في لقاء خاص ..الفنانة الفلسطينية “ميرا” تكشف عن مشاريعها الغنائية الجديدة
الفنانة "ميرا ": للأسف نجاح الفنان معتمد على جنسيته في دولنا العربية..
حوار : سمر الزريعي – لؤي عوض الله
ولأن معنى اسمها يأخذنا إلى السلام والرائع في لغات عدة، تفضل ضيفتنا الفنانة ميرا أن نعود بأصل اسمها إلى المعنى الأحب إلى قلبها “النجم”، كونَ هذا هو ما تتمناه لنفسها ولفرقتها التي أنشأتها منذ 3 سنوات وحملت ذات الاسم، أن يسطع نجمهم كما “ميرا”، ولم لا وهي تستحق أن تكون نجمة متألقة، لما تضيئه في الأرواح من بهجة بصوتها وحضورها..
ولأن كلمة السر لجلستنا المسائية حيث التقيناها كانت فلسطين، فمن المؤكد أن شتاء فنلندا القارس لم ولن يُجمد مشاعرها نحو وطنها فلسطين، لذلك نجدها دوما في مقدمة الداعمين لأي نشاط يقام هنا من أجل إبقاء القضية الفلسطينية حية حاضرة، حيث تبادر بالمساهمة بفرقتها الخاصة “ميرا باند” في جميع المناسبات الوطنية.
وفي بداية العام الذي ودعناه قبل أيام أي عشرين عشرين سجلت ضيفتنا أولى أغنياتها الخاصة والتي جاءت باللون العراقي “تتحجج عليه”، كما أن لها أغنية بلون الفلكلور الفلسطيني “الدبكة” ستصدر قريبا.
وفي جلسة مليئة بالشجن في مدينة هلسنكي بشتائها وصقيعها، حضرت فيه فلسطين الذاكرة والأمل والغد لتبعث فينا الدفء من خلال هذا الحوار الذي بدأناه بسؤالها:
– ماذا تقول الفنانة ميرا عن الإنسانة ميرا؟ ومتى تختلفان ومتى تتفقان؟
وعن الإنسانة قالت الفنانة ميرا ” لا أحب التحدث عن حياتي الشخصية، ولكن بشكل عام، شخصيتي كفنانة لا تختلف عن شخصيتي كإنسانة، قد يختلف التعامل في عالم الفن قليلا، إذ يجب أن أتعامل بتروي وبحذر أكبر مع الناس، ففي حياتي العادية أشعر بأريحية أكثر، ولا أضطر لإظهار الوجه المبتسم والمرتاح دائما، فعندما أذهب للغناء في أي حفلة يجب أن تسبقني ابتسامتي، لأن الجمهور أتى ليستمتع وينسى مشاكله بالاستماع إلى صوتي، على عكس ما أعيشه في حياتي العادية التي لا أضع “كنترول” فيها على مشاعري، قد يعتبره البعض تناقضا ولكنني لا أعتبره كذلك، فأنا كـ”ميرا” أتفق مع الشخصيتين، ولربما هذا يرجع لطبيعة برجي.
– وعن أول ميلاد فعلي لموهبتها الفنية ومتى كانت أول مواجهة لها مع الجمهور، عدنا بذاكرة ضيفتنا لعمرها عندما كان ست سنوات، أيام الروضة ومن ثم المدرسة، حيث شاركت في المسابقات الغنائية، كما أنها كانت حاضرة دائما بصوتها للغناء في المناسبات الوطنية الفلسطينية وفي الحفلات الخاصة آنذاك.
وتابعت ميرا حديثها قائلة ” كنت منضمة أنا وأخواتي في كورال مركز “رؤيا للثقافة والفنون” في فلسطين، طبعا نغني ككورال ونتعلم الدبكة، أي أنه كان هناك أكثر من نشاط كنا نفعله في المركز، كما غنيت كثيرا في حدائق ومقاهي مدينة أريحا..وشاركت في برنامجين للمسابقات الغنائية في فلسطين، الأول برنامج “نيو ستار”، والثاني ” أحلى صوت غنيها”، ولكن للأسف لم أكمل مشاركتي فيهما لأنني في ذلك الوقت، كان يشغل بالي كثيرا موضوع سفري إلى فنلندا والتحضيرات له.
