فشة خلق : عاهات خليجية
بقلم / أديب الطهقان
لم أستطع تمالك نفسي من هول المشهد الإنساني المعبر والعظيم حينما شاهدته على الشاشة الصغيرة، فانهمرت دموعي كالشلال حتى أغرقت شقتي وما فاض عن حاجتها استقر عند جيراني، ولبت سيارات المطافي والدفاع المدني ندائي لإنقاذ ماتبقى إنقاذه من هذا الطوفان الغادر، وأيضا مارست الأطقم الطبية دورها الأنساني في تهدئتي وإدخال السلام إلى روحي بعد أن قاطعني النوم، نعم..فأنا اعتصر ألما لم رأيته.
ببساطة شديدة، المشهد يا سادة يا كرام وفي رمزية ليس لها مثيل، وكما عودتنا دولة الإخوة والسعادة منقطعة النظير، وعلى ترابها الطاهر وفي خطوة سباقة لا تحدث إلا فيها كدولة أبهرتنا فيما سبق حيث بجهودها الحثيثة جمعت من تفرق شملهم فجمعت أفراد عائلة يمنية يهودية بعض أفرادها في بريطانيا والبعض الآخر في اليمن، لتضرب لنا أروع الأمثال في تسامح الأديان ، فهل عرفتموها وهل يخفى القمر، إنها الدولة الشابة الفتية دولة الإمارات العربية السباقة إلى الخير دون منازع بجميع أشكاله.
وهنا يدور في عقلي سؤالا بدائي: لماذا هذه العائلة اليمنية تحديدا دون غيرها من آلاف العائلات والتي شردت وتشتت جراء الحرب ، وكانت هذه الدولة طرفا رئيسا في تدميرها وقصفها دون أن تميز بين حجر أو شجر أو بشر وسعت بكل نفوذها وقوتها لإذابة من على أرضها ومن بعدها ممارسة انسانيتها المزعومة لتلحق من بقي حيا بمن مات من أقاربهم في قبورهم لتجمع شملهم وتسهل الوصول إليهم ،أضف إلى ذلك ما ارتكبوه من جرائم وفظائع يندى لها الجبين ولم تعد تخفى على أحد.
إن المتابع للأحداث وما يراه من تطبيع واتفاق مع دولة الاحتلال الصهيوني ولكن هذه المرة في العلن وليس كما كان يحدث في السابق في الخفاء، سيلحظ تطورا سريعا للأحداث بزيارات وشراكات متبادلة بين دولة الإمارات المتفرقة وبينهم كما سيدرك أنها النتيجة الطبيعية لكل المقدمات السابقة وليس مستغربا أن تقيم أي دولة علاقات سياسية ودبلوماسية.
ولا غرابة في ذلك لكن ما يحيرني أن تقيم العلاقات دون سبب مقنع وتبرر فعلتها الشنيعة وتُحجر على ظهر الشعب الفلسطيني وتأتي بأكاذيب هم نفوها من أن الغرض كان لحث إسرائيل على وقف قرار ضم أراضي في الضفة.
إن تلك التفاهات التي تخرج فيها علينا كل يوم هذه الدولة بواسطة اذرعها ومطبليها من أمثال القبيح وسيم يوسف وضاحي خرفان لم تعد تنطلي حتى على طفل صغير،مازالت شبه دولة الإمارات المتفرقة تبحث عن دور لها بين الدول فتارة تبهرنا بتاريخ تصنعه باكتشاف مسجد بني قبل ظهور الإسلام وهذا أغرب شيء يمكن أن تسمعه في عصرنا، وتارة يرسلون رائد فضاء إماراتي ليعود لنا بالمعلومة الأكثر إبهارا والتي يبدو أنها وصلت إليه حديثا، والتي يعود اكتشافها لجاليليو في أحلك عصور أوروبا من جهل وتخلف وهي أن الكرة الأرضية مدورة فسبحان الله والحمد لله أن المعلومة أخيرا وصلت إلى عقله المحدود بعد عديد من السنوات الضوئية.
