لعلاج آلام الجسد والقلب والروح، تعرف على “التدليك بالسكاكين” الذي استخدمه الصينيون قبل 2000 عام
تعاني من آلام الفراق والهجر؟ تشعر بالقلق ليلاً ولا تستطيع النوم؟ تشعر بأن جسدك مرهق وخمول دائماً؟ ربما عليك تجربة “التدليك بالسكاكين”.. نعم، لقد قرأتها بالشكل الصحيح، السواطير الباردة التي ستضرب ظهرك خلال 70 دقيقة من جلسة المساج أو التدليك بالسكاكين، ستساعدك في علاج مشاكلك العاطفية والجسدية وفقاً للخبراء التايوانيين.
يعود تاريخ هذا العلاج إلى حوالي 2000 عام من الآن، وقد بدأ كنوع من الطب الصيني التقليدي، لكنه مزدهر اليوم في تايوان، ويخضع ممارسوه لقوانين صارمة مثل اتباع حمية نباتية للحفاظ على طاقتهم “نقية” والامتناع عن تقديم خدمات المساج إذا كانوا متعكري المزاج.
وعلى أولئك الراغبين بتلقي هذه الجلسات أن يحجزوا مسبقاً ويرسلوا صورة لهم كي يحدد المركز المعالج المناسب لهم انطلاقاً من الطاقة المنبعثة من صورهم.
إليكم ما نعرفه عن هذا العلاج، وفقاً لما ورد في موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
تاريخ التدليك بالسكاكين
بالرغم من أن الأمر يبدو خطيراً فإن تجربته تستحق المغامرة، فهذا النوع من العلاج المسمى “التدليك بالسكاكين” أو الداو لياو daolioa باللغة الصينية، هو أحد أشكال الطب الصيني التي وجدت قبل 2000 عام من الآن والتي يعتقد أن لها قوى شفائية جسدياً وعاطفياً.
كان الرهبان في الصين القديمة أول مَن مارَس هذا النوع من العلاج، ثم انتقل إلى اليابان في عهد أسرة تانغ، قبل أكثر من 1000 عام.
بعد ذلك انتقل التدليك بالسكاكين إلى تايوان بعد الحرب الأهلية الصينية في أربعينات القرن الماضي.
اليوم يصعب العثور على معالج بالسكاكين في الصين -الموطن الأصلي للعلاج- أو حتى في اليابان، لكن التايوانيين تمسّكوا بهذا النوع من العلاج وأتقنوه خصوصاً أنهم يعتقدون بقدرته على مساعدتهم في التعامل مع ضغوط الحياة.
التدليك بالسكاكين في تايوان
يدرب مركز لياو إيجينغ التعليمي لفن الداو لياو القديم والتدليك بالسكاكين في تايباي ممارسي هذا الفن منذ أربعة عقود، وله 36 فرعاً في تايوان، منها 15 فتحت أبوابها في الأعوام الخمسة الأخيرة، وقد علموا هذا الفن لأشخاص من جميع أنحاء العالم، من اليابان إلى هونغ كونغ، ومن فرنسا إلى كندا.
فوائد التدليك بالسكاكين
وفقاً للمعالجين التايوانيين فإن التدليك بالسكاكين يساعد في التخفيف من آلام الجسد وتحسين جودة النوم، ويسهم حتى في تخطي آلام الفراق التي تؤلم القلب.
تستهدف السكاكين “أبواب التشي”، أو نقاط الضغط، مثلما تستهدفها أشكال أخرى من الطب الصيني ومنها العلاج بالإبر. لكن الممارسين يؤمنون أيضاً بأن السكاكين الفولاذية تمتلك قوى خفية.
قبل دخول عالم التدليك بالسكاكين منذ 15 عاماً، مارست مديرة المركز شاو مي فانغ ودرَّست العلاجات التجميلية وتدليك الظهر، وهو نوع آخر من العلاجات الصينية التقليدية يركز على تدفق الطاقة في الجسم. لكنها قالت إنها كانت تشعر بالتعب كل مساء بسبب “الطاقة السلبية” التي ينقلها إليها زبائنها جراء لمسها لهم.
وأكملت: “ازداد دخلي، لكنني عجزت عن النوم”.
لكن وفقاً لوصفها، فقد تغير ذلك عندما اتجهت نحو ممارسة العلاج بالسكاكين، فمن وجهة نظرها تمتص السكاكين الفولاذية الكارما السيئة من العميل دون أن تنتقل إليها عبر التلامس الجسدي.
وأضافت: “بالنسبة لي، أشعر بأن التدليك بالسكاكين أشبه باصطياد الأشباح، والماضي، وعثرات الحياة السابقة”.
قواعد صارمة يتبعها المعالجون بالسكاكين
كي تصبح معالجاً بالسكاكين، يجب أن تدرس هذا الفن أولاً وتتعلم خفاياه وتتقنه حتى تستطيع تطبيقه على العملاء.
