آخر الأخبارتحليلات و آراء

غزة هي المقاومة.. والمقاومة هي غزة

غزة هي المقاومة.. والمقاومة هي غزة

سليم الزريعي

أسفرت  حملة الكراهية والتزوير فيما يسمى التحالف الغربي لشيطنة الفلسطيني، وهي الحملة التي جرى فيها التنسيق بين اليهودي بلينكن وزير خارجية أمريكا والمستشار الألماني شولتس والوزراء الأوروبيين الذين وصلوا فلسطين المحتلة مؤخرا مع مسؤولي الكيان، بأن منحوه تفويضا لتصفية الإنسان الفلسطيني في ذاته، تهجيرا وإن لم يستطع فقتلا، وهو ما حدث في المستشفى المعمداني، بعد فشل خطة الترحيل القسري لسكان شمال القطاع.

فقد نفذ الكيان الصهيوني عن سبق إصرار مجزرة غير مسبوقة في توحشها عندما استهدف المهجرين بفعل سياسة الأرض المحروقة التي مارسها جيش الاحتلال ضد مناطق شمال غزة المحتمين بساحة المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، التابع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، وهو واحد من أقدم المستشفيات في غزة، يعمل منذ عام 1882م.

وقد  أسفرت المجزرة حسب التقديرات الأولية لصحة غزة: “عن سقوط أكثر من 500 شهيد” كلهم أشلاء محترقة، والمستشفى تحول إلى بركة من الدماء فيما هناك مئات الضحايا تحت الأنقاض .

وأتت هذه المجزرة قبل ساعات من وصول الرئيس الأمريكي الصهيوني جو بايدن الذي جاء في زيارة اعتبرها الكيان الصهيوني أهم زيارة لرئيس أميركي منذ 75 عاماً. كونها أول مرة في تاريخ الكيان يشارك رئيس دولة أخرى في اجتماع مجلس الحرب الصهيوني ، لتأكيد أن أمريكا شريك في هذه الحرب على غزة. ليكشف سلوك بايدن والمسؤولين الغربيين لا إنسانية هذا الغرب، وكم هو منافق بعد أن برأ الكيان من المجزرة، وأعلن دعمه التام للكيان في وجه ما سماه «إرهاب حماس».

وفي تفكيك هذا الموقف يمكن القول إنه منح الكيان الصهيوني صك براءة من مذبحة مستشفى المعمداني في غزة، وزاد بأن خاطب بايدن الصهاينة ليطمئنهم: «أريد أن تعلموا أنكم لستم لوحدكم»، و«ستحصلون على كل شيء تطلبونه».

ليس هذا فحسب وإنما مارس التدليس مع سبق الإصرار  عندما اعتبر أن «على العالم أن يعرف أن إسرائيل هي مرسى الأمن للبشرية»،  وهو بذلك كشف طبيعة العلاقة العضوية بين المستثمر والكيان الصهيوني الذي هو محل الاستثمار بقوله «أنا فخور بأنني في إسرائيل لأعبّر شخصياً عن دعمنا لها»، و«لو لم تكن إسرائيل موجودة لتعين علينا أن نخترعها، ولا ينبغي أن يكون المرء يهودياً كي يكون صهيونياً».

وذهب إلى أبعد من ذلك عندما اعتبر أن الحرب على غزة هي حرب بالنيابة عن العالم كله، ضد ما سماه التهديد على أمن البشرية وضد مخططات الإرهاب الإيراني. ووعد بتقديم مساعدات غير مسبوقة لإسرائيل (تبلغ بحسب بعض المصادر 12 مليار دولار)، وأعرب عن موافقته على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد «حماس».

وقد سبق  للرئيس الأمريكي الذي يتطلع إلى فترة رئاسية ثانية في انتخابات 2024 أن أرسل حاملة طائرات إلى المنطقة، وأوعز بإقامة جسر جوي، مع الكيان.

وفي سياق تحصين قوة وقدرة كيان الاحتلال العسكرية، كشف الكاتب  رون بن يشاي في صيحيفة يديعوت” أن بايدن استجابً لمطالب إسرائيل، وبمبادرة من إدارته، إغلاق الفجوة في الردع الإسرائيلي وهي أن يضع الردع الأميركي في مقابل إيران و”حزب الله”.

وهي خطوة اعتبر الكاتب أن لها تداعيات عملياتية، بما معناه أن هناك قوة أمريكية  بحرية جاهزة لاعتراض صواريخ قد يطلقها “حزب الله” أو إيران، وأن يهاجم من الجو، عبر طائرات تنطلق من حاملات طائرات وقواعد في شرق المتوسط( قطر، والعراق، والبحرين، والإمارات، والسعودية، وجيبوتي، وتركيا ومن ضمنها سرب “F-35” التي وضعت في حالة تأهب.

والهدف من القوة الجوية حسب الكاتب الصهيوني هو التعامل مع ما سماها الميليشيات الشيعية التي قد تفعّلها إيران من سورية والعراق، وحتى من اليمن وإيران نفسها. هذه الأذرع الإيرانية ستحاول مساعدة “حماس” في غزة، عبر إطلاق صواريخ ومسيّرات تهاجم الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

هذا في جانب الإعداد والتهيئة لاستمرار المجزرة في غزة ، لكن  اللافت وغير المسبوق هو أن يشارك الرئيس الأمريكي في اجتماع مجلس الحرب للكيان الصهيوني الذي  سيقرر تحديد موعد الحرب البرية على غزة.

ويمكن هنا القول ارتباطا بالوقائع منذ زرع الكيان في فلسطين، أن السلوك والخطاب الأمريكي يعكس عداء أيديولوجيا لكل ما هو فلسطيني، ومن ثم فإن عدوانية أمريكا والرئيس بايدن الذي قال إن على “إسرائيل” القضاء بشكل كامل على حركة “حماس” في قطاع غزة، تكشف هذا الحقد والكراهية للشعب الفلسطيني في ذاته، وكأن حماس ليست جزءا من الشعب الفلسطيني. وأن الولايات المتحدة الأمريكية بآلتها العسكرية ستكون مشاركة في الحملة الحاقدة على قطاع غزة.

فيما كشف رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، لشبكة “سي إن إن”، وجود ألفي جندي من مشاة البحرية الأمريكية قبالة سواحل غزة وإسرائيل، وأن هناك إمكانية لإنزالهم للمشاركة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال: “إن قوة مشاة البحرية الاستطلاعية مهمة للغاية لأنها ستكون القوة الدافعة في حالة الإنزال على الأرض من أجل المشاركة في الحرب”. يكشف أن من يقود الحرب على غوة هي أمريكا بأساطيلها وجنودها وشبكة ستار لينك الفضائية التي ستواكب المعركة على غزة

إن الخطأ الذي يقع فيه الأمريكيون والغرب عموما وبعض النظام الرسمي العربي للأسف، هو الفصل التعسفي بين  قوى المقاومة بفصائلها المختلفة في غزة وشعبها ، متجاهلين عمدا وبسوء نية أو ربما جهلا، أن غزة في كليتها وفي ذاتها مقاومة، ومنذ ما بعد النكبة، وهذا ما جعل إسحاق رابين رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق  يقول عام 1992 “أتمنى أن أستيقظ يوماً من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر”!  لأن غزة  العزة بمقاومتها وعنفوانها قد أذلته، كون غزة كانت وما تزال  هي المقاومة.. والمقاومة هي غزة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى