شاغل الحكومة الأمريكية والملياردير المجهول.. تعرّف على صاحب تطبيق تيك توك
كأي رائد أعمال في وادي السليكون بأمريكا، تمكن الملياردير الصيني زانغ يمينغ من إطلاق تطبيقات في موطنه بالصين، جعلته يقترب من منافسة تطبيق فيسبوك نفسه، وتهديد مكانته على مواقع التواصل الاجتماعي، لعل أشهرها تطبيق تيك توك.
التطبيق الذي أصبح بفضل رؤية زانغ الثورية أغلى شركة إلكترونية في العالم، بات يشكل قلقاً تطرّق إليه وزير الخارجية شخصياً مايك بومبيو، منوهاً إلى أن الحكومة الأمريكية قد تحظر التطبيق.
حتى شركة أمازون أصدرت مذكرة، يوم الجمعة 10 يوليو/تموز 2020، تطالب موظفيها بحذف موقع تيك توك من هواتفهم بصورة فورية، ثم أعلنت أن الإيميل أُرسل عن طريق الخطأ للموظفين، متراجعةً عن قرارها.
وكانت اللجنة الوطنية الجمهورية الأمريكية، طلبت يوم الجمعة، من أعضائها، عبر البريد الإلكتروني، عدم تنزيل تيك توك، كما كرّرت اللجنة الوطنية الديمقراطية أمس أيضاً توجيهها لشهر ديسمبر/كانون الأول، الذي طالب الأعضاء بوقف تنزيل التطبيق.
وكان عضوان جمهوريان في مجلس الشيوخ، قدَّما في شهر مارس/آذار، مشروع قانون يهدف إلى منع الموظفين الفيدراليين من استخدام تيك توك على الهواتف الحكومية، بسبب “مخاوف تتعلق بالأمن القومي”.
بدايات صاحب تطبيق تيك توك
ولد زانغ في أبريل/نيسان من العام 1982. وفي العام 2001 انضمّ لجامعة نانكاي في تيان جين لدراسة الإلكترونيات الدقيقة، قبل أن ينتقل إلى الهندسة البرمجية ويتخرج في العام 2005.
ويستند اسمه إلى المثل الصيني حول “مفاجأة الجميع بمحاولة أولى”، وفقاً لصحيفة South China Morning Post.
وتماماً مثلما حصل مع مؤسس شركة فيسبوك مارك زوكربيرغ، تعرّف زانغ على زوجته أثناء سنواته الجامعية.
في العام 2008 عمل موظفاً لدى شركة Microsoft لفترة من الزمن.
انضمّ لاحقاً لشركة تكنولوجية صينية تدعى Fanfou لكنها فشلت، ثم عندما كان موقع إكسبيديا على وشك الاستحواذ على موقع Kuxun للعقارات، اشترى زانغ موقع البحث عن العقارات العام 2009 وأسس أول شركة له.
رصد زانغ في العام 2011 الهجرة الجماعية من أجهزة الكمبيوتر إلى الهواتف الذكية، فعين مديراً لإدارة الشركة الأولى وتفرّغ لإنشاء شركة ByteDance في العام 2012.
ولاحظ أن المستخدمين الصينيين كانوا يتعثرون في الحصول على النتائج المرادة على هواتفهم الذكية، وبأن محرك البحث الصيني المرادف لجوجل Baidu كان يمزج نتائج البحث بإعلانات غير مصرح عنها.
أراد زانغ أن يقدم المحتوى المطلوب بناء على أهواء المستخدمين، وبدلاً من أن يسعى إلى ذلك بنفسه، استخدم الذكاء الصناعي لتنفيذ المهمة بامتياز.
أطلق بعد ذلك تطبيق الأخبار Toutiao، الذي استقطب في أقل من عامين أكثر من 13 مليون مستخدم، معتمداً أيضاً منهج تقديم الأخبار وفق أهواء المستخدم وتاريخ تصفحه.
وفي العام 2015، أطلقت شركة ByteDance تطبيق تيك توك الذي نجح بصورة سريعة بين جيل الألفية، وسرعان ما انتشر عالمياً.
موقع Music.ly يغير المعادلة
بعد ذلك، اشترت الشركة تطبيق Music.ly مقابل 800 مليون دولار، ثم دمجت التطبيقين لتدير إمبراطورية تضم شبان الصين وشبان الغرب تحت منصة واحدة، الأمر الذي تزامن مع انطلاق الحرب التجارية الباردة بين إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب والصين.
