مؤتمر دولي للسلام بدعوة من عباس… لماذا وما الذي يمكن أن يحققه لفلسطين؟
في خطوة وصفتها الحكومة الفلسطينية بـ “الفرصة الأخيرة” للسلام، أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مجلس الأمن الدولي، أن دعوة الرئيس محمود عباس لمؤتمر دولي للسلام، محاولة أخيرة لإثبات التزام فلسطين بالسلام على أساس الاحتواء لا الإقصاء.
وأكد المالكي دعوة عباس للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى عقد مؤتمر دولي بمشاركة جميع الأطراف المعنية في أوائل العام المقبل “للانخراط في عملية سلام حقيقية على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والمرجعيات المتفق عليها، وذلك بالتعاون مع الرباعية الدولية وأعضاء مجلس الأمن”.
وقال مراقبون إن “المطلب الفلسطيني يأتي بعد فشل التدخل الأمريكي في احتواء الموقف، وإتمام عملية السلام، وفقد الثقة في إدارة ترامب لإحداث أي تغيير يذكر في القضية الفلسطينية”.
دعوة فلسطينية
وأضاف المالكي: “هذه الدعوة هي محاولة أخيرة لإثبات التزامنا بالسلام على أساس الاحتواء وليس الإقصاء، والشرعية وليس عدم الشرعية، والمفاوضات وليس الإملاءات، والتعددية وليس الأحادية. أعلم أن العديد من بلدانكم قد أعربت بالفعل عن دعمها لمبادرة الرئيس عباس، ونتطلع إلى مواصلة العمل معكم جميعا حتى تتحقق، خلال اجتماعات هذا المجلس”.
واعتبر أن “إسرائيل قررت، تحت الضغط فقط، تجميد خططها غير القانونية للضم الرسمي لمناطق خارج مدينة القدس الشرقية المحتلة، لكنها لم تتخل عن سياستها المستمرة منذ عقود والتي تهدف إلى السيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية مع الحد الأدنى من الفلسطينيين، وبعبارة أخرى الحد الأقصى من الجغرافيا الفلسطينية مع الحد الأدنى من الديموغرافية الفلسطينية”.
وشدد على استمرار إسرائيل في “ضم الأراضي بحكم الأمر الواقع”، حيث أعلنت في الأيام الأخيرة عن بناء “5000 وحدة استيطانية في عمق الضفة الغربية، بما في ذلك داخل القدس الشرقية المحتلة ومحيطها”.
ودعا المالكي المجتمع الدولي “إلى العمل لإنقاذ السلام”، مشيرا إلى ضرورة تلبية دعوة عباس “لعقد مؤتمر دولي للسلام بحيث يولد الزخم اللازم لحشد المجتمع الدولي ككل لمساعدة الأطراف في التفاوض على اتفاقية سلام من شأنها أن تغير المنطقة إلى الأبد”.
وتابع: “أي شيء آخر يعتبر عديم الجدوى، وطالما أن إسرائيل لا تتحمل تكلفة الاحتلال، وتستمر في جني ثمارها، فإنها لن تتفاوض أبدًا بحسن نية”.
فشل أمريكي
الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، قال إن “الرئيس أبو مازن كان قد طالب بعقد مؤتمر دولي للسلام في مجلس الأمن الدولي، خلال خطابه في شهر فبراير/شباط من عام 2019”.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن “أهمية المؤتمر الدولي تكمن في ضرورة انعقاده تحت رعاية دولية من من قبل الأمم المتحدة، إضافة إلى أن المؤتمر الدولي للسلام سينهي التفرد الأمريكي لعملية السلام، والذي استمر لثلاثة عقود منذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991”.
وتابع: “سبب المطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام هو فشل الرعاية الأمريكية المنفردة لمفاوضات السلام وإخفاقها في إنهاء الصراع طيلة العقود الثلاثة الماضية وكذلك انحيازها الواضح لسلطات الاحتلال الإسرائيلي”.
وأشار إلى أن “إدارة الرئيس ترامب الحالية تجاوزت كافة الأعراف والقوانين والقرارات الدولية بدعمها الواضح للاحتلال والاستيطان للأرض الفلسطينية والقدس المحتلة عام 1967، دون أي اعتبار لقرارات الشرعية الدولية وأسس عملية السلام ومبدأ الأرض مقابل السلام”.
وأكمل: “لهذا فقدت القيادة والشعب الفلسطيني ثقتها في هذه الإدارة التي قطعت الدعم المالي الأمريكي للشعب الفلسطيني وأوقفت معوناتها للأونروا، وطردت سفير فلسطين لديها وأغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ثم أغلقت القنصلية الأمريكية لخدمة الشعب الفلسطيني في القدس، ونقلت مقر سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة في مخالفة صريحة وانتهاك صارخ للقرارات الدولية وخاصة قرار 2334 / 2016”.
غير مفيدة
من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف، إن “دعوة عباس للمؤتمر هي دعوة لإشاعة الوقت والجري خلف المجهول لأن هذه الدعوات لن تقدم شيئا لحقوق الشعب الفلسطيني”.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن “الدعوة محاولة للهروب من عباس لعدم الالتزام بما يريده الشعب الفلسطيني ويعطي دليلا واضحا أنه متمسك بمفاوضات أوسلو”.
ورحبت جامعة الدول العربية بانعقاد الجلسة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن وتوصياتها، خاصةً ما أكده أعضاء المجلس من تجاوب وإسناد لرؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتبنيها آلية عقد مؤتمر دولي للسلام بداية العام المُقبل تحت مظلة الأمم المتحدة، وبمشاركة الأطراف الدولية المعنية لإطلاق عملية سلام جادة تستند إلى مبادئ القانون الدولي والمرجعيات الدولية.
وتفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومُبادرة السلام العربية.