آخر الأخبارتحليلات و آراء

لماذا أعلنت “أنصار الله” رفضها لـ “ستار لينك” وحذرت المواطنين اليمنيين منه؟

أثار إعلان شركة “ستارلينك” المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، إطلاق خدمتها للإنترنت الفضائي في اليمن، العديد من ردود الأفعال والرفض القاطع وبشكل خاص من جانب أنصار الله في صنعاء والتي اعتبرته تهديدا خطيرا للأمن القومي وحذرت من التعامل معه.
لماذا يخشى أنصار الله من إطلاق الانترنت الفضائي “ستار لينك”..هل يتعلق الأمر بالمخاوف الأمنية والاستراتيجية أم أن هناك قطاعات أخرى سوف تتأثر بتلك الخطوة؟
بداية يقول أكرم الحاج، المحلل السياسي اليمني، “إن مخاوف أنصار الله من عملية إطلاق الإنترنت الفضائي في اليمن”ستارلينك” ليست استراتيجية فقط، بل اقتصادية واجتماعية أيضا”.
الرقابة والمتابعة
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “عملية إطلاق الإنترنت الفضائي في اليمن الذي يخوض حروب منذ 10 سنوات سيكون لها تداعيات رئيسية على المستويات الإستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية، حيث ستخرج دائرة الاتصال كليا عن الشبكة الداخلية تماما، الأمر الذي قد يصعب معه رقابة ومتابعة أي تجاوزات قد تمثل تهديدا للداخل”.
وتابع الحاج: “من الناحية الاستراتيجية يوفر الإنترنت الفضائي وصولاً مستقلاً عن البنية التحتية المحلية، ما قد يفقد السلطات في صنعاء قدرتها على مراقبة الإنترنت والتحكم في تدفق المعلومات، وبالتالي قد يصبح فرض الرقابة على المحتوى أو الحد من استخدام الإنترنت أكثر صعوبة”.
وأشار المحلل السياسي، “علاوة على خطورة عدم الرقابة على المحتوى الذي يتم بثه عبر الانترنت نجد أن هناك بعدا اقتصاديا، حيث يُعد قطاع الاتصالات مصدرًا مهمًا للعائدات المالية، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، ومع انتشار الإنترنت الفضائي قد يقل الاعتماد على الشبكات المحلية، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع الإيرادات المالية”.
وأوضح الحاج “هناك مخاوف أخرى مهمة لدى صنعاء من إطلاق (ستار لينك)، تتعلق بطبيعة الإنترنت الفضائي كفضاء مفتوح، حيث يمكن الوصول إلى محتويات غير ملائمة مثل المواقع الإباحية وهو ما لا يتوافق مع قيم المجتمع اليمني الإسلامي المحافظ، ويمثل ذلك تهديدًا للقيم الاجتماعية والأخلاقية التي تسعى السلطات للحفاظ عليها، الأمر الذي يزيد من القلق حول تأثير هذه المحتويات على المجتمع”.
تهديد أمني
ولفت الحاج، إلى أن ” الإنترنت الفضائي يوفر قناة للتواصل غير المراقب مع العالم الخارجي، ما يعزز من قدرة اليمنيين على الوصول إلى مصادر معلومات، وهو ما قد يُنظر إليه كتهديد إضافي لصنعاء في ظل الأوضاع الحالية، والبلاد لا تزال تحت البند السابع في الأمم المتحدة، علاوة على مواقفها المشرفة في مساندة غزة التي تشهد حرب إبادة جماعية من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي”.
الخروج عن السيطرة
من جانبه يقول عبد العزيز قاسم، القيادي في الحراك الجنوبي باليمن: ” اعتقد أن المسألة لها عدة أوجه أو جوانب، حيث يخشى أنصار الله من إطلاق الإنترنت الفضائي في اليمن (ستار لينك) باعتبار اليمن أول بلد عربي وتحديدا في هذا التوقيت مع العمليات العسكرية في البحر الأحمر، ما يعني أن العملية الرقابية سوف تخرج عن يد صنعاء، علاوة على أن القطاع أحد الموارد الهامة للنقد الأجنبي”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “الإدارة الأمريكية تدرك أهمية فرض القيود الرقابية على الإنترنت ووسائل الاتصال بشكل عام، لكنها في نفس الوقت تحاول فرض حصار اقتصادي وأمني وسياسي على أنصار الله، وتعزيز تواجدها في المنطقة وخاصة على المدن المطلة على البحر الأحمر والسواحل”.
وأشار قاسم، إلى أن “قطاع الاتصالات مربح ومهم جدا وبات الأساس في إدارة الدول في مختلف الجوانب الاقتصادية والإعلامية والأمنية والثقافية والعسكرية”.
وقال قاسم: “اللافت في هذا الأمر، أن الإدارة الأمريكية لا تركز على تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية التي تمر بها اليمن تحديدا وجنوب اليمن الذي تسيطر فيه قوى التحالف”.
وكتبت الشركة على منصة “إكس”، فجر الخميس الماضي: “ستارلينك متوفر الآن في اليمن”.
وتتيح شبكة “ستارلينك” المتصلة بأقمار اصطناعية ذات مدار أرضي منخفض، توفير الإنترنت السريع في مناطق نائية أو مواقع تعطلت فيها البنية التحتية لخدمة الاتصالات العادية، وتنتشر في البلدان التي تعاني حروبا وتتأثر فيها خدمات الاتصالات والإنترنت.
وفي السادس من آب/أغسطس، أقرّت الحكومة اليمنية إطلاق الخدمة، وفق ما أفادت وكالة أنباء “سبأ” الرسمية حينها.
وقالت إن ذلك سيحصل “من خلال نقاط بيع المؤسسة الموزعة” التي ستقدم “كافة الخدمات من بيع الأجهزة وتفعيلها وتسديد رسوم الاشتراك بأسعار مناسبة وتقديم خدمات أخرى منها الدعم الفني المباشر”.
وهنأت السفارة الأمريكية اليمن بالحصول على الخدمة، معتبرةً أن “هذا الإنجاز يوضح كيف يمكن للتكنولوجيا أن تفتح فرصا جديدة وتدفع عجلة التقدم”.
وشددت على أنها ستتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سيادة البلاد وأمنها ومنع أية محاولات للمساس باستقلالها واستقرارها.
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما توصلت الحكومة اليمنية وجماعة “ًأنصار الله”، إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
وتسيطر جماعة “أنصار الله” اليمنية منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 من مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من سيطرة الجماعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى