صدر حديثا.. رواية “عفريت بنت علاء الدين” لـ محمد يوسف
وجاء أيضًا : تعالى صياح الديوك، من فوق أسطح المباني، الملاصقة لبعضها، وكأن كلًا منها يستند على الآخر؛ خوفًا من الانهيار، فتحت “حورية” عينيها الكليلتين، ونظرت نحو ضوء الفجر المتسلل من نافذة غرفتها الصغيرة، نهضت بصعوبةٍ بالغةٍ من فراشها، وتوجهت إلى دورة المياه، المشيدة خارج غرفتها على سطح المبنى.
غرفة صغيرة فقيرة، مؤثثة بمقاعد خربة، وسرير صغير يجاوره طبلية، فوق كليمٍ من الصوف به ثقوب أكثر ما به من صوف. “حورية” عجوز طويلة نحيلة، ملامحها تشبه كثيرًا ملامح ساحرات العصور الغابرة، تعيش وحيدة بعد وفاة زوجها وسفر أبنائها الثلاثة إلى الخليج؛ بحثًا عن الرزق الحلال. قضت العجوز حاجتها، ثم عادت إلى غرفتها. صلت الفجر، وارتدت ملابسها السوداء البالية، أخذت جوالًا فارغًا من الخيش، وغادرت الغرفة.
ظلت “حورية” على هذا الحال حتى توقفت مبهورة أمام برادٍ من النحاس، جميل الهيئة، فريد الطراز، كبير الحجم، ووقفت تتأمله بإعجاب، وعندما وضعت يدها عليه تراجعت متألمة من شدة سخونته، تعجبت ولفته بحرص في خرقة بالية، ظلت تحدق فيه بدهشة وحب، ووضعته في جوالها، وقد غمرها شعور عميق بالفرح والسرور، وواصلت رحلتها المعتادة في البحث عن لقمة العيش.