«صفقة القرن» ليست أولى هدايا ترامب لإسرائيل، وعلى الأرجح لن تكون آخرها
خطة السلام التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً ليست المرة الأولى التي يبرهن فيها الرجل على انحيازه المطلق لإسرائيل، على حساب حقوق الفلسطينيين التاريخية والقانونية، بل جاءت في سياق بدأ حتى قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة، وهذه أبرز الهدايا.
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: «جدولٌ زمنيٌّ لسياسات ترامب إزاء الفلسطينيين»، ألقت فيه الضوء على أبرز قرارات الرئيس الأمريكي المنحازة لإسرائيل على حساب الفلسطينيين.
استراتيجية منحازة على طول الخط
كشف ترامب أمس الثلاثاء، 28 يناير/كانون الثاني، خطة إدارته لإحلال السلام لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مع غياب الصوت الفلسطيني عن المناقشات. ويدعو المُقترح لإحداث تغييراتٍ جمةٍ في خريطة الضفة الغربية والقدس، مع تقديم عدة امتيازات لإسرائيل.
وعلى مدى ما يقرب من ثلاث سنواتٍ من التخطيط قادت إلى إعلان الأمس، لطالما قال المنتقدون إن القرارات أحادية الجانب ومطالبات الإدارة قد حددت استراتيجية ترامب لحل الصراع المستمر لعقودٍ بين الجانبين.
لم يدفع ذلك الفلسطينيين إلى قبول تصورات أمريكا، وإنما التف العامة في فلسطين حول السلطة الفلسطينية المتورطة في ذلك الموقوف تحت قيادة محمود عباس المسن المريض، وضاعفوا معارضتهم لسياسات ترامب. مثّل ذلك بدوره تحدياً أمام الفلسطينيين الذين يدفعون تجاه إعادة تشكيل قيادتهم.
ولخطة ترامب، التي قد تجعل المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي المحتلة جزءاً من الدولة الإسرائيلية، فرصةٌ ضئيلةٌ في الحصول على قبول واسع النطاق بين القادة الفلسطينيين، الذين يبدون مركزين على تنظيم معارضةٍ لها. وفي أعقاب ذلك الإعلان من المقرر أن تجري الحكومة الإسرائيلية تصويتاً يوم الأحد المقبل، 2 فبراير/شباط، على ضم 30% من أراضي الضفة الغربية.
وفيما يلي جدولٌ زمني يُبين تطور سياسات ترامب تجاه الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، التي تمثل الحكومة شبه المستقلة في قطاعاتٍ من الضفة الغربية.
6 ديسمبر/كانون الأول 2016:
أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب خططاً لترشيح محاميه ديفيد فريدمان -الداعم السياسي والاقتصادي علانيةً لإنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية- ليكون سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل. وقد أيد مجلس الشيوخ ترشيح فريدمان في تصويتٍ اقتربت نتيجته من المناصفة بفعل التناقض بين موقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في مارس/آذار 2017.
بالإضافة لذلك، فقد عين ترامب جيسون غرينبلات، المحامي السابق في مؤسسة ترامب، ليكون مبعوث سلامٍ للإدارة في الشرق الأوسط.
وفي السنوات التي تلتها أدلى مسؤولون أمريكيون بارزون، من بينهم جاريد كوشنر، أحد كبار مستشاري ترامب وزوج ابنته، بتعليقاتٍ مسيئةٍ للفلسطينيين، مثل التشكيك في قدرتهم على تنظيم أنفسهم، وسيعبرون عن دعمهم لضم الأراضي وإنشاء المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما يُعتبر غير قانوني بموجب القانون الدولي.
ديسمبر/كانون الأول 2017:
أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في خرق لسياسة أمريكية قديمة الأزل. كان الرؤساء السابقون يُعلقون نقل السفارة إلى أن يُتفق على وضع القدس النهائي في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. يَعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية المحتلة عاصمةً لدولتهم المستقبلية.
يناير/كانون الثاني 2018:
هدد ترامب في تغريداتٍ بقطع المساعدات الأمريكية عن الفلسطينيين. جاء الإعلان بعد رفض عباس اعتراف واشنطن بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وتعهده برفض أي خططٍ للسلام يرعاها ترامب.
والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساهمان كبيران في المساعدات التي تعتمد عليها السلطة الفلسطينية. في ذلك الوقت حذر مسؤولون أمنيون إسرائيليون من أن قطع المساعدات «قد يُضعف القيادات الفلسطينية التي تتعاون مع إسرائيل في مسائل أمنيةٍ وتُغذي التطرف من خلال تفاقم الأوضاع الإنسانية السيئة بالفعل»، وفقاً لما نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية.
وتمادى ترامب بالقول إنه سيقتطع دفعةً من التمويل الأمريكي لهيئة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين المسماة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وحذر الفلسطينيون من أن تخفيض التمويل سيكون «حكماً بالإعدام». كانت المساعدات تمكن الوكالة من بناء المدارس، وتقديم المساعدات الصحية والغذائية للفلسطينيين الأفقر.
أثارت الحركة أيضاً مخاوف بين الفلسطينيين من أن إدارة ترامب ستحاول إعادة تحديد معايير الأمم المتحدة لمن يُعتبر لاجئاً فلسطينياً. وكان المعيار المتبع في الأمم المتحدة يتضمن أولئك المنحدرين من الفلسطينيين المهجرين من أراضيهم عقب إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، والذين يزيد عددهم اليوم عن 5 ملايين شخصٍ.
