طائرة التطبيع الأولى تحلق فوق أجواء السعودية..وتحمل اسم بلدة دافع عنها المصريون بفلسطين..
أثارت الطائرة الإسرائيلية التي ستحط رحالها في مطار أبوظبي الإثنين 31 أغسطس/آب 2020، مفتتحة الخط الجوي بين البلدين بعد الإعلان عن اتفاق التطبيع، كثيراً من التكهنات وردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، لما حملته من رموز على إطارها الخارجي.
الناطق باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي، أفخاي أدرعي، تباهى عبر تغريدة له على تويتر بما تحمله الطائرة من رسائل تفاؤل، بكتابة كلمة “سلام” على إطارها الخارجي باللغات الثلاث: العربية والعبرية والإنجليزية، ولكنه تجاهل أن الطائرة تحمل اسم مستوطنة أقيمت على أنقاض قرية فلسطينية هُجّر سكانها بعد أن قتل معظمهم في النكبة عام 1948.
فوق السعودية: صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية كشفت أنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على تحليق الرحلة الإسرائيلية الأولى من تل أبيب إلى أبوظبي، عبر أجواء المملكة، وهو ما سيوفّر عليها وقتاً يُقدر بساعتين إلا أنها اضطرت إلى الالتفاف عبر البحر الأحمر.
الصحيفة قالت إن موافقة الأمير السعودي جاءت بناء على طلب من جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره، الذي سيشارك بشكل شخصي في هذه الرحلة مع وفده الأمريكي ومسؤولين إسرائيليين إلى أبوظبي، لإتمام حيثيات اتفاق التطبيع المعلن عنه مطلع أغسطس/آب.
سميت باسم مستوطنة: ما أثار الانتباه والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي هو تسمية الطائرة الأولى باسم مستوطنة إسرائيلية “كريات غات”، أقيمت على أنقاض أراضي بلدتي “الفالوجة” و”عراق المنشية”، آخر القرى الفلسطينية التي سقطت بيد العصابات الصهيونية عام 1949، بعدما دونت معركة صمود وتحد بدماء أبنائها وأبناء الجيش المصري، الذي بقي مرابطاً فيها حتى الرمق الأخير.
مدوّن فلسطيني قال في تغريدة عبر تويتر، إن “الطائرة تحمل معها اسم مستوطنة “كريات غات”، والتي بُنيت على أراضي الفالوجة والمنشية، وتقلع من مطار (بن غوريون)، هذا الذي قاد المجازر وأسس للاستيطان”.
فيما قال موريد حامد عبر تغريدة أيضاً، إن الطائرة التي ستفتتح الخط الجوي بين تل أبيب والإمارات تحمل اسم “كريات غات”، وهي مدينة تقع على أنقاض الفالوجة، حارب فيها الإخوان المسلمون بين عناصر الجيش المصري لفك حصار العصابات الصهيونية عن الفلسطينيين.
أرض الصمود الكبير: رئيس جمعية الفالوجة الدكتور عدنان يونس أبو تبانة، قال في تقرير لموقع إخباري فلسطيني، إن البلدة التي أقيمت على أراضيها هذه المستوطنة “حوصرت في آخر ثلاثة شهور من العام 1948، وكان بداخلها ثلاثة قطاعات من الجيش المصري، بقيادة اللواء سيد محمد طه، الذي كان ملقباً بالضبع الأسود، وبمشاركة ضباط مصريين أصبحوا فيما بعد قادة سياسيين وعسكريين كجمال عبدالناصر ومحمد نجيب والبيك طه”.
يتابع الدكتور أبو تبانة حديثه قائلاً: “عاش السكان الفلسطينيون والجيش المصري أكثر من 6 أشهر حياة تكاتف وتحدّ وإصرار على المواجهة رغم انقطاع خطوط الإمداد والقصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف”.
الحاج محمد مصطفى النجار يروي للجزيرة كشاهد عيان أن اللواء المصري سيد طه رفض عروضاً بالاستسلام، كما رفض أوامر قيادته في القاهرة بالانسحاب إلى غزة ثم مصر.
يروي النجار عن حوادث خلال الحصار قامت فيها القوات المصرية بتكبيد العصابات الصهيونية مئات القتلى والجرحى فيما محاولات اقتحام للبلدة.
لم تخرج قطاعات الجيش المصري من الفالوجة إلا بعد توقيع اتفاقية هدنة “رودوس” بين الدول العربية وإسرائيل عام 1949، حيث هجر كل من تبقى من أهالي البلدة إلى غزة ودمرت كل منازلها، وأقيمت لاحقاً على أراضيها مستوطنة “كريات جات”.
المركز الصناعي التكنولوجي: تعد المستوطنة اليوم مركزاً لشركة “إنتل” العالمية للتقنيات العالية، إذ أنشأت عليها 3 مصانع ضخمة للشرائح الإلكترونية وأشباه الموصلات.
ففي يناير/كانون الثاني 2019، كشفت مواقع إسرائيلية أن شركة “إنتل” العالمية للتقنيات العالية تنوي بناء ثالث مصنع لها للشرائح الإلكترونية وأشباه الموصلات، في مستوطنة “كريات غات”.
المشروع الجديد حينها قدرت قيمة تكلفته 11 مليار دولار، تضاف إلى خطة كانت الشركة قد أعلنت عنها في 2018 بقيمة 5 مليارات دولار لتوسيع مصنعها الأول الذي بنته في كريات جات عام 1999.
يذكر أن الشركة أقامت مصنعها الثاني في المستوطنة ذاتها في عام 2008، كما قامت في 2018 بشراء الشركة الإسرائيلية الناشئة MobileEye، بقيمة 15 مليار دولار، وكانت أكبر صفقة استحواذ في تاريخ إسرائيل.
تعد الشركة اليوم من أضخم الشركات التكنولوجية العاملة في إسرائيل، حيث تقدر قيمة استثماراتها بحوالي 31 مليار دولار، وبلغ حجم صادراتها من إسرائيل، العام الماضي، حوالي 3.6 مليار دولار، وهو ما يقارب 5.7% من إجمالي صادرات البضائع الإسرائيلية.
وسائل إعلام فلسطينية أشارت إلى أن شركة “إنتل” لا تعمل على الجانب المدني فقط، بل تتورط بشكل واسع في الاستثمارات الخاصة بجيش الاحتلال.