على المدى الطويل.. لماذا يعد فوز هاريس منفعة للجمهوريين؟
يقترب السباق الانتخابي في أمريكا، من الـ100 متر الأخيرة وصولا لاقتراع نوفمبر/ تشرين الثاني، ويأمل كل مرشح في توجيه لكمة قاضية لخصمه.
المنطق يقول هنا، إن فوز مرشح حزب ما من الحزبين، يعد انتصارا مباشرا لحزبه ويجلب كثيرا من المنافع له، لكن جوناثان مارتن، كاتب العمود السياسي ورئيس مكتب الشؤون السياسية في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، يبحر في المياه المعاكسة، ويرى أن فوز كامالا هاريس بالانتخابات يصب في مصلحة الحزب الجمهوري.
ورغم أن ترامب لن يعترف بالهزيمة أبدًا، بغض النظر عن مدى ضخامة خسارته، إلا أنه “كلما كان فوز هاريس حاسما وقويا في التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي، يقل الأكسجين السياسي الذي يتيح لترامب تكرار ما حدث في عام 2020″، وفق مارتن.
والأهم من ذلك، لفت مارتن إلى أن الجمهوريين سيتمكنون من البدء في بناء حزب ما بعد ترامب، بشكل أسرع، في حال هزيمة الملياردير في الانتخابات الرئاسية.
مضيفا أن “أي مسار ليبرالي ستتخده هاريس، سيكون مقيداً بمجلس الشيوخ الذي من المتوقع أن يسيطر عليه الجمهوريون”، ما سيضخ نتائج إيجابية للحزب بين قاعدته في مرحلة ما بعد ترامب.
وبحلول شهر يناير/كانون الثاني، من المؤكد، وفق مارتن، أن الجمهوريين “سوف يحصلون على أغلبية 6-3 في المحكمة العليا، والتي سوف تعمل أيضاً كضابط على القانون والسياسات الصادرة من البيت الأبيض الديمقراطي”.
ووصف مارتن، هاريس، بأنها “مرشحة طوارئ، وتمتلك عددا قليلا من المقترحات السياسية، وتاريخا ضئيلا في الحكم في واشنطن”.
ومضى قائلا “ستكون نائبة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، أول ديمقراطية تدخل الرئاسة منذ عام 1884 دون أغلبية في المجلسين، إذا نجح الجمهوريون في قلب السيطرة على مجلس الشيوخ لصالحهم”.
مستنتجا “وعليه، فإن هذا الوضع، من شأنه أن يؤدي إلى جمود، وربما عقد بعض الصفقات لتمويل الحكومة وتجنب الزيادات الضريبية الشاملة، ولكن لن يؤدي إلى دولة الرفاهة الاجتماعية الاسكندنافية”.
ومضى معددا مكاسب الجمهوريين، “من جانب آخر، سيمثل 2026 العام السادس للحزب الديمقراطي في الرئاسة، وهو ما يمثل دائما انتخابات تجديد نصفي (للكونغرس) واعدة للمعارضة”.
واستطرد “وفي هذه الظروف، إلى جانب تراجع شعبية ترامب وهزيمته مرتين وتراجع قبضته على الحزب، سيكون “من السهل” على الجمهوريين العثور على مرشحين أقوياء لانتخابات مجلس الشيوخ”، مضيفا أن هزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة، ستكون أفضل للجمهوريين على المدى الطويل.
شق في الداخل
هنا مارتن انتقل من التحليل إلى المعلومات، وقال “وبالنسبة لمعظم الجمهوريين الذين لم يتحولوا إلى دعم خط ترامب السياسي، فإن هذا السيناريو لا يثير الاستفزاز على الإطلاق”.
واستنادا إلى محادثات مع سياسيين جمهوريين الأسبوع الماضي، ذكر أن النقاش الخاص الأكثر حماسة الذي صادفه في الحزب “هو ما هي أفضل السبل لتسريع خروج ترامب”.
متابعا “حتى إن أحد كبار الجمهوريين، الذي أقر بأن الأمر قد يكون مجرد تفكير متفائل، طرح فكرة فوز هاريس يليه عفو بايدن عن ابنه هانتر وترامب”، كآلية لغلق صفحة الملياردير.
الكاتب الأمريكي تابع مفسرا “من شأن هذا أن يرفع عبء القضيتين عن كاهل هاريس، والأهم من ذلك، من شأن مثل هذا العفو، أن يستنزف الطاقة الكامنة وراء عقدة الاضطهاد لدى ترامب، حتى يتمكن الجمهوريون من مواصلة العمل على الفوز بالانتخابات” في المستقبل.
أي الطرق أفضل؟
النقاش في الحلقات الجمهورية التي تريد تنحية ترامب عن الحزب، لا يتوقف على هذا السيناريو فقط، بل هناك من يرى أن الأفضل فوزه بالسباق الرئاسي الحالي لتسهيل خروجه، وفق مارتن.
وتفصيلا، فإن السؤال الأوسع بين الجمهوريين هو: هل من الأفضل تحمل رئاسة هاريس لإبعاد ترامب عن السلطة، ربما إلى الأبد؟ أم أن الطريقة الأفضل لتسريع رحيله عن الساحة هي فوزه حتى يتمكن من البقاء لفترة واحدة أخرى، وينتهي أمره في عام 2028؟
والحجة في القضية الثانية هي أنه “في حال خسارته هذا العام، فإنه سوف يصر مرة أخرى على أنه تعرض للغش، ويتمسك بإمكانية الترشح للمرة الرابعة على التوالي، وهو ما من شأنه أن يطيل أمد ضعف الحزب”.
الكاتب الأمريكي قال أيضا، “سوف تتغذى هذه المؤامرات على ترامب نفسه، ومن المؤكد أنها سوف تزدهر في القنوات المعلومات المغلقة لأقصى اليمين”.
ضربة للديمقراطيين؟
في المقابل، رأى مارتن أن “تطبيق السيناريو الأول لا يعني أن الأمور ستصبح على ما يرام بالنسبة للديمقراطيين، إذ يعتمد تحالفهم الهش بالكامل على مواجهة عدو مشترك، هو ترامب، منذ ما يقرب من عقد من الزمان”.
ففي اليوم التالي لرحيل ترامب عن الساحة، “سوف يفقد الديمقراطيون أفضل قوة لديهم فيما يتعلق بالحفاظ على الوحدة وجمع الأموال والحماس”. وفق الكاتب.