غموض يلف «محادثات سويسرا» حول السودان.. والمعارك تتصاعد في أم درمان
في ظل غيمة من الغموض تحجب مصير السودان، تنطلق غداً في سويسرا مفاوضات جديدة تحمل على عاتقها مهمة إيجاد حل للأزمة المستمرة.
وبينما يتردد قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في تأكيد مشاركته بشكل حاسم في هذه المشاورات، تستمر المعارك العنيفة بين قواته وقوات الدعم السريع، حيث تشهد مدينة أم درمان قصفاً عشوائياً يهدد حياة المدنيين الأبرياء.
ووفق المصادر، فإن مستشفى “النو” الحكومي استقبل 4 حالات إصابة من المدنيين ما بين خطيرة وطفيفة إثر القصف العشوائي بالراجمات والدانات.
غموض محادثات سويسرا
وبينما جدد قائد قوات “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو، قبوله الدعوة للمشاركة بالمفاوضات في جنيف، محملا قائد الجيش السوداني مسؤولية إفشال مساع سابقة لحل الأزمة في البلاد، أعلن البرهان خلال لقاء مشترك، مع الرئيس الرواندي، بول كاغامي، التمسك بضرورة تنفيذ اتفاق جدة.
وذكر بيان صادر عن مجلس السيادة، ليل الإثنين، أن البرهان وصل إلى كيغالي في زيارة رسمية للمشاركة في احتفال تنصيب الرئيس الرواندي، وتطرق اللقاء إلى “عدم التزام قوات الدعم السريع بتنفيذ إعلان جدة”، مؤكدا حرص حكومة السودان على السلام.
كما قال عضو مجلس السيادة السوداني، مساعد القائد العام للجيش، إبراهيم جابر، خلال لقائه القائم بالأعمال الروسي، ماكسيم سلي ساريف، بمدينة بورتسودان، أن الحكومة تسلمت مؤخرا دعوة من وزير الخارجية الأمريكي، للمشاركة في مفاوضات السلام بجنيف.
ووفق بيان صادر عن مجلس السيادة، فإن اللقاء التشاوري بين الوفد الحكومي والوفد الأمريكي الذى جرى بجدة أكد على استعداد السودان لإعداد خارطة طريق لتنفيذ اتفاق جدة، ومن ثم مناقشة رؤية السودان لاستئناف أي محادثات من شأنها الوصول إلى سلام.
وقبلها قالت الحكومة السودانية في بيان رسمي، إن الوفد الأمريكي في مفاوضات جدة، لم يقدم مبررا لإنشاء منبر جديد، إثر الدعوة المقدمة من الولايات المتحدة للتفاوض في جنيف.
وذكرت أنها لاحظت عدم التزام الوفد الأمريكي بدفع قوات “الدعم السريع” للالتزام بتنفيذ إعلان جدة الذي يتضمن الالتزام بحماية المدنيين في السودان ويستند على القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
وأوضحت أن الوفد الأمريكي لم يقدم ما يبرر إنشاء منبر جديد، كما أنه اعتمد على “معلومات غير صحيحة في تقييم الموقف في السودان”.
لكن المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، قال الإثنين، إن المحادثات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ 15 شهرا في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع ستمضي قدما في جنيف هذا الأسبوع.
وتعثرت مشاورات استباقية في مدينة جدة السعودية، الأحد، قبيل انطلاق محادثات وقف إطلاق النار في جنيف.
وكانت المفاوضات التي شارك فيها وفد حكومي سوداني مع الولايات المتحدة الأمريكية وانتهت دون نتيجة أو أمل نحو اتفاق، وعاد الوفد إلى بورتسودان.
وقال وزير المعادن السوداني، رئيس وفد الحكومة للتشاور مع الحكومة الأمريكية، محمد بشير أبونمو: “أعلن بصفتي، رئيسا للوفد الحكومي في الاجتماعات التشاورية مع الأمريكان في مدينة جدة السعودية، انتهاء المشاورات من غير الاتفاق على مشاركة الوفد السوداني في مفاوضات جنيف”.
وأوضح أبو نمو على صفحته الرسمية عبر “فيسبوك”: “هناك بالتأكيد تفاصيل كثيرة قادتنا إلى هذا القرار بإنهاء الحوار التشاوري دون اتفاق”.
وكانت الحكومة السودانية أعلنت في بيان، الجمعة، إرسال وفد إلى جدة للتشاور مع الحكومة الأمريكية بخصوص الدعوة المقدمة منها لحضور مفاوضات ستنعقد في جنيف في 14 أغسطس/آب لبحث وقف إطلاق النار في السودان.
وتهدف المحادثات إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 16 شهرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وكان من المفترض أن تكون محادثات جنيف، التي وافقت قوات “الدعم السريع” على حضورها، أول محاولة كبيرة منذ أشهر للتوسط بين الطرفين المتحاربين في السودان.
ونهاية الشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن واشنطن تسعى لإنهاء النزاع “ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة، تبدأ في 14 أغسطس/آب في سويسرا”، مضيفا أن “المحادثات التي ترعاها أيضا السعودية ستضم الاتحاد الأفريقي ودولة الإمارات ومصر والأمم المتحدة بصفة مراقب”.
بلينكن أوضح أن المحادثات “تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق”.
وفي 19 يوليو/تموز الماضي، اختتمت محادثات غير مباشرة في جنيف برعاية أممية، لتعزيز المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، بعد مرور 16 شهرا من القتال العنيف في السودان.
وسبق وأن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وساهم منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.