مايو/أيار 2018:
افتتحت إدارة ترامب رسمياً السفارة الأمريكية الجديدة في القدس (في اليوم نفسه الذي أردى فيه مجندون إسرائيليون عشرات الفلسطينيين في قطاع غزة الخاضع لسلطة حركة حماس، كانوا يتظاهرون على امتداد المنطقة العازلة). تزامن افتتاح السفارة مع ذكرى النكبة، التي يُحيي فيها الفلسطينيون ذكرى تشريد 700 ألف شخصٍ وقت قيام دولة إسرائيل.
أغسطس/آب 2018:
أعلنت واشنطن تخفيضاً آخر للمساعدات المقدمة للفلسطينيين، بلغت هذه المرة 200 مليون دولارٍ كانت تذهب لتمويل برامج في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت وزارة الخارجية إن التخفيض عُني به «ضمان إنفاق تلك المعونات بما يتوافق مع المصالح الأمريكية، وتوفير قيمةٍ عائدةٍ لدافعي الضرائب الأمريكيين».
قال حسام زملوط، المبعوث الفلسطيني لواشنطن حينها في بيانٍ: «تهدم هذه الإدارة عقوداً من الرؤية والانخراط الأمريكيين في الأراضي الفلسطينية. بعد القدس ووكالة الإغاثة، هذا تأكيدٌ آخر على التخلي عن حل الدولتين والدعم الكامل لأجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المناهضة للسلام».
قررت إدارة ترامب في وقتٍ لاحق من ذلك الشهر قطع كامل التمويل عن وكالة الإغاثة.
سبتمبر/أيلول 2018:
قطع ترامب التمويل عن أحد أواخر برامج المساعدات للفلسطينيين، برنامج بتمويل يبلغ 25 مليون دولارٍ لدعم إنشاء ستة مستشفياتٍ في القدس الشرقية. بعد ذلك بأيامٍ، أعلنت الإدارة إنهاء بعثة منظمة التحرير الفلسطينية إلى واشنطن.
وسحبت الولايات المتحدة الفيزا من زملوط وعائلته. وفي وقتٍ لاحق من ذلك الشهر أوقف ترامب مساعداتٍ بحجم 10 ملايين دولارٍ لبرامج التعايش وحل الصراع تجمع سوياً الفلسطينيين والإسرائيليين.
فبراير/شباط 2019:
تطبيق Anti–Terrorism Clarification Act «قانون تفسير مكافحة الإرهاب» الذي أقره مجلسا النواب والشيوخ بدعمٍ من ترامب في السنة السابقة، قاطعاً بكفاءةٍ المزيد من التمويل عن الفلسطينيين. يضع القانون السلطة الفلسطينية تحت طائلة دعاوى تُرفع أمام المحاكم الأمريكية إذا هي قبلت برامج تمويلٍ أمريكيةٍ بعينها؛ بسبب ما تدفعه السلطة من أموال لدعم أسرى فلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية، من بينهم أولئك الذين اعتُقلوا لتنفيذهم هجماتٍ ضد إسرائيل.
مارس/آذار 2019:
قُبيل الانتخابات الإسرائيلية اعترف ترامب بضم إسرائيل لهضبة الجولان. وأثارت الحركة تكهناتٍ بأن ذلك ما سيحدث مع القدس الشرقية والضفة الغربية، والتي بدأت إسرائيل في احتلالهما كذلك بعد حرب الأيام الستة عام 1967.
يونيو/حزيران 2019:
عقد كوشنر مؤتمراً في البحرين لتدشين الجزء الأول من خطة ترامب لإحلال السلام، مركزاً على العنصر الاقتصادي. وقد قاطع القادة الفلسطينيون الحدث.
وقال لوفداي موريس، مراسل The Washington Post في تقريره: «تهدف خطة البيت الأبيض الاقتصادية لضخ خمسين مليار دولارٍ في مشروعات استثماريةٍ إقليميةٍ خلال العقد القادم، أكثر من نصفها يُنفق في الضفة الغربية، والبقية في الأردن ومصر ولبنان. لكن المبادرة قوبلت بتشككٍ واسع النطاق ورُفضت بالفعل من القيادات الفلسطينية، التي ترى أن إدارة الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون راعياً للسلام، بعد اتخاذها للعديد من الإجراءات الداعمة لإسرائيل، من بينها الاعتراف بمدينة القدس المتنازع عليها عاصمةً لإسرائيل».
نوفمبر/تشرين الثاني 2019:
قالت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو إنها لن تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي بعد الآن. أغضبت الخطوة الفلسطينيين، الذين يقولون إن المستوطنات الإسرائيلية عائقٌ أمام إحلال السلام، وتجعل قيام دولةٍ فلسطينيةٍ مجاورةٍ لإسرائيل مستحيلاً عملياً.
يناير/كانون الثاني 2020:
أعلن ترامب تفاصيل خطته لإحلال السلام، التي تُعتبر في صالح الإسرائيليين أكثر بكثيرٍ من أي مقترحٍ سابقٍ.
وفي ذلك مباشرةً انتقلت إسرائيل قُدماً إلى خططٍ للتصويت على ضم المستوطنات في أجزاء من الضفة الغربية ووادي الأردن.