عنصرية هندية ضد ممتلكات المسلمين.. القوميون حوَّلوا متحفاً مخصصاً للقادة المسلمين إلى صرح للهندوس
قرر مسؤولو مدينة أغرا الهندية، حيث يوجد ضريح تاج محل، تغيير متحف كان مخططاً له سلفاً أن يعرض أبرز معالم الحضارة الإسلامية في هذا البلد، إلى مكان يحتفي بدل ذلك بثقافة الأغلبية الهندوسية في البلاد، ويمجد قادتهم ورموزهم، وهو الأمر الذي يعكس الجهود التي تبذلها نيودلهي لإحياء القومية الهندوسية التي تجتاح البلاد، على حساب ثقافتها الإسلامية.
وفق تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، الأربعاء 16 سبتمبر/أيلول 2020، فإنه كان من المفترض أن يعرض هذا المتحف- الذي خُطط لتشييده سلفاً- أسلحة وفنوناً وأزياء تعود للمغول، وهم الحكّام المسلمون الذين سيطروا على شبه الجزيرة الهندية بين القرنين السادس عشر والثامن عشر.
غير أن المسؤولين في مدينة أغرا الهندية، موطن ضريح تاج محل، الذي يعد أشهر مثال في العالم للعمارة في عصر المغول والمبنى الأكثر شهرة في الهند، خطرت لهم فكرة أخرى هذا الأسبوع؛ وهي تغيير المتحف بالكامل؛ ليحتفي بالأغلبية الهندوسية في البلاد، وقادتهم، وتاريخهم.
القومية الهندوسية: تعد التغييرات الطارئة على المتحف أحدث نموذج على جهود إحياء القومية الهندوسية التي تجتاح البلاد، والتي يشجعها رئيس وزراء البلاد ذو الشعبية الكبيرة، ناريندرا مودي.
في الجهة المقابلة، يقول منتقدو الحكومة إن مودي وأنصاره يؤججون لهيب الانقسام الديني في البلاد، مما يُلحق الضرر بالمؤسسات العلمانية، ويتهمونهم بإعادة صياغة تاريخ الهند مُستأصلين الإنجازات الإسلامية منه.
هذا المتحف وُضع حجر أساسه في عام 2016، بعد الموافقة على تمويله في ظل الحكومة السابقة، لكن عمليات التشييد لم تشهد أيّ تقدُّم يُذكر.
لن يسمح بتكريم المسلمين: من جهته، يقول يوجي أديتياناث، رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، التي تقع فيها مدينة أغرا، إنه لن يسمح بتكريم حكام الهند المسلمين بمثل هذا المتحف، بل سيطلق عليه بدلاً من ذلك اسم تشاتراباتي شيفاجي مهراج، وهو أحد الملوك الهندوس المحاربين في القرن السابع عشر.
حسبما أشارت منشورات حكومية، تساءل أديتياناث -المعروف بعدائه نحو الاعتراف بالتاريخ الإسلامي- قائلاً: “كيف يمكن أن يكون المغول أبطالنا؟!”، في إشارة إلى أن الهندوسية والحس الوطني بالهند في تقارب متزايد، وأضاف: “سيثير اسم شيفاجي شعوراً بالقومية واحترام الذات”.
ليست الأولى من نوعها: وعكس الجهود المبذولة في ولاية أوتار براديش، لا سيّما مبادرة تغيير أسماء المدن والأماكن التاريخية التي تحمل أسماءً إسلامية، اتجاهاً وطنياً أبعد من ذلك، فعلى سبيل المثال، أصدرت المحكمة العليا في الهند، خلال العام الماضي، حكماً لصالح الهندوس يعطي الضوء الأخضر لبناء معبد هندوسي في موقع مسجد دمّره متطرفون هندوس في عام 1992.
بعد مدة وجيزة من هذا الإجراء، أقر البرلمان الهندي قانوناً يكرس التمييز ضد المهاجرين المسلمين الذين يسعون للحصول على الجنسية، وقد أجج هذا القانون احتجاجات هائلة في أنحاء البلاد، ولكن قبل أن تتمخّض الاحتجاجات عن صدى في أجندة مودي، عصف فيروس كورونا بالبلاد وفرض رئيس الوزراء تدابير إغلاق صارمة على مستوى البلاد.
بينما يشكل المسلمون 14% من سكان الهند، يقولون إنهم يتعرضون لهجمات متزايدة، على نحو ملموس؛ إذ يشهدون زيادة حادة في وقائع العنف الموجّهة ضد المسلمين، وعلى الصعيد السياسي أيضاً. وبينما تواصل الهند كفاحها للتعامل مع عشرات الآلاف من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وُجِّهت أصابع الاتهام بنشر المرض إلى المسلمين.
على الجانب الآخر، يقول القوميون الهندوس، إن المسلمين يؤدون دور الضحية من خلال الشكوى بشأن المتحف، ووصف فينود بانسال، وهو زعيم قومي هندوسي، المغول بأنهم غزاة أجانب سيطروا على الهند من أجل نهبها؛ ومن ثم لا ينبغي الاحتفاء بهم بوصفهم أبطالاً قوميين.
إذ يزعم بانسال قائلاً: “حينما نالت البلاد استقلالها، نُكِّس علم المملكة المتحدة، وحُطِّمت تماثيل جورج الخامس والملكة فيكتوريا، ومع ذلك، لم يشكُ أحد المسيحيين زاعماً أننا نشن هجوماً على المسيحية”.