ثقافة وأدب

فيضان…

الكاتبة نور الهدى شعبان _ سورية

فيضان خرج من واحة
انفجرت من فمه الثورات
بيد الصحراء خصبت
تدلى من سقفها عناب
فجاءني الرد من صديقي القدير الاستاذ محسن
ثم جاء البركان والتهم الأخضر واليابس لا تحزني يا صديقتي
وانا من اعتدت دوما أن ألملم من الانكسارات أملا
وأعلم أن الحزن شقيقنا
فقلت له
لم نحزن إن كنا كما الآن ما تغير لون الحضيض ..
إذا ما تغيرت ألوان الأمل ..
و تتزاحم الأخبار و التحليلات و الأراء تضج حولي من كل حدب و صوب و أنا أغلف حجرتي بالصمت مرة و مرات بالحديث عن الحب و الأمل ..
فكتبت مرة في الثالث عشر من شباط
نتجرع كأس الحنين للوطن
و اعلم أن الوطن بين أيدينا
إلا أننا فقدنا بوصلة المحبة له
في غفلة معاناة مرسومة قصدا و مخطط لها و مقدرة علينا
فعدت مجددا في بداية آذار الحزين أهتف
مهما كان السؤال فالحب هو الإجابة و سلامتك يا وطن
هل سبقني حدسي في قراءة شهر المواجع
فرحت انظم كلمات من الحب علها تطفئ نار خوف من المجهول استشعرته
و من ثم حدث ما حدث
فبت حقا لا أعلم من أنعي ..
أنعي من رحل او من بقي
أحرف حكما ورثناها..
لو كان الحزن
أو لو كان الفشل
او لو كان الفقر او …
عذرا يا سادة
لو كان الفراق رجلا لقتلته
ولكن في مثل حالنا
سأنحني إجلالا لمن رحلوا
و أرسل مباركتي لأرواحهم الطاهرة التي افتدت من بقي بعبق دمائها فلا عدت أرثي فواجعنا التي فاتت أمام هذا الدم البريء
تتوالى أمام عيني أسماء الأعزاء
الذين خطفهم الموت خجلا
ولكن السماء اكتظت ليلتها بالنجوم فهل كانت أرواحهم ساهرة تطبطب على حزننا من علو
احاول أن ارسل تعازيي لمن أحب و لمن فقد فهربت مني كل الكلمات و رحت أكتب
أماه .. سوريا
يا من علمتنا الحب..
طالما هتفتي و هتفنا علينا بالمحبة و السلام
وطالما كان لون المحبة أحمرا
اليوم عدنا و ما عدنا كما عدنا
فلا بحرنا الأزرق أزرقا
و لا جبالنا الخضر خضرا
ولا شمسنا الصفراء صفراء
ولا دمعنا بقي أبيضا..
حتى أحلامنا المعلقة بالسماء أفلت
و قمرنا المسكون بقصص البسطاء ..
بات منكسفا
بعد أن رحلوا عنوة و اغتيلت أرواحهم قهرا ..
و تشردت بذاكرة من بقي
الصور الملطخة بالتعذيب و اللانسانية الفائضة بالدماء..
هناك حيث كانت الغابات بوحوشها أحن علينا من بعضنا
حيث كانت الأشجار أدفأ ظلا من أسقف المنازل التي عمدت
بأيدينا و عرقنا..
هناك حيث الدموع حفرت على الأرض صمتا طويلا من القهر..
يتبعه نحيب أطفال تجوب حناجرهم المرتابة رهبة المجهول و تسكن أذانهم أصوات الرصاص التي اغتالت الفرح الذي فقدته طفولتهم من زمن ..
والآن لم يزورنا ألمطر يا ربيعنا المكلوم
ليس عليك أن تقلق
فالأرض فاضت و ينابيعها نضجت بالبكاء و الصراخ و الدماء
ليس علينا أن نقلق لمرور عيد الأم خجلا هذا العام ..
فالشمس كلما أفلت ..
تشرق ذات الصباح ..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى