علم بالترتيب لاغتياله فحاول الاختباء منهم لكنهم باغتوه.. تفاصيل جديدة عن مقتل نزار بنات
قالت السلطات في محافظة الخليل إن حالته الصحية تدهورت خلال اعتقاله، وتم فوراً تحويله إلى مستشفى الخليل الحكومي، وتم فحصه من قِبل الأطباء، إلا أنه كان قد فارق الحياة، في الوقت الذي اتهم فيه نشطاء السلطة باغتيال بنات بسبب انتقاده لسياسة السلطة الفلسطينية، انتقادات كان آخرها قضية تبادل لقاحات كورونا منتهية الصلاحية مع تل أبيب، التي أثارت ضجة في فلسطين.
تفاصيل الساعات الأخيرة
حسن بنات، ابن عم الناشط نزار، الذي كان مرافقاً له لحظة القبض عليه قال لـ”عربي بوست” إن “نزار أبلغ العائلة قبل أيام بأن هناك تهديدات جدية بالقتل وصلته من خلال مسؤولين حكوميين وقادة في الأجهزة الأمنية، بضرورة التوقف عن الانتقادات التي يوجهها لسياسة السلطة والحكومة.
وأضاف “اقترح نزار على عائلته والدائرة المقربة منه أن يختفي من بيته عدة أيام في بلدة دورا، لحين تسوية خلافاته مع النيابة، والذهاب لأقارب له في منطقة جبل جوهر جنوب مدينة الخليل، التي تصنف بأنها ضمن المناطق “ج”، التي لا تستطيع الأجهزة الأمنية الوصول إليها إلا بتنسيق مسبق مع الارتباط العسكري الإسرائيلي”.
وتابع “في حدود الساعة الثالثة فجراً وصلت قوة أمنية من جهاز المخابرات العامة والأمن الوقائي إلى البيت، وقامت بتفجير باب المنزل وإطلاق قنابل الغاز والفلفل الحار في وجه نزار، ثم تم سحله، بعد أن عُرّي من ملابسه، وضُرب بشكل مباشر على رأسه وكافة جسده بالهروات وأعقاب البنادق، ثم تم اقتياده إلى جهة مجهولة”.
وكشف أن “وفداً من العائلة توجه إلى مقر النيابة والشرطة، وأبلغوهم بأن نزار تم نقله إلى مستشفى عالية الحكومي، وحينما توجه وفد العائلة تم إبلاغنا بوفاة نزار”.
وفي أول رواية رسمية بعد الحادثة سارع محافظ الخليل جبرين البكري إلى نشر بيان، أكد فيه أنه “على إثر صدور مذكرة إحضار من قبل النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار خليل محمد بنات، قامت فجر اليوم قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله، وخلال ذلك تدهورت حالته الصحية، وفوراً حُوِّل إلى مستشفى الخليل الحكومي، وعاينه الأطباء، حيث تبين أن المواطن المذكور متوفَّى، وعلى الفور أُبلِغَت النيابة العامة التي حضرت وباشرت إجراءاتها وفق الأصول”.
ترفض العائلة ومحامي نزار هذه الرواية، وتؤكد أن سبب الوفاة كان نتيجة التعذيب الذي تعرض له أثناء اعتقاله.
تقرير الطب الشرعي
شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق الحقوقية قال لـ”عربي بوست”، إن “جثة نزار في معهد الطب الشرعي في أبو ديس، حيث سيتم تشريح جثمانه من الطب العدلي الفلسطيني، كما قمنا بناء على طلب العائلة بإرسال طبيب يمثل الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وطبيب آخر من مؤسسة الحق، وهو سمير أبو زعرور، وأرسلت العائلة طبيباً يمثلها في هذه اللجنة، وهو حازم الأشهب”.
وتابع: “نحن نتعامل مع هذه الجريمة وفق الأصول، سننتظر صدور تقرير الطب الشرعي، والذي يصدر بنسختين، الأولى للكشف الظاهري والتشريح عن أسباب الوفاة، والتقرير النهائي الذي يقوم بفحص العينات والأجهزة الحيوية الداخلية، ومعرفة إن كانت تعرضت للإيذاء من الخارج أو تعرضت للتسمم”.
