صورة مع دبلوماسي إسرائيلي تتسبب في معاقبة مذيعَين بفرنسا.. إدارة المحطة رفضت مناقشتهما للتطبيع المغربي

كشفت صحيفة Haaretz العبرية، في تقرير لها نُشر الجمعة 26 فبراير/شباط 2021، عن نشوب خلاف حاد مؤخراً بين إدارة المحطة الإذاعية الفرنسية “بور إف إم” Beur FM، واثنين من مذيعي المحطة، التي أغلب جمهورها من الجاليتين الجزائرية والمغاربية، مُفضياً إلى نزاع ساخن لم تنتهِ فصوله حتى الآن، بعدما أراد المذيعان مناقشة اتفاقية التطبيع الأخيرة بين المغرب وإسرائيل على الهواء في برنامجهما، وإصرارهما على لقاء القائم بأعمال السفارة والتقاط صورة معه، تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأمر يتعلق بالصحفيَّين مالك يطو وروز أمزيان، اللذين ينشطان برنامج L’Actu Autrement (الأخبار بمنظور آخر) الأسبوعي على المحطة، وقد نشب الخلاف بعد أيام قليلة من إعلان اتفاق التطبيع بين البلدين في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ يقول يطو إن السفارة الإسرائيلية في باريس تواصلت معهما مباشرة، وعرضت مناقشة الاتفاقية في البرنامج، بعد أن أرسلت بريداً إلكترونياً إلى المحطة الإذاعية بشأن الأمر، دون أن تتلقى أي رد.

كيف نشبت الأزمة؟

في حديث مع صحيفة Haaretz الإسرائيلية، قالت أمزيان: “اتصلنا بمدير الإذاعة، واقترحنا إجراء نقاش حول اتفاقية التطبيع، لأن كثيراً من مستمعينا من أصول شمال إفريقية، كما أن شؤون المغرب وتونس والجزائر تشغل حيزاً كبيراً من مجالات اهتمام المحطة. وفكرنا في أن يكون اللقاء بحضور ضيف ممثل عن المغرب ومفكر أو اثنين يمثلان الجانب الفلسطيني. لكن الإدارة أخبرتنا بأنَّ نقل أخبار الاتفاقية يتعارض مع الخط التحريري للمحطة”.

توقيف مذيعين فرنسيي

مع ذلك، قرر المذيعان الاجتماعَ، على أي حال، مع المسؤول القائم بالأعمال في السفارة، دانيال سعادة، بهدف جمع معلومات أساسية عن محاور النقاش. وعُقد الاجتماع في 23 ديسمبر/كانون الأول 2020.

يقول يطو لصحيفة Haaretz: “ناقشنا اتفاق التطبيع مع القائم بالأعمال؛ للحصول على مزيد من المعلومات، وكنا سعداء لقيامنا بذلك. ثم سألَنا ما إذا كان يمكنه نشر تغريدة مرفقة بصورة لنا، ووافقنا، لكن بعدها بساعتين، فوجئنا برسالة بريد إلكترونية شديدة الحدة”.

قرار التوقيف

كان عنوان موضوع الرسالة الإلكترونية “تغريدة السفارة” (EMBASSY TWEET)، وقد أرسلتها المديرة العامة للمحطة، ديما كتاني، التي أسست المحطة مع شقيقها ناصر كتاني في عام 1981. وأبلغت المذيعَين فيها بإيقاف برنامجهما الأسبوعي.

من جهتها، كتبت كتّاني في رسالتها: “لقد أشركتُما اسم المحطة في زيارتكما للسفارة، حتى بعد مناقشتنا [التي رفضت فيها إدارة القناة موضوع الحلقة]. إذا كنتما تريدان أن تتخذا مواقف شخصية خاصة بكما، فحسناً! لكن المحطة هي التي تقرر من يمثّلها، ومن ثم نُعلِمُكما بأنه قد تم إيقاف برنامجكما إلى حين حصول كلاكما على إحاطة جدية بشأن الخط التحريري لدينا”.

في اجتماع لاحق، اقترحت إدارة Beur FM نقل البرنامج من وقت الذروة الذي كان يُبث فيه يوم الجمعة إلى صباح السبت، وقالت الإدارة إن هذا يرجع إلى ضعف التقييمات بشأن البرنامج وليس المسألة الأخيرة المتعلقة باجتماع السفارة الإسرائيلية.

هجوم على “السوشيال ميديا”

مع ذلك، تقول أمزيان إنها تعتقد أن الاجتماع مع القائم بالأعمال الإسرائيلي كان تجاوزاً لخطٍّ أحمر خاص بالقناة، كما أشارت أمزيان إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتقد بعض المتابعين البرنامج؛ لدعوته ضيوفاً لا يوافقون عليهم.

بعد لقاء يطو وأمزيان في السفارة الإسرائيلية، اتهمهما مذيع شهير من محطة إذاعية منافسة، France-Maghreb، بأنهما “قد كشفا عن وجههما الحقيقي”؛ لنقلهما اتفاقية التطبيع. وكتب العشرات على تويتر، أنه يجب على المذيعَين أن يخجلا من نفسيهما للخيانة التي ارتكباها بحق الفلسطينيين.

في غضون ذلك، كتب موقع Algérie Patriotique، أن مديري محطة “بور إف إم” نجحوا في القضاء على تحرك من قِبل “اللوبي الصهيوني الذي تسلل إلى جميع وسائل الإعلام الفرنسية”.

معاداة السامية!

في المقابل، اتهم مقدما البرنامج إدارة المحطة بأنها معادية للسامية، ودعما مزاعمهما بتغريدة كانت القناة قد نشرتها على موقع تويتر وأطلعا عليها صحيفة Haaretz، وتعيد فيها القناة نشر تغريدة تتهم اليهود الفرنسيين بتنامي مشاعر المعاداة للإسلام بينهم أكثر من غيرهم.

من جانبه، فإن ناصر كتاني، الذي يرأس محطة “بور إف إم” ويتمتع بعلاقات عمل طويلة مع محطة “شالوم” Shalom الموجهة للجالية اليهودية، رفض الاتهام بشدة، كما قال: “نحن أبعد ما نكون عن أي معاداة للسامية، لقد زرت إسرائيل، والتقيت شمعون بيريز، وبثت المحطة حلقة خاصة تكريماً لإسحاق رابين بعد اغتياله”.

المتحدث نفسه وصف محطته بأنها “محطة إذاعية مستقلة” لطالما “أنتجت برامج حول مختلف القضايا”، كما اتهم أمزيان بتلفيق المزاعم حول معاداة السامية.

يضيف في هذا الخصوص: “القصة وما فيها هي سيدة فشلت، أعطيناها فرصة لتقديم برنامج، لكنها فشلت في الأمر. وانخفضت تقييمات البرنامج؛ ما دفعنا إلى نقله إلى ساعة عرض أخرى. الآن تريد الانتقام، إنه لَأمر حقيرٌ تحويل قضية شخصية إلى حملة لا أساس لها ضدنا”.

وقال كتاني: “ليس لدي أي شيء ضد اتفاقية التطبيع”.

ومع ذلك، فإن الخلاف بين المحطة ومذيعَيها لا يزال دون حل، حيث يهدد كلا الجانبين برفع دعوى ضد الآخر، ويقول يطو إنهما قد يلجآن إلى استدعاء القائم بالأعمال الإسرائيلي كشاهد رئيسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى