كيف قد تحدِّد جولة الإعادة في انتخابات مجلس الشيوخ بجورجيا مصير رئاسة بايدن؟
علامَ تدور المنافسة؟
تتمثل أهمية تلك الإعادة في أن نتيجتها ستحسم قضية السيطرة على مجلس الشيوخ، وبالتالي فرص إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في تنفيذ أجندته السياسية داخلياً وخارجياً، على الأقل لمدة عامين من رئاسته، حيث تجرى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب كل عامين.
ونظراً للأهمية البالغة لتلك الانتخابات تتدفق ملايين الدولارات ومئات النشطاء إلى ولاية جورجيا، وقدمت صحيفة The Guardian البريطانية مادة شارحة لما يحدث هناك.
وتدور جولة إعادة الانتخابات حول مقعدين. مجلس الشيوخ يتكون من 100 مقعد، يمتلك الجمهوريون حالياً نصفها أي 50 مقعداً، مقابل 48 مقعداً للديمقراطيين، 46 منها خالصة، أي لأعضاء من الحزب الديمقراطي، ومقعدان مستقلان- هما أنجوس كينغ من ولاية ماين وبيرني ساندرز من ولاية فيرمونت- اللذان وحدا صفوفهما مع الديمقراطيين.
وعندما يكون هناك تعادل في الأصوات بنتيجة 50 إلى 50 بشأن إقرار مشروع قانون، يدلي نائب الرئيس بالصوت الحاسم. وهو المنصب الذي ستشغله الديمقراطية كامالا هاريس بعد أداء إدارة بايدن اليمين الدستورية في 20 يناير/كانون الثاني.
وفي حالة فاز الديمقراطيون بكلا المقعدين في جولة الإعادة، فيظفر الحزب بالسيطرة على مجلس الشيوخ. ويمثل الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ أمراً حاسماً لاتخاذ قرارات بشأن تعديلات تشريعية، وتعيينات الحكومة، والمساءلات الرئاسية المحتملة، والترشيحات للمحكمة العليا.
ويتمتع الديمقراطيون بأغلبية في مجلس النواب؛ لذا فإنَّ الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ ستجعل العامين المقبلين لجو بايدن أسهل بكثير. وعلى العكس من ذلك، فإنَّ مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون تحت قيادة زعيم الأغلبية ميتش مكونيل سيكون قادراً على عرقلة الكثير من أجندته.
ولدى بايدن تاريخ من محاولات الوصول لتسوية مع الحزب الآخر، لذا يمكن أن يحاول إغراء واحد أو أكثر من الجمهوريين لجذب أصوات فردية، لكن بالنظر إلى تاريخ ماكونيل في عرقلة القرارات، يبدو ذلك بعيد المنال.
ومع تعليق الكثير على النتيجة، تتدفق الأموال إلى الولاية دعماً للجانبين. وبلغ حجم ما أُنفِق على الإعلانات السياسية حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول أكثر من 400 مليون دولار، ذهب معظمها إلى الجمهوريين.
من هم المرشحون؟
يتنافس على كل من مقعدي جورجيا مرشح ديمقراطي وآخر جمهوري. ويشهد أحد المقعدين التنافس بين الجمهوري ديفيد بيردو، السيناتور الحالي منذ 2015، والديمقراطي جون أوسوف، الصحفي السابق البالغ من العمر 33 عاماً.
وكانت معركتهم لاذعة في بعض الأحيان، فقد وصف أوسوف خصمه بيردو مراراً بأنه محتال، وأشار إلى التحقيقات معه في اتهامات بالاتجار الداخلي. لكن بيردو لم يبتلع الطعم في الغالب، ورفض مقابلة أوسوف في مناظرة تلفزيونية كانت مقررة في وقت سابق من هذا الشهر، تاركاً أوسوف يجادل على منصة فارغة.
أما المنافسة فهي أكثر حدة، وتدور بين الجمهورية كيلي لوفلير، سيدة أعمال سابقة فاحشة الثراء، والديمقراطي رافاييل وارنوك.
ووارنوك، الذي يسعى ليكون أول سيناتور أسود البشرة في جورجيا، هو قس في كنيسة أتلانتا حيث شغل مارتن لوثر كينغ نفس المنصب. وهو مدافع قديم عن الحقوق المدنية، وخطيب قوي على شاكلة لوثر كينغ، ومؤيد قوي لحركة “حياة السود مهمة”.
ونتيجة لذلك، استغلت خصمه لوفلير كل فرصة ممكنة لاتهامه بأنه “ليبرالي راديكالي”، لكنه نزع منها هذا السلاح في إعلانات حملته الانتخابية باتهام لوفلير بعدم وجود أي شيء إيجابي تقوله عن نفسها.
