فورين بوليسي: حصانة حزب الله تتلاشى بعد تراجع سمعته
أشارت مجلة ”فورين بوليسي“ إلى المواجهة المتوترة في لبنان، بين المتظاهرين ومؤيدي حزب الله و“حركة أمل“، حيث هتف المئات من المناهضين للحكومة على طريق رئيسي في العاصمة بيروت في وقت مبكر من صباح الإثنين الماضي ”إرهابيين إرهابيين حزب الله إرهابيين“، في مشهد بدا غير معقول قبل شهر واحد في البلاد.
وطلب بعض المتظاهرين إيقاف الهتافات، لكن مع استمرار الاستياء الاقتصادي والغضب واسع النطاق في لبنان، ودفاع زعيم حزب الله ”حسن نصر الله“ عن الحكومة، بدأت حصانة سمعة الحزب تتلاشى.
جزء من العقبة
وقال ”مهند حاج علي“، وهو زميل في مركز ”كارنيغي“ للشرق الأوسط لمجلة ”فورين بوليسي“ إنه بات ”يُنظر إلى حزب الله على أنه جزء لا يتجزأ من العقبة الرئيسية في طريق التغيير في لبنان“.
وكانت معظم المظاهرات سلمية وضد الطبقة الحاكمة برمتها، بما في ذلك جميع الطوائف والأحزاب السياسية، وحتى وقت قريب، وكان يُنظر إلى ”نصر الله“، الذي ليس لديه منصب حكومي رسمي، على أنه فوق مستوى الشبهات فيما يتعلق بالفساد المنتشر الذي دفع البلاد نحو الانهيار، وخاصة بين قاعدة الدعم الشيعية لحزب الله.
واكتسب حزب الله لقب ”المقاومة“ بين اللبنانيين من جميع الطوائف والانتماءات السياسية، بعد طرده للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية في عام 2000، وحتى بعد حرب عام 2006، والتي تركت أجزاء من لبنان في حالة خراب، حظيت المجموعة بدعم شعبي لما اعتبره الكثيرون انتصارًا على العدوان الإسرائيلي من قبل المدافعين عن البلاد.
وفي مايو عام 2008، استولى مقاتلو حزب الله على وسط بيروت بعد أن هددت الحكومة بإغلاق شبكة الاتصالات الخاصة بالحركة والإطاحة بحليف مسؤول عن أمن المطارات، ووجهوا أسلحتهم إلى داخل الحدود بدلًا من خارجها.
ومع إرسال حزب الله الآلاف من المقاتلين عبر الحدود للقتال في سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد في عام 2013، تساءل المزيد من الناس عن ولاء حزب الله، وكانت سمعة المجموعة تتلاشى أكثر وأكثر منذ بداية الاحتجاجات في منتصف شهر أكتوبر، والتي شهدت خروج حشود كبيرة إلى الشوارع في المناطق ذات الأغلبية الشيعية مدينتي ”صور“ و“النبطية“.
وفجأة، بينما كان المتظاهرون يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة مثل المتظاهرين في بيروت، والتي تطالب بالإطاحة بجميع القادة السياسيين الطائفيين الحاليين وإقامة انتخابات جديدة ونظام جديد، وجد حزب الله نفسه جزءًا من المؤسسة المستهدفة.
وقال ”مهند حاج“ إن الاحتجاجات تعتبر تحديًا مباشرًا للمكاسب التي حققها حزب الله في انتخابات 2018 وتهديدًا لمخطط السياسة الخارجية للمنظمة.
أوامر طهران
وهذا الأسبوع، وفي مواجهة صفين كثيفين من الجيش اللبناني وشرطة مكافحة الشغب على رصيف ممتلئ بالحجارة والعصي، اشتكى بعض المتظاهرين من أن مخططات حزب الله لا تهدف في الحقيقة لبناء لبنان؛ بل هي أوامر تأتي من طهران.
ومثل بعض الاحتجاجات المتصاعدة في العراق المجاور، يعتزم المتظاهرون الشباب تحدي النفوذ الإيراني على وجه الخصوص، إذ هتف بعض المحتجين يوم الإثنين: ”هنا لبنان وليس إيران“.
وعندما أصر نصر الله على عدم تنحي الحكومة اللبنانية مع بداية المظاهرات في أكتوبر، شعر الكثير من المحتجين أنه جزء من المشكلة، وشرح ”مهند حاج“: ”كانت صدمة للشيعة اللبنانيين الذين انضموا إلى حركة الاحتجاج، وتساءلوا لماذا يحمي حزب الله الوضع الراهن الفاسد للغاية والذي يقود البلاد نحو أزمة مالية واقتصادية؟“.
وحاول نصر الله تشويه سمعة المحتجين، بالإشارة إلى أنهم ممولون من السفارات الأجنبية، ولكن المحتجون سخروا من الادعاء، واستقال العديد من الصحفيين من صحيفة ”الأخبار“ الموالية لحزب الله.
وقال أحد المتظاهرين يدعى ”بهاء يحيى“ إنهم ”يحاولون الحفاظ على النظام، وكل ما نريده هو إزالة النظام، وهذا هو الهدف من كل هذا“.
وفي الماضي، تمكن حزب الله من تجنب معظم الانتقادات المباشرة لعلاقاته بطهران وسوريا، وعلى مدار عقود من الزمان، حصل أمراء الحرب الأهلية الذين تحولوا إلى نخبة سياسية في لبنان، على دعم من القوى الإقليمية والدولية، وانتقد المتظاهرون هذا التدخل الأجنبي في بلادهم، ولكنهم كانوا حريصين على عدم تحديد أي جماعة بعينها، وحتى وقت قريب لم يذكر أحد الأسلحة التي تمد إيران حزب الله بها، والتي تفوقت على أسلحة الجيش الوطني.
ثورة واحدة
وفي الأسبوع الماضي، مع خروج الآلاف من الناس إلى شوارع إيران للاحتجاج على ارتفاع أسعار الوقود هناك، سعى المحتجون في وسط بيروت إلى إيجاد أرض مشتركة معهم، وهتفوا: ”من طهران إلى بيروت، ثورة واحدة لن تموت“.
من جانبهم يقاوم أنصار حزب الله، ويلوحون بأعلام حزب الله وحركة أمل ويرددون الشعارات الطائفية مثل ”الشيعة، الشيعة، الشيعة“، ويؤكدون على ولائهم لنصر الله ونبيه بري، رئيس حركة أمل ورئيس البرلمان اللبناني.
وردد المتظاهرون المناهضون للحكومة بهتافات تقول ”الشعب واحد“ قبل تلاوة النشيد الوطني، ولم يتضح كيف بدأت المواجهة ليلة الأحد الماضي، ولكن ما هو واضح هو أنها أثارت مخاوف من تصعيد عنيف لتمرد لبنان المستمر منذ ستة أسابيع ضد الحكم الطائفي السيئ وتلطيخ سمعة حزب الله كمدافع عن البلاد.
وتمكن بعض من أنصار حزب الله وحركة أمل من اختراق خطوط المتظاهرين، وهاجموا المحتجين ودفعوهم للهرب إلى الشوارع الجانبية وسط المباني التي لا تزال تحمل آثار الحرب الأهلية.