وهناك قواعد محددة يجب على كل معالج اتباعها، على سبيل المثال، إن كان مزاج المعالج معكراً يجب ألا يقوم بجلسات تدليك للعملاء لئلا “ينقل الطاقة السلبية إليهم”.
وفقاً لشاو، وعلى أي حال، فإن الإمساك بسكينين في حالة مزاجية سيئة لا يبدو فكرة جيدة.
ليس هذا فحسب، بل يجب أن يلتزم المعالجون بحمية نباتية للحفاظ على نقاء طاقتهم.
إذ تستيقظ شاو وجيشها من المعالجين في الخامسة صباحًا أو قبل ذلك، ويُمارسون 100 قرفصة وتمارين الوقوف على الرأس، ويضربون بالسكاكين على وسادة لمدة 30 دقيقة ليتدفق التشي “طاقة الحياة”.
الأحجار النيزكية تشحن السكاكين بطاقتها
يؤمن ممارسو التدليك بالسكاكين أن للأحجار النيزكية قوى علاجية للجسد والعقل والروح، لذا يضم مركز المعالجة عدداً من هذه الأحجار التي توضع السكاكين بجانبها لتشحن طاقتها.
أما السكاكين المستخدمة في التدليك فهي عبارة عن سواطير باردة مستطيلة وفولاذية، وبالطبع يتدرب المعالجون جيداً على استخدامها باحترافية وإلا ستصبح خطرة.
عموماً في تاريخ مركز لياو إيجينغ التايواني للتدليك بالسكاكين الذي يمتد 40 عاماً، لم تجرح السكاكين أي عميل من قبل.
يحوي المركز كذلك، لوحة تنجيم تستند إلى نص صيني قديم يُدعى الإي تشينغ I-Ching، أو كتاب التغيرات، حيث يوجد بوصلة في منتصف هذه اللوحة تساعد العملاء في تحديد اتجاههم وأهدافهم في الحياة.
ولدينا كذلك عصي الشاو أو “العصي الكونية” والتي تساعدك في موازنة “التشي” أو الطاقة، والتخلص من بعض الطاقة السلبية، وفقاً للمعالجين التايوانيين.
ففي الثقافة التايوانية كل شيء يتمحور حول “التشي”، فإذا كانت طاقتك متزنة، ستكون قراراتك حكيمة، وتنعم بحياة عاطفية وصحة جيدة.
كيفية التدليك بالسكاكين
إذا أردت الحصول على جلسة تدليك بالسكاكين لا يكفي أن تسترخي على سرير مريح وتنتظر المعالج ليقوم بعمله.
فعلى الراغبين بالحصول على جلسة التدليك تلك أن يمارس بعض التمارين الرياضية أولاً مثل تمارين القرفصاء والإطالة لمدة 10 دقائق على الأقل.
وخلال تلك التمارين يجب أن تحمل بيديك ما يطلق عليه اسم “عصا كونية” أو “عصا الشاو” والتي تساعدك على موازنة التشي أو الطاقة في جسدك.
تقول شاو إن الآباء يجلبون أطفالهم ليلعبوا بالعصي ويتعلموا عن التشي، أملاً في تقليل الضغوطات المتعلقة بالدراسة، في حين يستشيرها رجال الأعمال حول قرارات التوظيف في شركاتهم.
بعد ذلك تبدأ جلسة التدليك، ستشعر بالسكاكين الباردة تضرب ظهرك في البداية، ثم يسترخي جسدك وتغط بنوم عميق لحين انتهاء الجلسة بعد 70 دقيقة.
طبعاً لتحصل على مثل هذه الجلسة في تايوان يتوجب عليك الحجز مسبقاً، كما يطلب منك إرسال صورة حديثة لك كي يستطيع مركز العلاج تحديد المعالج المناسب لك وفقاً للطاقة المنبعثة من صورتك.
هل التدليك بالسكاكين فعال حقاً؟
يقول مايكل ستانلي بيكر، المتخصص في تاريخ الطب والديانات الصينية بجامعة نيانيانغ التكنولوجية في سنغافورة: “فعلياً، توجد صلة غير واضحة بين التدليك بالسكاكين والطب الصيني التقليدي، ما يجعل التدليك بالسكاكين ضرباً من ضروب “الطب الشعبي”، الذي هو خليط من النظريات والجداول والحِكَم المستمدة من المعرفة التقليدية، لكنه مع ذلك لا يستند إلى معرفة قوية بالنظرية الطبية المتوقعة من خبير بالطب الصيني التقليدي”.
لكن تقول شاو المؤمنة بهذا العلاج بالمقابل إنها لا ترغب في إقناع أحد بفاعلية العلاج بالسكاكين، لأن الناس سيصدقونها ما إن تعالجهم من أوجاعهم. “سيذهبون إلى الكثير من المحال ويجربون علاجات مختلفة، وبالتجربة سيعرفون العلاج الأفضل”.