لماذا تدور جولة إعادة بين هؤلاء؟
تشترط قوانين ولاية جورجيا إجراء جولة إعادة في عمليتي الانتخاب؛ لأنَّ أياً من المرشحين على المقعدين لم يحصل إلى 50% من الأصوات في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني. وبالنسبة لمقعد لوفلير-وارنوك، فقد أصبح شاغراً عقب استقالة العضو الشاغل له.
وهذا يعني أنَّ تصويت نوفمبر/تشرين الثاني خاضه 20 شخصاً، فيما يُعرَف باسم “الغطاء” التمهيدي أو “الغابة” التمهيدية. بعبارة أخرى، كانت ستتجه حتماً إلى جولة إعادة بين المرشحين المتصدرين في الجولة الأولى. وفي تلك الانتخابات التمهيدية، واجهت لوفلير أيضاً منافسة قوية من عضو الكونغرس الجمهوري المعتدل دوغ كولينز، فيما تنافس وارنوك ضد مجموعة من الديمقراطيين.
وتصدر وارنوك الغطاء التمهيدي بنسبة 32.9%، وحلت لوفلير في المرتبة الثانية بنسبة 25.9%، يليها كولينز في المركز الثالث بنسبة 19.95%. ومن ثم، تقدم شاغلا المركزين الأولين- وارنوك ولوفلير- إلى جولة الإعادة.
في المقعد الآخر، المتنازع عليه من بيردو وأوسوف، كانت نسبة 2.32% من الأصوات التي فاز بها مرشح الحزب الليبرالي شين تي هازل كافية لضمان عدم وصول أي من مرشحي الحزب الرئيسيين إلى 50% في سباق متقارب: فقد حصل بيردو على 49.73% مقابل 47.95% لأوسوف.
من صاحب الحظ الأكبر؟
لم يفُز ديمقراطي بسباق مجلس الشيوخ في جورجيا منذ 20 عاماً؛ لذا فإنَّ احتمالات الفوز مرتين في نفس الوقت لا تبدو عالية.
ومع ذلك، فاز بايدن بالولاية في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني، وهي المرة الأولى منذ 30 عاماً التي يفوز فيها مرشح ديمقراطي بجورجيا.
لكن اللغز الأكبر هو كيف ستؤثر نتيجة السباق الرئاسي على جولات الإعادة؟ هل سيعود الناخبون الجمهوريون المعهودون الذين رفضوا دونالد ترامب إلى الحزب لضمان تخفيف أجندة بايدن من خلال سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ؟
أم أنَّ إصرار ترامب على الاستمرار في حملته الانتخابية في جورجيا على أساس أنَّ الانتخابات الرئاسية كانت مزورة- وربط مرشحي مجلس الشيوخ بهذه القضية- سيحفز الناخبين الديمقراطيين مرة أخرى على المشاركة بأعداد كبيرة؟
وكما هو الحال في الانتخابات الرئاسية، فإنَّ التصويت ليس إلزامياً؛ لذا سيشكل معدل الإقبال مصدر قلق كبيراً لكلا المعسكرين.
وسينضم عدد قليل من الأشخاص الأصغر سناً للناخبين المؤهلين للتصويت بحلول يناير/كانون الثاني. فوفقاً لدليل المصوتين في جورجيا، أي شخص يبلغ من العمر 18 عاماً في 5 يناير/كانون الثاني أو قبله مؤهل للتصويت. وأُغلِق التسجيل للتصويت في 7 ديسمبر/كانون الأول.
ما الذي تقوله استطلاعات الرأي؟
بحلول 24 ديسمبر/كانون الأول، كان متوسط الاستطلاع الذي جمعته FiveThirtyEight يعكس تقدم بيردو على أوسوف بنسبة 0.5%، لكن وارنوف تقدم على لوفلير بنسبة 0.6%. وأعطت Real Clear Politics في 22 ديسمبر/كانون الأول للجمهوريين أرقاماً أفضل قليلاً، مع ارتفاع بيردو بنسبة 1% ولوفلير بنسبة 0.2%، لكن أرقام الديمقراطيين كانت تتحسن خلال الأسبوع الماضي تقريباً في كلا الوكالتين.
ويعتمد إعلان النتيجة على مدى تقارب الحظوظ في السباقين. فقد كان سباق أوسوف-بيردو الأول في نوفمبر/تشرين الثاني قريباً جداً لدرجة أنَّ النتيجة لم تُعرَف لمدة ثلاثة أيام، لكن في معظم الظروف، يجب أن تكون النتيجة واضحة بحلول مساء يوم التصويت.