صحيفة أمريكية: الصين تغلق معسكرات اعتقال للمسلمين وتخفف الإجراءات الأمنية عليهم..
قالت صحيفة Wall Street Jornal، الخميس 6 فبراير/شباط 2020، إن الصين أغلقت بعض معسكرات الاعتقال المخصصة لمسلمي الإيغور، كما أوقفت العديد من الإجراءات الأمنية العلنية التي كانت تتخذها ضد سكان الإقليم، لكنها بدأت مرحلة جديدة خفية للسيطرة عليهم تتجسد في نوع من الرقابة غير واضح ومستمر في إقليم تشنجيانغ.
تقول الصين إن هذه المعتقلات هي مراكز «تدريب مهني» تهدف لإعادة التعليم وإكمال الدراسة بحجة محاربة «التطرف الإسلامي» حسب وصفها، فيما تقول منظمات حقوق الإنسان والناشطون إن حوالي مليون من أبناء إثنية الإيغور تم اعتقالهم في العشرات من هذه المعتقلات خلال السنوات الماضية، بهدف غسيل أدمغتهم ومحو الثقافة والدين لدى الأقلية المسلمة.
المشهد في الإقليم عن قرب: بدأ مظهر من الحياة العادية للمناطق بالظهور، بعد أن كانت تحت حراسة ميليشيات الشرطة والعربات المصفحة، ولم يكن يرى فيها أي مسلم إيغوري، حيث تم اعتقالهم ونقلهم إلى معسكرات إعادة التعليم، لكن الآن أصبحت نقاط التفتيش في زوايا الشوارع مهجورة، وبدا فيها الشباب وهم يضحكون ويمرحون.
في السابق، وخلال ذروة القمع الصيني لمسلمي الإيغور، كان الشباب يتجنبون الخروج في الليل، حتى لا يتم توقيفهم عند نقاط التفتيش، او مراقبة هواتفهم التي يتم الكشف عن محتوياتها بربطها لدى الشرطة، لكن تقرير الصحيفة الأمريكية يقول إن الحياة الليلة بدأت تعود شيئاً فشيئاً مع تراجع الرقابة الأمنية.
كما يشير التقرير إلى أنه في مدينة هوتان الواقعة على طريق الحرير، والمشهورة بأحجارها الكريمة، لم يمنع بردها القارس رجال الإيغور من التجمع في قاعة بلياردو جديدة، وضحكوا ودخنوا بعد فحص هوياتهم من صاحب المحل من الهان.
لكن، تستدرك الصحيفة بأنه مع ذلك فإن الحرب الشعواء التي شنتها الصين على مظاهر الإسلام كلها واضحة، فلا يرى أي رجل بلحية، وهو تغير عما كان عليه الوضع قبل سنوات، فيما لم تر إلا قلة من النساء بالحجاب، مع أن بعضهن ارتدين قبعات واسعة غطت شعورهن، لكن الخوف واضح، فقد اسود وجه شابة إيغورية تعمل في محل ملابس عندما سئلت عن مراكز إعادة التعليم، فقالت: «لا أعرف عما تتحدثون»، وحولت وجهها.
تفاصيل نوع جديد من الرقابة: على الرغم من أن الإجراءات الأمنية العلنية التي اتخذتها الحكومة الصينية ضد المسلمين قد توقفت في العديد من المدن في جنوب تشنجيانغ، وذلك أمام الشجب الدولي والانتقادات من الحكومة الأمريكية والدول الغربية الأخرى، إلا أن هناك نوعاً خفيفاً من الرقابة غير واضح ومستمر، بحسب الصحيفة الأمريكية.
يؤكد تقرير الصحيفة الأمريكية على أنه بالرغم من أن بعض مظاهر الحياة بدأت تعود، إلا أن عمليات التعرف على الوجه، والكشف الإلكتروني اليدوي، وطلب إبراز الهوية عند مداخل المجمعات السكانية والبنايات العامة، وليس في الشوارع لا تزال موجودة، فيما هناك بعض البيوت لا تزال تحمل علامة «كيو آر» وهي شيفرة عن إمكانية دخول الشرطة للبيت والكشف عن السكان فيه.
كما يورد التقرير نقلاً عن الكثير من الإيغور الذين يعيشون في الخارج، قولهم إنهم يجدون صعوبة في الحصول على معلومات عن أقاربهم، رغم التقارير عن تفكيك معسكرات الاعتقال.
