عريضة تطالب بريطانيا بالاعتذار عن جرائم حرب ارتكبتها في فلسطين
يستعد أحفاد الفلسطينيين من ضحايا الاحتلال البريطاني لتقديم عريضة للندن، تطالب بالاعتذار عن جرائم القوات البريطانية في قرى فلسطينية، إبان احتلال فلسطين.
وتطلب العريضة التي تضم ملف أدلة من 300 صفحة، إقرارا رسميا واعتذارا عن الانتهاكات خلال فترة الحكم البريطاني لفلسطين من عام 1917 حتى عام 1948، التي انسحبت بعدها بريطانيا بسرعة، لصالح تمكين الاحتلال الإسرائيلي من إعلان دولته، وفق ما أوردته شبكة “بي بي سي” البريطانية.
وقالت الشبكة البريطانية إن الكشف عن فظائع ارتكبتها قوات الانتداب البريطاني بعد عقود من انسحاب بريطانيا من فلسطين عبر روايات الجنود والقرويين، فهي تشكل الآن جزءا من ملف يُعرض على الحكومة البريطانية للمطالبة بالمحاسبة من أجل الفلسطينيين الذين تعرضوا لجرائم حرب من قبل القوات البريطانية.
وقال صاحب العريضة منيب المصري وهو رجل أعمال فلسطيني معروف وسياسي سابق أصيب برصاص القوات البريطانية عندما كان صبيا في عام 1944، قال لـ”بي بي سي” في منزله في نابلس بالضفة الغربية: “الدور البريطاني أثر علي كثيرا لأنني رأيت كيف يتعرض الناس للانتهاك.. ليس لدينا أي حماية على الإطلاق ولا أحد يدافع عنا”.
ويشارك محاميان دوليان كبيران في الأمر، فقد طلب منهما المصري إجراء مراجعة مستقلة للأدلة، والمحميان هما لويس مورينو أوكامبو المدعي العام السابق في المحكمة الجنائية الدولية، والمحامي البريطاني بن إيمرسون كاي سي المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.
ويقول إيمرسون كاي سي إن الفريق القانوني قد اكتشف أدلة على “جرائم مروعة ارتكبتها عناصر من قوات الانتداب البريطاني بشكل منهجي ضد السكان الفلسطينيين”.
وصرح لـ”بي بي سي” بأن بعض الجرائم على درجة كبيرة من الخطورة، حتى أنها كانت لتعتبر في ذلك الحين انتهاكات للقانون الدولي العرفي.
ومن المقرر أن يقدم المصري الملف إلى الحكومة البريطانية في لندن في وقت لاحق من هذا العام.
ويشير التماسه إلى فظائع أخرى وقعت في صيف عام 1939، عندما أجرى جنود من فوج “بلاك ووتش” عملية تفتيش للأسلحة في قرية حلحول الواقعة في الضفة الغربية المحتلة.
هذا، وتدور فصول إحدى الجرائم التي ارتكبتها القوات البريطانية في قرية البصة خريف عام 1938، حين فتح جنود بريطانيون النار من مدافع رشاشة مثبتة على سيارات رولز رويس المدرعة النار على القرية الفلسطينية، قبل وصول جنود آخرين يحملون بنادق الستر الملكية ومعها مشاعل مشتعلة، ليقوموا بإحراق منازل القرية، ما أدى إلى مقتل وإصابة وتشريد العشرات من الأهالي.
ووصفت الروايات المتعددة من كل من السكان والجنود البريطانيين بالتفصيل كيف تم مداهمة المنازل واعتقال القرويين تحت تهديد السلاح، قبل أن يتم جمع ما يصل إلى 150 رجلا في مكان خلف مسجد وإجبار العديد منهم على الإقامة في أقفاص من الأسلاك الشائكة.
هذا، وتضمنت مراجعة “بي بي سي” للأدلة التاريخية المتضمنة تفاصيل القتل التعسفي والتعذيب واستخدام الدروع البشرية واللجوء إلى هدم المنازل كعقاب جماعي، وأغلب هذه الممارسات جاءت في إطار مبادئ توجيهية للسياسة الرسمية للقوات البريطانية في ذلك الوقت أو بموافقة كبار الضباط.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان إنها كانت على علم بادعاءات تاريخية ضد أفراد القوات المسلحة خلال تلك الفترة، وإن أي دليل يتم تقديمه سيتم إجراء “مراجعة شاملة” له.
من المرجح أن يؤدي طلب الاعتذار إلى إعادة فتح النقاش حول قضية المساءلة عن جرائم الحقبة الاستعمارية، كما أنه لن يسلم من أن ينظر إليه من منظور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
فكل من الفلسطينيين والإسرائيليين ينظرون إلى الإرث التاريخي البريطاني انطلاقا من مواقف مختلفة، رغم أنه كان لكل منهما خلال فترات مختلفة مواقف معارضة لأعمال عدائية وانتهاكات من قبل البريطانيين بجانب عدم التزام لندن بوعود قطعتها لكل فريق.
وذكرت “بي بي سي” في تقريرها أن سيطرة بريطانيا على فلسطين بدأت خلال الحرب العالمية الأولى عندما طردت قواتها الإمبراطورية القوات التركية العثمانية.
وفي عام 1917، تعهد وزير الخارجية آرثر بلفور للحركة الصهيونية بتأسيس وطن قومي لليهود فيما أصبح يعرف باسم وعد بلفور.
وسمح سلطات الانتداب البريطاني لفلسطين بارتفاع مستويات الهجرة اليهودية والاستحواذ على الأراضي، مما أدى إلى تأجيج التوترات المتزايدة مع العرب الفلسطينيين والتي كثيرا ما تحولت إلى أعمال عنف.
وشهد الوجود البريطاني الذي استمر ثلاثة عقود سلسلة من الانتكاسات الفوضوية في السياسة، كما عانت القوات البريطانية لاحتواء العنف المتصاعد، سواء بين الفلسطينيين واليهود أو بين جماعات مسلحة من المعسكرين والقوات البريطانية.
ويحتفظ أرشيف متحف الحروب الإمبراطورية في لندن بذكريات العديد من الجنود وضباط الشرطة البريطانيين في فلسطين .
وتفصّل بعض سجلات التاريخ الشفوي روايات عن الغارات “العقابية” واستخدام الدروع البشرية والتعذيب.
المصدر: شبكة “بي بي سي” البريطانية