صدر حديثًا.. رواية “الديبوك” لـ إسلام عبد الرحمن عن دار نشر كليوباترا
حقًا إن تلك الفرصة لا تعوض بالنسبة لمهندس حديث التخرج مثلى، وإن عدم صبرى على بعد أهلى عنى فى الإسكندرية، أو على مشقة السكن وحيدًا فى شقة تبعد ساعة عن مقر الشركة يعتبر نوع من الوقاحة أو الصفاقة، خصوصًا بعد أن خدمنى الحظ وتم اختيارى للعمل بالشركة من بين سبعة عشر مهندسًا حديثى التخرج تقدموا مثلى لتلك الوظيفة، ناهيك عن أنى لا أمتلك رفاهية إنشاء مكتب هندسى خاص بى فى الإسكندرية، أو على الأقل استئجار شقة مفروشة قريبة من مقر الشركة التى أعمل بها فى القاهرة.
لم أكن ميسور الحال مطلقًا، ولم أكن معدم كذلك، إننى ابن لأسرة من الطبقة المتوسطة، أو تحت المتوسطة بقليل، أبى يعمل موظفًا بإحدى شركات القطاع العام، والتى أصابها مؤخرًا داء الخصخصة، لأجد أبى على المعاش، يجاهد لكى يستطيع الإنفاق على سنتى الأخيرة بكلية الهندسة، والدتى كانت ربة منزل، وتوفت وأنا فى الابتدائية، وعشت مع والدى وأختى التى تكبرنى بسبع سنوات، والتى حاولت أن تكون هى القائم بدور الأم فى المنزل، إلى أن تزوجت وسافرت مع زوجها إلى الدولة الخليجية التى يعمل بها طبيب، بعد أن حصل لها على عقد لتعمل بنفس المستشفى معه.
وهكذا أصبحت الحياة قاصرة على أبى فقط، الذى كان يجاهد لأكمل تعليمى بكلية الهندسة، على أمل أن يتمكن زوج أختى من توفير عقد لى معهم فى تلك الدولة الخليجية، ولكنى رفضت أن أبتعد عن والدى بشدة، كيف أترك هذا المسكين وحيدًا.