وتابع “نؤكد أن ما جرى بحق الناشط نزار بنات يقع ضمن تصنيف جريمة اغتيال، والأجهزة الأمنية مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الحادثة، حتى لو كانت أسباب وفاته طبيعية إثر توقف القلب أو إصابته بجلطة، كون الأجهزة الأمنية هي آخر من احتك بنزار قبل وفاته”.
سيرة ذاتية
نزار بنات (44 عاماً) ينحدر من بلدة دورا وسط الخليل، نشاطه الاقتصادي يتركز في التجارة العامة، نشط ضد مشروع التسوية الذي تقوده السلطة الفلسطينية، ويميل للفكر القومي، ويعد من أبرز النشطاء المعروفين على الساحة الفلسطينية، وكان من مؤسسي قائمة “الحرية والكرامة” للانتخابات التشريعية.
أكسبته مواقفه السياسية ضد السلطة الفلسطينية شعبية كبيرة، حيث كان يستخدم صفحته على موقع “الفيسبوك” و”اليوتيوب” لنشر مقاطع فيديو يتحدث من خلالها عن فضائح، والسلوك الخاطئ الذي ينتهجه الرئيس وحركة فتح.
تعرض للاعتقال أكثر من 8 مرات على يد الأجهزة الأمنية، وقضى في السجون شهوراً طويلة، وبدأت حملات التهديدات المباشرة لقتله منذ أن قدم طلباً للاتحاد الأوروبي بقطع التمويل المالي عن السلطة الفلسطينية، بسبب قرار الرئيس تأجيل الانتخابات التشريعية.
بعد يوم واحد من مطالبته الاتحاد الأوروبي بقطع التمويل عن السلطة، تعرّض بنات لهجوم مسلح من جهات مجهولة، استهدفت بيته وذويه بشكل وحشي، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف نزار عن مواقفه ضد السلطة، إلى أن تم اغتياله صباح اليوم الخميس، 24 يونيو/حزيران 2021.
تنديد فصائلي ودعوات ليوم غضب
أدانت حركة حماس ما جرى بحق بنات، ووصفت ما جرى بأنه تصفية حسابات تقوم بها السلطة بحق المعارضين، في حين وصفت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها نزار بنات بأنه أحد الأصوات التي لطالما صدحت بقوة وجرأة في وجه الفساد والظلم والتمييز.
وقد طالب الحراك الوطني الديمقراطي بتحقيق نزيه، ومحاسبة صارمة لمن أعطى أمر اعتقال وتسبب في مقتل “بنات”، في حين وصف القيادي في التيار الإصلاحي لحركة فتح سفيان أبو زايدة ما جرى بأنه دليل على أن سلوك الأجهزة الأمنية وصل إلى مرحلة من العنف والتعدي على القانون وقمع الحريات إلى مستوى غير مسبوق.
على المستوى الشعبي خرجت دعوات إلى يوم غضب في الشارع الفلسطيني، والدعوة إلى مظاهرات واعتصام مفتوح في دوار المنارة وسط رام الله، تنديداً بالجريمة.
وحاول “عربي بوست” التواصل مع محافظ الخليل جبرين البكري، أو المتحدث باسم وزارة الداخلية غسان نمر، إلا أنهم رفضوا التعليق على الحادثة.
سمر حمد، المرشحة عن قائمة “القدس موعدنا”، التابعة لحركة حماس، قالت لـ”عربي بوست” إن “ما تعرض له نزار بنات قد يحدث في أي لحظة بحق عشرات المعتقلين المحسوبين على حركة حماس، الذين يتعرضون منذ أشهر لحملات اعتقالات وضرب داخل معتقلات الأجهزة الأمنية، خصوصاً أن هناك عدداً من المعتقلين الذين يخوضون إضراباً عن الطعام، وبدأت حالتهم الصحية في التدهور”.
وأضافت أن “ما يجري في الضفة هو أننا بتنا تحت احتلالين، إسرائيلي وفلسطيني، يجب أن يتوقف هذا المسلسل من التهديد بالاعتقال والقتل بسبب الآراء السياسية، ونحن ننظر إلى تبعات هذه الحادثة بخطورة كبيرة، كونها قد تؤسس لمرحلة جديدة”.