وعن الصعوبات التي واجهتها في بداياتها ردت ميرا ” إن كنت تقصدين صعوبات عائلية، فالحمد لله لم يمانع أي أحد من عائلتي دخولي مجال الفن، بل كانت عائلتي الداعم الدائم والأول لي، بمساعدتهم لي في حفظ الأغاني ودفعي للمشاركة بصوتي في الحفلات أو حتى المسابقات، وهذا الشيء لن أنساه لهم، لأنه بفضلهم لم أشعر بصعوبات، قد تكون الصعوبات عندما تشعرين بأن لديك موهبة ولكن لا تجدين من يقدم لك الدعم فنيا في بلدك، ليساعدك على إبراز صوتك، فأنا أرى غياب الدعم الفني أهم الصعوبات التي واجهتها.
وعن سؤالنا عن الفنان العربي المقيم في أوروبا ..إن كان باستطاعته تحقيق جميع طموحاته الفنية، وما الذي ينقصه عن الذي انطلق فنيا من بلد عربي؟
أجابت ميرا “لا أستطيع أن أقول بأنه يستطيع أن يحقق كل طموحاته في مجال الفن، ولكنه يجد سهولة أكبر في التعبير، أي أنه لا توجد قيود تحاصره، من نظرة الجمهور “لستايله”، وهذا يجعله يغني بأريحية أكبر، فأن تغنّي بالأسلوب الذي أنت تحبه وتختار الشكل الذي قد تطل فيه على جمهورك دون أن تتعرض للانتقاد، هذا ما نفتقده في دولنا العربية، فهنا إن أردت أن أغني في الشارع سأجد من يقف ليستمع لصوتي ويشعرني بسعادته لسماع للأغنية تشجيعا منه لي، رغم الاختلاف في الثقافات..ومن ناحية أخرى لو كان الفنان مقيما في دولة عربية فلديه الفرصة الذهبية للوصول فنيا بشكل أسرع، لكثرة الحفلات المقامة وسهولة التعرف على ملحنين وشعراء.
وهذه الإجابة قادتنا إلى السؤال التالي، ألا وهو:
مصر – لبنان ..تعتبر الانطلاقة الحقيقية لأي فنان بحكم تواجد شركات الإنتاج فيها ..هل اكتفت ميرا بانطلاقتها الفنية من فنلندا، أم أنها تسعى لانطلاقة جديدة؟
أكدت الفنانة ميرا على جوابها “هنا بالتأكيد الفن أسهل لعدم وجود قيود كما ذكرت سابقا، ولكن في الدول العربية بإمكاني أن أحقق الحلم بإيصال صوتي فنياً، وهذا لا يعني أن أبدأ من الصفر هناك، قد أكمل ما بدأته هنا، فعندما أتيت إلى فنلندا، لم يكن في بالي أن أكمل في مجال الفن، لأن الغناء بالنسبة لي مجرد هواية أحب ممارستها، ولا أعتبرها كمصلحة عمل دائمة لي، فقط أنا أحب الغناء.. فمنذ عام 2015 ومن خلال مشاركاتي العديدة في عدة فعاليات مقامة هنا، استطعت أن أوصل صوتي في بعض الدول الأوربية، وتمكنت من إصدار أغنية خاصة بي، أي أنني اشتريت الكلمات واللحن، وهذا ما ينقصنا هنا وجود شركات للإنتاج تقدم للفنان الدعم .
وعن أغنيتها الخاصة “تتحجج عليا”، والتي حققت مشاهدات نسبيا جيدة كأول أغنية لها..سألناها: هل هناك آية آلية لتوزيعها على قنوات عربية لمضاعفة النجاح ؟
ردت ضيفتنا ” هنا نعود لنفس النقطة ..غياب الدعم الفني وصعوبة الوصول والتواصل مع المعنيين بهذا الشأن، ليتم الاتفاق على عرضهم للأغنية على قنواتهم، وحسب ما أعتقد إن عرض الأغنية على هذه القنوات ليس بالمجان، أي لابد من الدفع لعرض عملك الفني أيا كان”.
– وعن إقامة الحفلات الفنية في المطاعم..وإن أعطتها حقها كفنانة، أو أن كان هناك أية شروط مفروضة من قبل أصحاب المطاعم ظالمة للفنان؟
أجابت ” نعم، على أقل تقدير ساعدتني لكي أكون قوية وشجاعة على المسرح، فهذه الحفلات ساهمت بشكل كبير في زيادة شعبيتي في أكثر من مكان سواء هنا بفنلندا أو خارجها في أوروبا تحديدا ، ولا أعتبر أن هناك شروطا ظالمة من قبلهم، فكل شيء يتم حسب الاتفاق المبرم” ..
