فضيحة “واير كارد”.. من الإفلاس إلى الملاحقات القضائية
لم تجد شركة “واير كارد” وهي إحدى أكبر 5 شركات في قطاع المدفوعات عالميا، إلا التقدم بطلب إفلاس، تمت الموافقة عليه خلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، في فضيحة يبدو أن امتداداتها ستتجاوز حدود بلدها الأم “ألمانيا”.
بدأت القصة بالظهور بقوة في 18 يونيو/حزيران الماضي، بعد أن عجزت الشركة عن إقفال ميزانيتها السنوية بسبب غموض يكتنف جزء من هذه الميزانية من خلال فجوة تزيد عن ملياري دولار، فيما قضت محكمة ألمانية أول أمس، بوضعها تحت إشراف مدير إفلاس مؤقت.
واليوم الأربعاء، أصدر الادعاء العام في ألمانيا ثلاث مذكرات اعتقال بحق مسؤولين تنفيذيين سابقين في شركة “وايركارد” الألمانية لخدمات الدفع الإلكتروني ، والتي أشهرت إفلاسها في أعقاب فضيحة التلاعب المحتمل في ميزانيتها.
النشأة والانتشار
وشركة “Wirecard AG”، هي معالج دفع إلكتروني ومقدم خدمات مالية ألمانية المنشأ، تقدم كذلك خدمات إدارة المخاطر، وإصدار ومعالجة البطاقات المادية والافتراضية؛ واعتبارا من عام 2017 عملت الشركة في جميع القارات، وتم إدراجها في بورصة فرانكفورت، وجزء من مؤشر داكس للأوراق المالية.
تأسست الشركة في عام 1999 ويقع مقرها الرئيسي قرب مدينة ميونخ الألمانية، وكانت قريبة من الانهيار في عام 2002، قبل أن يتم ضخ سيولة فيها من قبل رجل الأعمال “ماركوس براون” وانضم إلى منصب الرئيس التنفيذي.
وتوسعت الشركة خارج ألمانيا ووصلت إلى سنغافورة عام 2007 من خلال تأسيس وحدتها التابعة “Wirecard Asia Pacific”، وبدأت هناك بتقديم منتج بطاقات ائتمان افتراضية مدفوعة مسبقًا للدفع عبر الإنترنت.
توسعت الشركة لاحقا في أسواق مثل نيوزيلندا وأستراليا وجنوب إفريقيا وتركيا حتى عام 2014؛ ثم وصلت إلى أمريكا الشمالية في 2016، وهو العام الذي استحوذت فيه على مزود خدمة دفع عبر الإنترنت في أمريكا الجنوبية، وبالتحديد البرازيل.
وفي عام 2019، استثمر سوفت بنك في وير كارد من خلال شراء نظام مدفوعات في بكين، لتعمل منذ العام الماضي في السوق الصينية، وهو أحد الأسواق الصاعدة عالميا في صناعة المدفوعات الإلكترونية والرقمية.
ومنذ عام 2015، تقدم “Wirecard” للمستهلكين تطبيق بون للدفع عبر الهاتف النقال، والذي يعمل بشكل مستقل عن البنوك أو مشغلي الشبكات، من خلال شراكة مع شركة ماستر كارد العالمية، عبر بطاقاتها الافتراضية.
فجوة بـ 2.1 مليار دولار
كان “إقفال الميزانية” هو الخيط الذي كشف عن واحدة من أكبر شبهات قضايا الاحتيال في العالم، فقد عجزت شركة واير كارد الألمانية في 18 يونيو/حزيران، عن إقفال ميزانيتها السنوية بسبب فقدان مبلغ 1.9 مليار يورو (2.1 مليار دولار).
وأعلنت الشركة المدرجة في مؤشر داكس 30، في مقرها في اشهايم القريبة من ميونخ، أن شركة “إي واي” للمراجعة المالية أخطرتها بعدم وجود أدلة تدقيق كافية لأرصدة مصرفية في حسابات الضمان بقيمة 1.9 مليار يورو.
وفي تطور لاحق، اعترفت الشركة بأنه من المرجح للغاية أن تكون الـ1.9 مليار يورو التي قيدتها في حسابات الضمان، لا وجود لها من الأساس.
وتتعلق هذه الـ1.9 مليار يورو بإيرادات مزعومة من أعمال تجارية مع شركات من الباطن كانت تقوم بخدمات دفع بطاقات ائتمان لوايركارد في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط.
وصرح متحدث باسم واير كارد وقتها، بأن الشركة تقدمت ببلاغ ضد مجهول في هذه الواقعة مشيرا إلى أن شركته ترى نفسها ضحية محتملة لعملية “نصب هائلة”.
وتسببت الفضيحة في هبوط بنسبة 80% في سعر سهم الشركة على مدار يومين متتالين أعقبا الإعلان عن فجوة الميزانية، بينما بدأ مساهمون بالتهديد برفع قضايا وسط تحقيق من قبل المدعين العامين والمنظم المالي الألماني.
إلا أن الأزمة في Wirecard تنبع من مقال نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بدا فيه أن الموظفين يتآمرون لتضخيم المبيعات والأرباح عن طريق الاحتيال وتضليل مدقق حسابات الشركة، وفق صحيفة نيويورك تايمز.
الملاحقات القضائية.. المحطة قبل الأخيرة
أصدر الادعاء العام في ألمانيا ثلاث مذكرات اعتقال بحق مسؤولين تنفيذيين سابقين في شركة “وايركارد” الألمانية لخدمات الدفع الإلكتروني.
وقالت متحدثة باسم مكتب الادعاء العام في مدينة ميونخ الأربعاء، إن الاتهامات تتعلق، ضمن أمور أخرى، بالاحتيال التجاري المنظم والتلاعب بالسوق.
وأشارت المتحدثة إلى تلقي جهات التحقيق مساعدات من “شاهد مالك”، وعبر مستندات أخرى، وقد أفادت هذه المصادر بأن المتهمين قرروا منذ 2015 ” تضخيم” ميزانية “وايركارد”.
ومن بين الذين صدرت بحقهم أوامر الاعتقال، مدير مال سابق، وأيضا الرئيس التنفيذي السابق ماركوس براون الذي كان خرج بكفالة خمسة ملايين يورو بعد أمر اعتقال أول كان صدر بحقه.
وذكرت المتحدثة أنه صدر أمر باستمرار حبس الأشخاص الثلاثة، مشيرة إلى أنه تم القبض عليهم في ميونخ، وأكدت أنهم لم يسلموا أنفسهم.
ووفقا للوضع الراهن للتحقيقات، فإن جميع الأعمال عن طريق طرف ثالث أو الجزء الأكبر منها، وهمية.
وتملك “وايركارد” 45 شركة، ليس من بينها سوى ثلاث فقط هي التي يمكن أن يمكن وصفها بأنها مربحة.