رسائل مسربة تورط شركة “جونسون آند جونسون”! تلاعبت في تقارير حول علاقات “التلك” بالسرطان
كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عن مضامين رسائل بريد إلكتروني تسلط الضوء على الدور الذي اضطلعت به شركة جونسون آند جونسون المتخصصة في الأجهزة والمستحضرات الطبية والسلع الاستهلاكية، بما فيها بودرة الأطفال، في تقريرٍ قدمته مجموعة صناعية إلى الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستحذر من استخدام المنتجات التي تعتمد على مادة التلك المرتبطة بالإصابة بالسرطان.
تبيّن رسائل البريد الإلكتروني، التي كشف عنها في القضية التي رفعتها ولاية ميسيسيبي ضد شركة جونسون آند جونسون بسبب رفض الشركة إضافة تحذير أمان، أن الشركة الأمريكية ومورد مادة التلك لها اختارا العلماء الذين عينتهم رابطة التجار الخاصة بهم، المعروفة بمجلس منتجات العناية الشخصية (PCPC)، لكتابة التقرير الصادر في عام 2009 الذي يقيم المخاطر الصحية للبودرة التي تعتمد على مادة التلك.
باحثون في خدمة الشركة
فقد أظهرت الرسائل كذلك أن الباحثين غيروا النسخة النهائية من تقريرهم بطلبٍ من الشركة.
فيما قالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إنها اعتمدت اعتماداً جزئياً على التقرير في قرارها بالتخلي عن وضع ملصق تحذيري على المنتجات.
وكالة Bloomberg، أوضحت أن الرسائل بين المديرين التنفيذيين في شركة جونسون آند جونسون وشركة Rio Tinto Minerals، التي كانت تمدها بمادة التلك في ذلك الوقت، تقدم لمحةً من خلف الكواليس عن التعاملات بين الشركتين ومجموعتهما الصناعية التي نجحت في التصدي لتحذير من السرطان على بودرة التلك لما يقرب من 40 عاماً.
أما الآن، فإن حوالي 39 ألفاً من المستخدمين والمستخدمات وعائلاتهم يقاضون شركة جونسون آند جونسون، إذ يدعي غالبيتهم أن النساء منهم أُصبن بسرطان المبيض أو أن ذويهم من النساء أُصبن بالمرض، وذلك ارتباطاً بمادة الأسبستوس، وهي مادة مسرطنة قوية كانت موجودة في المنتجات التي سُحبت من الأسواق الأمريكية والكندية في مايو/أيار 2020.
من المعروف أن الاعتماد على بيانات الصناعة تخلق موقفاً يسمح لجماعات الضغط بممارسة ضغوطها على إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وقراراتها. وبحسب وكالة Bloomberg، تكشف الرسائل الستارَ عن الطريقة التي تنطلق بها مثل هذه الجهود، ومن الذي يدفع الأموال مقابل بذلها، ومن الذي لديه اليد الطولى في تمرير المنتج النهائي إلى الجهة التنظيمية.
دعاوى قضائية متكاثرة
فقد قدم محامو المدعين بعضاً من رسائل البريد الإلكتروني بوصفها أدلة في قضايا رفعتها ثلاث نساء ادعين أن بودرة الأطفال من جونسون آند جونسون تسببت في إصابتهن بسرطان المبيض، وذلك وفقاً لملفات المحكمة.
يقول محامو النساء إن الرسائل بيّنت أن صناع التلك أثَّروا خلسة على قرار إدارة الغذاء والدواء فيما يتعلق بالتحذير الصحي. أيدت هيئة محلفين في تلك القضية اعتراض جونسون آند جونسون وادعاءها بأن البودرة لم تتسبب في إصابة النساء بالسرطان.
شهدت الشركة ارتفاعاً في وتيرة الدعاوى المقدمة ضدها ارتباطاً بمادة التلك بنسبة 1500% منذ عام 2016، وهو العام الأول الذي أبلغت فيه عن تفاصيل الدعاوى القضائية، وذلك وفقاً لتحليل للملفات. على مدى العام الماضي وحده، زادت الدعاوى القضائية ضد بودرة التلك، المرتبطة بالأسبستوس وسرطان المبيض، بنسبة 43%.
