كبيرة، مثل القرب الجغرافي من أوكرانيا وشبكات التجارة واللوجستيات القائمة والأطر التنظيمية التي تسهل دمج سلاسل القيمة المعدنية الأوكرانية في الأسواق الأوروبية والأمريكية.
كما حذر التقرير من أن أي اتفاق منفرد مع الولايات المتحدة قد يحمل مخاطر استراتيجية على المصالح الأمريكية، حيث قد تجد واشنطن نفسها مضطرة لتقديم ضمانات أمنية طويلة الأجل لكييف، وهو ما كانت إدارة ترامب حريصة على تجنبه حتى الآن.
- دور الاتحاد الأوروبي وأهمية الرؤية المشتركة
وأشار الباحثان إلى أنه وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فإن إبرام اتفاقية مشتركة مع الولايات المتحدة ومع أوكرانيا سيضمن الوصول إلى موارد حيوية مثل الليثيوم والعناصر الأرضية النادرة، التي تعتبر أساسية لتحقيق خطط التحول في مجال الطاقة والصناعات الدفاعية والفضائية في أوروبا.
وأكد الباحثان أن قانون المواد الخام الحيوية في الاتحاد الأوروبي والاتفاق الصناعي النظيف يوفران إطارا سياسيا ذكيا يمكن أن يعزز التعاون ويحقق المنفعة المتبادلة.
- الحاجة إلى رؤية طويلة المدى
رغم أن السياسات الحالية لإدارة ترامب قد تجعل التعاون مع الاتحاد الأوروبي أمرا صعبا، إلا أن الباحثان شدد على أهمية النظر إلى المستقبل والعمل على تحقيق استقرار جيوسياسي مستدام.
وأشار التقرير إلى أن أي شراكة محتملة يجب أن تُقدم بطريقة تساعد ترامب على الإعلان عنها كإنجاز يصب في مصلحة أمريكا، مما قد يفتح الباب أمام تعاون بنّاء.
ختاما، أكد شرودر وفان ريج أن مبررات التعاون الأمريكي-الأوروبي مع أوكرانيا في مجال المعادن الحيوية واضحة من الناحيتين الاقتصادية والاستراتيجية، ومن شأن التعاون أن يعزز:
- سلاسل التوريد العالمية.
- يقلل المخاطر.
- ويدعم الاستقرار الجيوسياسي.
ومع ذلك أكد الباحثان أن العائق الرئيسي أمام هذا التعاون هو جو المنافسة وانعدام الثقة الذي تعززه السياسات الحالية، لذلك، يتطلب الأمر قيادة عملية ورؤية طويلة المدى لضمان استفادة أوكرانيا من تنمية مواردها بدلا من تحولها إلى ساحة معركة اقتصادية بين القوى الغربية.