ميرا الفلسطينية … هل انتشار الفنان العربي يعتمد على جنسيته ؟أي لماذا لا تستمر مسيرة الفنان الفلسطيني كباقي الفنانين العرب؟
نعم..للأسف فنحن الفلسطينيون مظلومون، فنجاح الفنان واستمراريته فنيا منقوصة أو متوقفة بحسب جنسيته في دولنا العربية، أما هنا أو في عموم أوروبا لم ألحظ هذا الشيء.
وجاء رد ضيفتنا على سؤال: أين ترى ميرا نفسها بعد خمس سنوات فنيا؟ وهل يمكن أن تمل من كثرة العراقيل التي تواجهها؟
واجهت في البداية صعوبات سببت لي بعض التعب ، كما تعرضت لضغوطات الالتزام أسبوعيا بإقامة الحفلات في المطاعم ولم أمل نهائيا من الغناء..كما كنت مطالبة بأن أجدد من برنامجي الغنائي في كل مرة لجذب المزيد من الحاضرين كل أسبوع، وجعلهم يتفاعلون معي، هذا بحد ذاته ضغط عصبي، بالإضافة إلى السهر وقلة النوم.. ورغم كل ذلك أحب هذا التعب، ولا أظن أنني سأتوقف عن الغناء في يوم ما.
لك جمهور في عدة دول أوروبية ..أين تجد ميرا كثافة جمهورها، وعلى ماذا يعتمد؟
طبعا في فنلندا والسويد ..فمثلا السويد الجالية العربية فيها أكثر عددا، فطبيعي أن تكون الحفلات هناك بكثرة، أما هنا في فنلندا الأمر مختلف قليلا فمشاركتي في الحفلات لا تقتصر على الحفلات الموجهة للعرب، لتعاملي الكبير مع الفنلنديين، فهنا عندما ينظمون حفلا لحدث معين مهما كان، يحبون أن يضيفوا عليها صبغة وثقافة الشرق الأوسط، بدعوتي لتقديم وصلة غناء شرقي كوني لدي فرقة موسيقية.
– لك مشاركات وطنية عديدة بتسليط الضوء على القضية الفلسطينية ..وإحياء عدة مناسبات فلسطينية ..ما المعوقات التي تعترض ميرا في ممارسة حقها كفنانة فلسطينية في التضامن مع وطنها فنيا ؟ وما الجديد المرصود على أجندتك في مقبل الأيام في هذا الشأن؟
للأسف الشديد هناك معوقات، لعدم وجود اهتمام بقضيتنا، فمثلا الأحداث والمناسبات الفلسطينية التي تقام هنا في فنلندا لا أجد لها أي اهتمام أو رعاية من قبل الجالية طبعا، فعندما أنظر لباقي الدول الأوروبية كالسويد وألمانيا وهولندا..أجد أن الجالية الفلسطينية فيها تسعى لإقامة هذه النشاطات، أما هنا لم أجد هذا الشيء لربما لأن الجالية الفلسطينية ليست بالعدد الكبير، لكن ما أتمناه من القلة الموجودة أن يصبوا جل اهتمامهم وتعاونهم في هذا الشأن، فأنا كلما أتيحت لي الفرصة بدعم قضيتي فنيا أو إقامة نشاطات في المناسبات الوطنية هنا سأكون حاضرة..
وعن جديدي سجلت أغنية سأطلقها الأسابيع المقبلة تحمل لون الفلكلور الفلسطيني ” الدبكة”، كما خططت واتفقت على تصويرها كفيديو كليب في السويد، لكن ما أخّر صدورها كأغنية مصورة، تعطل السفريات بسبب كورونا، وأصبح لابد من أن أعيد التفكير بتصويرها في فنلندا وكتابة سيناريو تصويري جديد.
– كونك فنانة تسعى إلى التجديد ..ما الجديد الذي تسعى لتقديمه ميرا وسيشكل مفاجأة لجمهورها في المستقبل..؟
بعد إلغاء إقامة الحفلات بسبب الإجراءات الوقائية المتشددة..أصبحت الكلمات تفرض نفسها عليّ..فأدونها على الورق لتخرج كلمات صالحة لأن تُغنّى..فأدندنها وأسجلها على هاتفي ..