وتنقل الصحيفة عن عبدالحق تيرسنتوهتي، الذي كان يدير مصنع تطريز في بلدة كاراكاس خارج هوتان قبل انتقاله إلى تركيا، قوله إنه تلقى عبر وسيط معلومات عن الإفراج عن والده ووالدته وأخت زوجته الخريف الماضي، مع أن معظم عائلته لا تزال في المعتقلات أو مراكز العمل، وأضاف: «لم أكن قادراً على التواصل مع عائلتي خلال السنوات الأربع الماضية.. من الصعب الحصول على معلومات من كاراكاس».
الأمر الآخر الذي كشفت عنه الصحيفة، وهو أن القيادة الصينية أضافت طبقة جديدة متقنة للمجتمع، عندما شجعت صينيين من مناطق أخرى للانتقال والعيش في تشنجيانغ، بحجة تطوير مصادرها الطبيعية ودمج المنطقة ثقافياً مع الصين في محاولة جديدة للسيطرة على المنطقة التي شهدت على مدى العقود حركات انفصالية.
ويورد التقرير نقلاً عن معتقلين سابقين، قولهم إنهم أجبروا على تعلم الماندرين والتخلي عن ممارساتهم الإسلامية.
وتنقل الصحيفة عن حاكم تشنجيانغ شهرت ذاكر، قوله في كانون الأول/ديسمبر، إن كل الذين أرسلوا لمعسكرات إعادة التعليم أنهوا دراساتهم فيها، ما أدى إلى الاقتراح بإغلاق هذه المراكز.
توقيت هذا الإعلان: تنقل الصحيفة الأمريكية عن بعض الباحثين، قولهم إن هناك عدداً من العوامل أدت بالحكومة لإغلاق المراكز، منها ثقة الحكومة الصينية بأنها حققت هدفها بتخفيف دور الإسلام في حياة الإيغور.
كما تنقل عن المحاضر في شؤون الأقليات العرقية في الصين في جامعة لاتروب في ملبورن، جيمس ليبولد، قوله إن «الضغط الدولي أدى أيضاً دوراً»، بالإضافة إلى «كلفة بناء دولة بوليسية وتوفير المصادر الكافية لها».
وتذكر الصحيفة أنه بحسب أبحاث «جيمس تاون فاونديشن» في واشنطن، فإن كلفة الأمن المحلي في تشنجيانغ تضاعفت عدة أضعاف في عام 2107 إلى 27 مليار يوان (3.9 مليار دولار)، وتم استخدام جزء كبير من الأموال لبناء 7500 مركز شرطة جديد، بشكلٍ منح السلطات القدرة على مراقبة السكان والتحرك بسرعة لمواجهة التهديدات.
رواية الحكومة في بكين: الصحيفة تؤكد أن تفريق الحقيقة عن الدعاية لا يزال تحدياً، خاصة أن المسؤولين المحليين يقومون بمنع الصحفيين الأجانب من معسكرات إعادة الاعتقال، بالإضافة إلى أن السكان الإيغور يتجنبون الحديث مع الصحفيين؛ خوفاً من انتقام المسؤولين منهم، ما يجعل من الصعوبة بمكان الحديث معهم إلا بطريقة عابرة أو موجزة.
ومن أجل تعزيز رسالة الحكومة فإن الإعلام الرسمي قام ببث صور عن المركز في مدينة كاشغر، الذي أطلق عليه رسمياً اسم مدرسة التدريب المهني لمدينة كاشغر، بحصصه القاتمة المجردة من الأثاث، وأسلاك إنترنت برتقالية اللون ملقاة على الأرض، مستدركين بأن رحلة إلى الجنوب في بداية يناير/كانون الثاني تظهر أن معسكراً كبيراً لإعادة التعليم لا يزال قائماً، وبعد عامين من إشارة السكان المحليين إليه بالمدرسة، ويقف على بواباته حرس بالزي العسكري، وقال أحدهم «إنه سجن.. لم يكن أبداً مدرسة».
تختتم الصحيفة الأمريكية تقريرها بالإشارة في الوقت الذي يشعر فيه الحزب الشيوعي الصيني بالثقة من أنه حقق ما يريد في إقليم تشنجيانغ، إلا أن التداعيات البعيدة ستظهر لاحقاً، كما يقول ليبولد من جامعة لاتروب الأسترالية، خاصة أن هذه السياسة لن «تولد إلا الحنق».