تكاثرت الدعاوى القضائية لدرجة أن مسؤولي جونسون آند جونسون قالوا إنهم أُجبروا على إعلان إفلاس وحدة أُنشئت في وقت قريب أملاً في احتواء الحالات الحالية والمستقبلية. وتضع الشركة ملياري دولار في صندوق ائتمان أملاً في الدفع لاعتماد قرار يتعلق بالدعاوى القضائية.
خلف الكواليس
تبين رسائل البريد الإلكتروني أن مجلس منتجات العناية الشخصية (PCPC) عين رسمياً جوشوا مسقط، وهو باحث في أمراض السرطان لدى جامعة ولاية بنسلفانيا، ومايكل هونشارك، وهو طبيب أمراض باطنة مستقر في ولاية كارولاينا الجنوبية أجرى بحوثاً حول السرطان في بداية مساره الوظيفي، وذلك بعد اقتراح أسمائهم من جانب شركة جونسون آند جونسون، استجابة لجهود أطلقها في عام 2008 صموئيل إبستين، أستاذ الصحة البيئية في جامعة إلينوي ورئيس ائتلاف الوقاية من السرطان.
كما تظهر رسائل البريد الإلكتروني أن كاثلين ويلي، المسؤولة السابقة في جونسون آند جونسون، هي التي اقترحت تقديم التقرير النهائي للعالمين باسم جماعة الضغط بدلاً من تقديمه بأسماء العالمين.
تقول كاثلين إنه صحيح أن الشركة يمكن أن تؤدي غالبية العمل خلف الكواليس، لكن استخدام جماعة الضغط يمكن أن يسمح لها “بتقديم تعليقات إلى إدارة الغذاء والدواء بصورة غير مباشرة”، فيما يتعلق بالرد على طلب إبستين.
“يصعب استبعادها”
ظل الوضع معلقاً حتى 1 أبريل/نيسان 2014، عندما رفضت إدارة الغذاء والدواء رسمياً طلبات إبستين بإضافة ملصق تحذيري على المنتجات المعتمدة على التلك، في قرار استند إلى تقرير مسقط وهونشارك.
إذ قالت إدارة الغذاء والدواء في القرار: “بينما هناك مجموعة متزايدة من الأدلة يصعب استبعادها وتدعم إمكانية الارتباط بين تعرض الأعضاء التناسلية للتلك وبين الإصابة بسرطان المبيض المصلي، فإن الأدلة غير كافية لأن تتقدم إدارة الغذاء والدواء بطلب نهائي بوضع تحذير مثلما تطلبون”.
لا يزال هذا القرار سارياً حتى بعد أن سحبت شركة جونسون آند جونسون منتجاتها من الولايات المتحدة وكندا في العام الماضي. وفي غضون ذلك، خسرت الشركة أكثر من 10 دعاوى قضائية ضد نساء ألقين اللوم على بودرة الرضع في التسبب في الأورام التي أُصبن بها، بما في ذلك تعويض بـ2.1 مليار دولار أيدته المحكمة العليا للولايات المتحدة عند الاستئناف. وكثير من هذه القضايا معلقة بينما يقيم القاضي ما تقدمت به الشركة من إعلان إفلاس وحدتها بموجب نصوص القوانين الأمريكية.
منذ عام 2017، فازت شركة جونسون آند جونسون بأكثر من 10 قضايا مرتبطة باستخدام التلك، وذلك بحسب بيانات جمعتها وكالة Bloomberg. وقد ذكرت الشركة في ملف سابق أنها “حصلت على عدد من الأحكام في هذه القضايا”، لكنها لم تذكر العدد المحدد، وقال المسؤولون كذلك إن بعض الملفات التي قُدمت في دفوع بعض المدعين ضد بودرة التلك المشهورة الخاصة بها، جرى إبطالها في الاستئناف.
بيد أن المحللة الاستخباراتية لدى وكالة Bloomberg، هولي فروم، تقول إن الشركة تواجه احتمالية دفع ما يصل إلى 7.5 مليارات دولار في التسويات القضائية التي يُحتمل أن تخسرها.