فشة خلق ..أهلا وسهلا بكم في مملكة القرابين
بقلم: أديب الطهقان
بيومها الوطني 89 احتفلت المملكة العربية السعودية منذ عدة أيام، ولا أدري إن كانت هذه المناسبة مرتبطة كذكرى تجميع المملكة من باقي المناطق، أو تحريرها من محتليها الانجليز،ومن قال بأنها محتلة بل هي مدعومة منهم لكي تقوم على أنقاض المغدورين من الموالين والمناهضين، لا يهم كثيرا قد تقوم على أشلاء الآخرين ويبدو أن هذا ديدنهم منذ أن أسس جدهم عبد العزيز مملكتهم الأخيرة، ليسري في دماء بعضهم وجيناتهم وكما يقولون “العرق دساس”.
ففي كل عام يتم الاحتفال بالعيد الوطني السعودي بطريقة خاصة، والظاهر للعيان أنها أصبحت عرفا قائما ومتوارثا يقدم فيه القرابين من البشر، وقد يكون مخلصا معهم إلى أبعد الحدود أو معارضا يكشف عوراتهم، وما الفائدة فالحالتين لها نتيجة واحدة، فكلاهما يدفع الثمن باهظا لأفعاله بأفضلها وأسوأها.
نعم ..قتل خاشقجي في العام الماضي، وعلى مقربة من ذكراه الأولى قتل اللواء الفغم الحارس الشخصي للملك، هنا تكمن المفارقة فقط باختلاف أدوارهما وأما المشترك فيما بينهم أنهما عملا مع النظام السعودي فالأول كان في السلك الدبلوماسي والآخر كان يعمل في الحراسات الملكية أي في دائرة النظام.
لن أخوض كثيرا في تفاصيل الجريمتين، لكن ماهو مؤكد أن الرواية الرسمية للواقعتين لم يصدقها أحد، يبدو أن السيناريو الذي حبك للحادثين من أسوأ ما قدم وسيقدم للمتفرج، فالسيناريو الذي خطط له يأخذنا إلى البطل الأوحد أي أنه ذو العقل المدبر لهما،وحسب التسريبات والترجيحات من يُدعى المطرب، يعد من أفشل الفاشلين كمدبر ومخطط وحتى كمخرج ، أرى أنه كان يحتاج إلى مؤلف جيد وبعض الدورات في الإخراج لتحسين الأداء الإجرامي والحبكات الدرامية لتسويق أعماله..فمن قام برسم الأحداث والتخطيط لنشر الرواية لا يملك الحد الأدنى من القدرات على الخيال والإبداع لحبك القصة لتبدو مقنعة ولو بنسبة خمسين بالمئة.
في تقديري.. أن هناك نوعان من الأضاحي البشرية ، ممن يعدون عقبة في طريق الأمير الشاب الملهم، ذو الرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة، صاحب رؤية 2030 والتي ستغير وجه المملكة تغييرا لم يشهده العالم من قبل، النوع الأول فهو من عمل معهم واطلع على أسرارهم وكشف خباياهم،هم الأخطر عليهم ،وخصوصا إن عارضهم ولو معارضة ناعمة بهدف الإصلاح فيتم التخلص منه لتدفن معه ما عرفه من معلومات، وهذا ما حصل مع خاشقجي وبعض الأمراء..الذين تم استدراجهم والتخلص منهم.
أما النوع الآخر فهو من طالب بالإصلاح دون تغيير الحكم ولم يكن مطلع على فضائح آل سعود من مشايخ ومثقفين ودائه بسيط في نظرهم فتعريضه لأشنع أنواع التعذيب كفيل بالأمر، ولا ننسى إن نذكر أيضا بعض النساء اللواتي انتهكت حقوقهن بشكل فاضح وإجرامي في السجون السعودية…وبالتأكيد السلطات تقدم خدماتها العظيمة لملك الموت بالإسراع في المجيء من خلال التعذيب ليأتي لإتمام المهمة التي بُدأت من طرفهم في القتل البطيء.
أحيانا أستغرب عندما أسمع أحد السعوديين يقول سعودي وأفتخر ،كم أود أن أفهم ما سر الافتخار ومن أين لك هذه الثقة ؟ فمع كم الظلم والإذلال الذي يعيشه المواطن، والفساد الممنهج الذي بدأ يستشري في المجتمع والمتعمد من خلال تنظيم حفلات ماجنة للشباب ومراقص تسمى كذبا بإسلامية ،والحلال المحرم، فأكبر منتجع على البحر الأحمر لنشر الرذيلة وقد تكون أيضا مشرعة ومحللة، ففتوى مشايخ السلطان جاهزة لتبيحها.
تراث منهوب وحريات مسلوبة….متناقضات لا مبرر لها على أرض من المفترض أن تكون من أطهر بقاع الأرض مما تحمله من مقدسات، ورمزية دينية للمكان، تنجس بتصرفات رعناء بلا حسيب ولا رقيب من إنسان لا أظن أنه يملكها يحاول أن يخلق من نفسه صنما ليؤله من عبادته وأتباعه الضالة…
إن المهزلة التي يقودها الأمير الفذ ،ضد اليمن وشعبه، الذي عانى الأمرين من حكم مستبد وتجهيل،ألا يكفي أن الفقر نخرهم والتخلف والمرض أكل أجسادهم، ليستأسد عليهم هو ودول التآمر العربي المكونة من دولة الإمارات المتفرقة ،وجزيرتي ريتويت ومصر العميل الصهيوني، والتي انقلب فيها السحر على الساحر، لتركعه شلة في أغلبها من المغيبين ،وفي الجبال مسكنهم لتكسر خشومهم وتقارعهم، وتكبدهم الخسائر تلو الخسائر في عقر ديارهم…فالسياسات المتبعة لن تجلب سوى الدمار إلى المنطقة من بصقة القرن التي سترد في وجوهم، وحرب مع إيران لن يدفع ثمنها إلا الطبالون أولا ومن بعدهم الشعوب المهمشة والمضطهدة….
دين جديد يحاولون صنعه مع سحرتهم، ليخدم مصالحهم ويخلد ملوكهم الأطهار المطهرين، الذين يرقون عند عُبَّادِهم إلى مرتبة الرسل وفي أحيان كثر الإله..
– في نهاية مقالي الذي ستزعج الكثيرين، لن أقول إلا أن هذه المملكة تستحق أن تسمى بالمهلكة، كونها أهلكت البشر والشجر والحجر، وأعادت الناس من عبادة الواحد الأحد إلى الصنم الأوحد.. فلا نامت أعين الجبناء.
المقالة لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي صاحبها