واعتباراً من أواخر عام 2018، ومع وجود أكثر من مليار مستخدم شهرياً عبر تطبيقات الجوال الخاصة بها، باتت قيمة ByteDance تُقدر بـ75 مليار دولار أمريكي، متجاوزة Uber لتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم.
تتوافر الشركة في أكثر من 150 سوقاً و75 لغة، وأظهر استخدام TikTok الجغرافي أن 43% من المستخدمين الجدد يتواجدون في الهند، بينما يشكل الذكور 65% من المستخدمين.
في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020 تم تحميل تطبيق تيك توك بثلاثة أضعاف معدل تطبيق Instagram المملوك لـFacebook.
وتقدر ثروة تشانغ الشخصية بنحو 13 مليار دولار، ما يجعله ثامن أغنى شخص في الصين.
الحكومة الأمريكية تنوي حظر الشركة
وحالياً، يكافح تطبيق تيك توك TikTok بشدة لإقناع السياسيين الأمريكيين بأنه لا يشكل تهديداً. في شهر مايو/أيار 2020، عين تشانغ المدير التنفيذي لشركة ديزني كيفن ماير، ليصبح ثاني مدير في ByteDance، والمدير التنفيذي الجديد لـ TikTok.
كما فصلت ByteDance تكنولوجيا TikTok عن الشركة الأم، وبدأت سعيها للعثور على مقر دولي للتطبيق خارج الصين.
لكن هذه الخطوات لم تخفف من مخاوف الأمريكيين، الذين أطلقوا في شهر يوليو/تموز 2020، تحقيقاً في كيفية تعامل TikTok مع بيانات المستخدمين الذين يبلغون 13 عاماً أو أقل.
اتهامات باستهداف الأطفال
رسم تقرير الشفافية الخاص بـTikTok، يوم الخميس، صورة مقلقة للتطبيق، إذ تبيّن أن ما يقرب من ربع مقاطع الفيديو التي تمت إزالتها بواسطة TikTok في النصف الثاني من عام 2019، تضمّنت سلوكاً غير لائق من قبل القُصر، من تعاطي المخدرات إلى النشاط الجنسي.
وقال متحدث باسم تطبيق تيك توك، إن مقاطع الفيديو التي تمت إزالتها تمثل أقل من 1% من جميع المحتوى على التطبيق.
وذكر التقرير أن 24.8% من المقاطع التي تمت إزالتها “تصوّر سلوكاً ضاراً أو خطيراً أو غير قانوني من قِبل القُصّر، مثل تعاطي الكحول أو المخدرات، بالإضافة إلى محتوى أكثر جدية نتخذ إجراءً فورياً لإزالته”، كما أوضحت الشركة.
وتبيّن أن 15.6% أخرى “انتهكت سياستنا المتعلقة بالانتحار وإيذاء النفس والأفعال الخطرة”.
الحلول المطروحة لإنقاذ الشركة
يبدو أن الحقيقة غير المريحة لزانغ هي أن إنهاء المخاوف بشأن تطبيق تيك توك ستكون بالتنازل عن إدارته. فإدارة إمبراطورية تجمع بين الغرب والصين مهمة صعبة جداً.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة AppInChina ريتش بيشوب لصحيفة Telegraph: “الحل الدائم الوحيد سيكون فصل الكيان الخارجي ككيان منفصل تماماً، مع وجود أغلبية المساهمين في الخارج، بحيث لا تملك الشركة الأم الصينية سيطرة قانونية عليه”.
يناقش كبار المديرين التنفيذيين في Bytedance خيارات مثل إنشاء مقر جديد خارج بكين ومجلس إدارة جديد لتطبيق TikTok لإبعاد الشركة عن الصين، وفقاً لتقرير نُشر في صحيفة وول ستريت جورنال.
أما المستخدمون المخلصون، فيجلسون مترقبين بذهول، واكتسحت هاشتاغات الموقع مثل #TikTokBan التي استقطبت 212 مليون مشاهدة و # SaveTikTok ، مع 315 مليون مشاهدة.
ولكن في الوقت الحالي، على الأقل، لدى زانغ طريق مختلف لشركته، ألا وهو طرحها في سوق الأسهم للمستثمرين من حول العالم. فهل يتمكن من إنقاذها؟