وفي حضرة حاضر هذه الدولة نجد أنه لم تسلم أي دولة من شرها فزرعت الفتن في ليبيا الصومال سوريا، كما حاولت في كل من الجزائر والأردن وتونس ولم تتوانى في خلخلة استقرار أي دولة بدعمها أطرافا على حساب إطراف أخرى بالأموال والسلاح، دفعت بالرز الخليجي لتنقلب على انتخابات شرعية، فأينما وجدنا أبناء ناقص وجد الدمار والخراب، قدمت خدمات لإسرائيل بفسادها وإفسادها لتنعم بالأمن والأمان أكثر من أي فترة مضت، فلم تبذل دولة الاحتلال أي أضعاف مضاعفة من مجهود لتحظى بما حصل الآن من تطبيع ..هي فقط استثمرت كل قوتها لتحافظ على وجودها وما حققته لهم دولة الإمارات المتفرقة والمهلكة السعودية ومن على شاكلتهم من العربان ونباحهم مع احترامي للكلاب فهي رمز الوفاء.
ولكي أكون منصفا فلن القي باللوم على من باع القضية منهم فبعض أبناء الشعب الفلسطيني ممن جاؤوا بسلطة المسخ واتفاقيات أوسلو العار التي لم تخدم سوى القلة المنتفعة والمتآمرة من أشباه المناضلين والمنظرين والذين امتلأت جيوبهم مما سرقوه دون ذمة أو ضمير ،ولم يرحموا من حمل سكينا ليقاوم به عدوا غاصبا لا يفهم إلا لغة القوة والبطش، لا استغرب من جرأة هذه الأنظمة العميلة، فالعيب في قيادات لم تطلق يوما رصاصة واحدة وجاءت لتقوم بمهمة المحتل بل أخلصت في أداء المهمة، ولن يتحرر الفلسطينيون إلا إذا تحرروا من هؤلاء العملاء والخونة والذين استغلوا حاجة الناس ومعاناتهم اليومية.
فخرج علينا كل من معتوه البيت الأبيض ترامب وشيطان العرب محمد بن زايد ونتنياهو رئيس وزراء الكيان الغاصب ليتحفونا بالاتفاق التاريخي بينهم ،ليستشهد ترامب بعظمة دولته وما قامت به من إنجاز، مع شخص لا يمثل إلا إمارته فيا ترى ما موقف بقية الإخوة الأعداء حكام الإمارات المتفرقة وأين حاكمها ولماذا هو مغيب منذ زمن؟؟!!
تساؤلات كثيرة تتبادر إلى الذهن، لندرك أننا أصبحنا في زمن المفاهيم والمعايير المقلوبة، فأصبحت الخيانة والتطبيع خطوة جريئة والانبطاح والتسليم سياسة حكيمة والغاية تبرر الوسيلة وقس على ذلك ما شئت دون خجل أو مواربة وبيعت كل المباديء مقابل البقاء علي الكرسي حتى ما بعد الممات،، الكل يتاجر بالقضية في كل المحافل مرة باسم الدين ومرة أخرى باسم الإنسانية والضمير وفي النهاية الكل يقبض الثمن ماعدا المساكين والمطحونين، فهم من يدفعون الثمن.
جاء هذا الإعلان في هذا التوقيت لينقذ الثلاثة الغارقين في وحل قضايا الفساد والتزوير لينتشلهم من مستنقاعاتهم ، منذ أن رأينا سحناتهم العكرة وعلمنا بأعمالهم العفنة، في قناعتي لن يغير شيئا ما حدث وسيحدث من مؤامرات وتدابير للقضاء على القضية فهناك وعد الله الحق الذي وعدنا وبإذن الله بأيدي المخلصين، ولن استغرب إذا وجدت يوما صهيونيا يحكمك في بلدك لأنهم هم من جاؤوا بهم ليستعبدوك وليقيموا دولتهم ولكن هذه المرة لتمتد أبعد مما كانوا يحلمون به،، فأهلا بدولة إسرائيل العظمى من بحر العرب والذي قد يصبح بحر اليهود إلى بحر المتوسط وحينها ستأكلون أصابع أيديكم وأرجلكم ندما وحسرة على خيانتكم لدينكم وعروبتكم واشدتم بهذه الخطوة نفاقا وتملقا لأربابكم وأولياء نعمتكم، البقاء لله في شعوب باعت بقية كرامتها بلقمة مغمسة بالذل والمهانة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
المقالة لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي صاحبها