وعن المفاجأة التي ستحضّرها لمتابعيها هذا العام، قالت ميرا ” لي صديق موسيقي أمريكي الجنسية، اسمه “بانيك” لديه استديو تسجيل في منطقة “لاوتا ساري” من العاصمة هلسنكي، كان قد أسمعني معزوفات قام بتلحينها، وسألني عن رأيي بها، وإن كانت تصلح أن تكون لحنا لأغنية، فخطرت على بالي فكرة حينها، لماذا لا نشترك معا بعمل غنائي، فكلانا لديه أفكار، فمني الكلمات والصوت ومنه الألحان، فالكلمات التي قمت بتأليفها واقعية لأنها تحكي عن حياتي وما مررت به من تجارب شخصية مع تغيّيرات في النهاية طبعا”.
وعن نمط الأغنية المشتركة قالت ميرا “سيكون نمط الأغنية بوب حديث أي مختلف قليلا لأنه باللغتين العربية والانجليزية، هذا ولي صديقة معلمة لغة إنجليزية من فلسطين، كانت تكتب الأشعار وترسل لي بعضا مما تكتبه، وأنا أضيف على كلماتها أو أدمجها مع الذي كتبته لتخرج كلمات أغنية..فالأفكار جدا كثيرة وأنا أتمنى أن أدمج الغربي والعربي في أغنية لي.
وعن موعد جاهزية الأغنية المشتركة ، قالت “بإمكاني القول أننا خرجنا بأغنية من 4 مسارات، والمسارات الأربع في منتهى الروعة، وهذا ربما ما جعلنا حتى الآن في حيرة، لأننا لأول مرة نخوض هذه التجربة، فأنا وهو لم ندرس الموسيقى لكننا نتعلم من بعضنا فالذي يجمعنا حب الموسيقى، فكل شيء نقوم به بأنفسنا على عكس أغنيتي “تتحجج عليا” التي اشتريتها لأنها أعجبتني وقمت بوضع صوتي عليها فقط.
https://www.youtube.com/watch?v=7rD045NlBtU
أغنية “تتحجج عليه” قمت بشرائها، هل كانت تكلفتها باهظة؟
نعم أول أغنية قمت بشرائها، وملحن الأغنية الأستاذ عباس السومري وأخوه الدكتور صباح لم يقصروا معي بتاتا، ولأنهما ثنائي النجاح فيها، فأغنيتي الجديدة “فلكور دبكة ” تحمل بصمتهما، وكلما سنحت لي الفرصة سأقوم بشراء أغنية جديدة، وما أتمناه أن يكون هناك دعم فني لي لأنني أستحقه.
وعن سُبل دعمها وهي مقيمة في أوروبا ، أكدت ميرا على أن الحفلات التي تقيمها تساعد طبعا بإبراز صوتها، وأيضا تساهم الأغاني الخاصة بها بشكل كبير للوصول لها.
حيث قالت ” برأيي أن أي داعم عندما يرى أن لديك أغان خاصة بك، وأرشيف من الحفلات قد يتشجع أكثر، بالتأكيد لو كنتُ أقيم في دولة عربية ستكون الفرص فيها أكبر، كما أتمنى من الإذاعات العربية في أوروبا أن يكونوا حاضرين بشكل فعال أكثر في دعمها للفنان العربي” .
في ظل كورونا وغياب الحفلات هل ظُلم الفنان ماديا ؟
بالطبع فالحفلات ملغية، بعد فرض قيود على التجمعات، ولو اعتمدت على الحفلات بالتأكيد لن أستطيع سداد المستحقات اللازمة للحياة، لذلك فأنا لدي وظيفتي الخاصة هنا، والفن بالنسبة لي هواية والعائد المادي الذي يأتي من الحفلات أدفعه لشراء أغان جديدة لي .
أخيرا بما أننا في فنلندا كيف يمكن للفنان أن يستفيد من الدعم الفنلندي، بعد أن لاحظنا أن الفنان الفنلندي يبحث عن عمل آخر غير الفن؟
نعم هنا يقدرون الفن، ولكن دعمهم له ليس كافيا، ولن يرفع من الفنان ماديا، فالإجراءات كثيرة هنا، فمثلا لو أردت التقديم على دعم لموضوع ما أو أن تُحضر لتجمع معين أو حتى لأي مساعدة تخص الفن، هذا الأمر يحتاج إلى تفكير وجمع أوراق كثيرة عند التقديم ويتطلب الأمر أن تتحلى بالصبر للوقت الذي ستنتظره، فالدعم موجود ولكن المعوقات موجودة أيضا..ومع كل ذلك فأنا أعتبر أن فنلندا من أكثر الدول التي تقدس التعددية الثقافية وهذا هو المهم .