ستكون المرة السابعة لعبقري “الإفلاس”.. حملة ترامب تواجه مأزقاً مالياً، لكن أين المفاجأة؟
ما الموقف المالي لحملة ترامب؟
القدرة المالية للحملة الانتخابية لكل مرشح رئاسي أو لمقعد في الكونغرس لها دلالات خاصة تشير إلى فرص المرشح في الفوز، فالأموال تأتي من متبرعين للمرشح سواء كانوا رجال أعمال كباراً أو ناخبين عاديين، وفي هذا السياق تفجرت قصة اقتراب حملة ترامب من شبح الإفلاس في وقت حساس للغاية من السباق الانتخابي، فلم يتبقَّ سوى أقل من شهرين على يوم التصويت 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وحاول ترامب، أمس الثلاثاء 8 سبتمبر/أيلول، إنكار أن حملته تواجه أي مصاعب مالية، قائلاً للصحفيين إن حملته لديها من المال ضعفي أو ثلاثة أضعاف ما كان لديها عام 2016، ولكنه مستعد لأن ينفق من ماله الخاص إذا ما تتطلب الأمر ذلك “سأفعل ذلك إن اضطررتُ له”.
وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، جمعت حملة ترامب 1.1 مليار دولار من 2019 وحتى يوليو/تموز الماضي، وكانت متفوقة بشكل واضح على حملة بايدن من حيث حجم الأموال، لكن ذلك الفارق تلاشى، بعد أن أنفقت حملة المرشح الجمهوري 800 مليون دولار حتى يوليو/تموز، وهو ما يعني وجود 300 مليون دولار ربما تكون أُنفقت بالكامل خلال أغسطس/آب.
وقال مدير حملة ترامب بيل ستيبين للصحفيين، الثلاثاء: “نعكف على مراقبة الميزانية بعناية”، مضيفاً أن الحملة لديها أموال أكثر بكثير مما كان لدى حملة ترامب عام 2016، وأننا “مرتاحون وواثقون للغاية” بخصوص كيفية إنفاق الأموال وأين.
هل فرص بايدن أفضل؟
موقع The National Interest الأمريكي أيضاً تناول القصة في تقرير بعنوان “هل أوشكت حملة ترامب 2020 على الإفلاس؟”، استعرض التقرير استعداد ترامب لضخ 100 مليون دولار من أمواله الخاصة رغم “بُخله” الشديد في تلك النقطة من قبل، وبما أن ترامب نفسه لم يشهر إفلاسه بشكل شخصي مطلقاً رغم أن الفنادق والكازينوهات التي كان يديرها أعلنت إفلاسها ست مرات، يصبح السؤال مشروعاً بشأن حجم الصعوبات التي تواجهها الحملة.
وبما أنه في الانتخابات الأمريكية تعتبر قدرة كل حملة على جمع التبرعات أحد أبرز المؤشرات على ارتفاع أو انخفاض فرص المرشح في الفوز، فإن جمع حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن مبلغاً قياسياً بلغ 365 مليون دولار في شهر أغسطس/آب الماضي فقط أثار حفيظة ترامب وجعل قصة التمويل والموقف المالي للحملة مادة دسمة للتقارير الإعلامية في هذا الوقت الحساس من السباق نحو البيت الأبيض.
ففي يوليو/تموز جمعت حملة ترامب 165 مليون دولار ولم تفصح بعد عن المبلغ الذي جمعته في أغسطس/آب، في مؤشر آخر على الارتباك الذي تسببه قصة المال في صفوف حملة الجمهوريين، وفي هذا السياق يرى كثير من المحللين في تصريح ترامب الأخير أن حملته لديها ضعفان أو ثلاثة أضعاف أكثر مما كان لديها عام 2016، واحداً من تصريحاته العنترية غير الحقيقية بغرض رفع الروح المعنوية لأنصاره.
صحيح أن مدير الحملة ستيبين قال أيضاً إن الحملة لديها أموال أكثر مما كان لديها عام 2016، إلا أنه لم يستخدم “ضعفين أو ثلاثة أضعاف” كما زعم ترامب، ويضاف إلى ذلك إعلان ترامب أنه سيضخ 100 مليون دولار من ماله الخاص إذا اضطر لذلك كمؤشر آخر على أن الحملة تواجه شبح الإفلاس بالفعل.
ترامب والإفلاس.. قصة ممتدة
وبحسب المحللين، فإن الموقف المالي لحملة ترامب وتصريحاته بشأن تلك النقطة يجب ألا يمثل مفاجأة لأحد، فالرجل “عبقري” في الخروج من كل كارثة مالية يتسبب فيها دون خسائر شخصية، والدخول في مشاريع جديدة يقدم من خلالها وعوداً بالثراء والرخاء للمستثمرين لينتهي المشروع بإعلان الإفلاس كوسيلة للدخول في مفاوضات إعادة جدولة الديون وهكذا، بحسب تقرير ناشيونال إنتريست.
إعلان إفلاس مشروع استثماري لترامب لم يتكرر مرتين أو ثلاثاً بل ست مرات، وللقصة صفحة مخصصة على موقع ويكيبيديا باللغة الإنجليزية تحمل تفاصيل إشهار الإفلاس في كل مرة وأسبابها ونتائجها، وبالتالي فإن قرب إعلان إفلاس حملته الانتخابية ليس مفاجأة لأحد ولا حتى لترامب نفسه.
واللافت هنا هو أن ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية نفسها تحت إدارة ترامب تواجه الآن مصيراً يراه البعض مشابهاً بعد أن تخطى الدين الفيدرالي الناتج الإجمالي السنوي للبلاد، لكن تعرض حملة المرشح الجمهوري لشبح الإفلاس مؤشر سلبي للغاية، لأنه يكشف عن قدرته على الإدارة بصورة أو بأخرى.
هناك عنصر آخر أضفى مزيداً من الإثارة على قصة جمع الأموال وكيفية إنفاقها من جانب حملة ترامب ويتمثل في تبادل الاتهامات بين مسؤولين حاليين وسابقين في الحملة، بعد أن نشر براد باسكال المدير السابق للحملة مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز مدافعاً عن نفسه وموجهاً أصابع الاتهام لترامب وأسرته بشأن المأزق المالي الحالي للحملة الانتخابية.
باسكال قال إنه كان يدير الحملة بنفس الاستراتيجية والخطط التي أدارها بها عام 2016 وفاز وقتها ترامب بالرئاسة، مضيفاً أنه لم يتخذ أي قرار إلا بموافقة أسرة ترامب، وبالتالي ليس من المنطقي توجيه أي اتهامات له بسوء الإدارة، راصداً طلب الرئيس من الحملة أن تدفع فواتير قضاياه الخاصة.
هذا التراشق بالطبع يمثل ذخيرة هامة للغاية من جانب حملة بايدن التي يصفها البعض بأنها تتلقى هدايا مجانية في توقيت حساس للغاية، في إشارة إلى الضرر الذي تُحدثه الانقسامات وتبادل الاتهامات داخل المعسكر الجمهوري، وهو ما يصب في صالح المرشح الديمقراطي الذي ما زال يتصدر استطلاعات الرأي قبل أقل من شهرين من يوم التصويت، لكن ذلك لا يعني أن الأمور محسومة بالطبع، فالفترة المتبقية يشبهها المراقبون بالأرجوحة التي تعلو وتهبط، ولا أحد يمكنه توقّع مَن سيكون في الأعلى عندما تتوقف.