ما قصة قرار الكويت وقف استقدام العمالة المصرية، وكيف قد يؤثر على الوضع في مصر؟
كانت صحيفة القبس الكويتية قد نشرت، مساء الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول، ما وصفتها بأنها “تفاصيل إيقاف ربط القوى العاملة مع مصر”، بتوجيهات من وزير الداخلية والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، الشيخ طلال الخالد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مسؤولة في هيئة القوى العاملة قولها إن “هذه الخطوة تبعها قرار جديد للهيئة العامة للقوى العاملة بإيقاف إصدار تصاريح العمل للعمالة القادمة من مصر حتى إشعار آخر، وذلك في أعقاب قرار وزارة الداخلية بوقف إصدار جميع التأشيرات منذ 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
ما أسباب القرار الكويتي؟
بحسب المصدر نفسه، فهناك عدد من الأسباب خلف القرار الكويتي، أبرزها “العمل على وضع آلية جديدة لضبط استقدام العمالة من مصر”، إضافة إلى “مخالفة السفارة المصرية لدى الكويت للقوانين الكويتية المنظمة لسوق العمل”، وأخيراً “سعي وزارة الداخلية الكويتية إلى تطبيق القوانين واللوائح المنظمة لسوق العمل بصورة حاسمة”.
وربطت المصادر الكويتية القرار أيضاً بالتراجع الحاد في قيمة الجنيه المصري مؤخراً، مشيرة إلى أن هناك اشتراطات جديدة ورسوماً خاصة تتعلق بإجراءات توثيق تصاريح العمل للمصريين، مضيفة أنه “لن يتم إصدار أي تأشيرة أو تصريح عمل حالياً وحتى إشعار آخر”.
وأكدت المصادر الكويتية أن الهدف الوحيد من تلك القرارات هو “منع دخول العمالة الهامشية وضبط سوق العمل في البلاد”.
ماذا قالت الجهات المصرية عن هذه القرارات؟
لم يصدر تعليق رسمي مصري عما نشرته وسائل الإعلام الكويتية، وقال مصدر في وزارة القوى العاملة لموقع “مصراوي” المحلي إن الوزارة المصرية “لم يصلها أي أوراق أو مستندات أو خطابات رسمية من أي جهة كويتية على الإطلاق بشأن ما تم تداوله”.
وأضاف المصدر، الذي تحدث للموقع المصري مساء الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول، أنه “لن يتم الخوض في مثل هذه الأمور إلا بعد الرجوع لوزارة الخارجية”، مضيفاً أن ذلك سيحدث “الخميس 8 ديسمبر/كانون الأول وحينها ستتكشف كل الأمور”. ولم يصدر بعد أي تعليق أو بيانات رسمية مصرية بشأن الموقف، سواء من جانب وزارة الخارجية أو وزارة القوى العاملة أو وزارة شؤون الهجرة والعاملين بالخارج.
كم عدد المصريين العاملين بالكويت؟
يوجد عدد كبير من المصريين العاملين في الكويت، وتُظهر أحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة الخارجية الكويتية أن هناك أكثر من نصف مليون مصري يقيمون ويعملون في البلاد، يمثلون ثاني أكبر جالية وافدة بعد الجالية الهندية.
وتمثل الجنسية المصرية في الكويت 20% من إجمالي عدد سكان الدولة الخليجية، يحتلون بها المركز الثالث بعد الجنسيات الآسيوية (الهند والبنغال بالأساس) ويمثلون 37% في المركز الأول، والجنسية الكويتية في المركز الثاني بنسبة 31%.
ويعمل المصريون في الكويت في جميع القطاعات والمجالات تقريباً، من التعليم إلى الصحة إلى القطاع الخاص وغيرها، وتعتبر الجالية المصرية في الكويت ثاني أكبر تواجد للعمالة المصرية في منطقة الخليج بعد السعودية.
ماذا يعني وقف الكويت استقدام العمالة المصرية؟
تمثل تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وبشكل أساسي في دول الخليج العربي، أحد أهم مصادر الدخل بالعملات الأجنبية التي تحتاجها الحكومة المصرية بشدة، وبالتالي فإن أي اضطرابات تعرقل سفر العمالة المصرية للكويت تمثل تحدياً كبيراً للقاهرة، خصوصاً في هذه المرحلة الاقتصادية الخانقة.
وكانت البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري قد أظهرت أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج قد بلغت 18.7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2022. وخلال شهر يوليو/تموز الماضي بلغت تلك التحويلات 2.38 مليار دولار بانخفاض نسبته 14.7% عن قيمة التحويلات في نفس الشهر من عام 2021، بينما كانت 2.8 مليار دولار في شهر يونيو/حزيران الماضي.
كان الاقتصاد المصري يواجه تحديات صعبة منذ اندلاع جائحة كورونا مطلع عام 2020، ثم جاءت الحرب في أوكرانيا، والتي أثرت ولا تزال على وضع الاقتصاد العالمي ككل، لتزيد الطين بلة بالنسبة لمصر، التي تعاني من أزمة ديون متفاقمة بصورة غير مسبوقة.
وأدت تلك العوامل وغيرها إلى تراجعات ضخمة في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي خلال العام الجاري، حيث خفض البنك المركزي قيمة العملة المحلية رسمياً من مستوى 15.6 جنيه للدولار في مارس/آذار إلى مستوى 19.2 جنيه للدولار، وهو ما يعرف في مصر بخطوة “تعويم الجنيه”.
عاد البنك المركزي واتخذ خطوة “تعويم” أخرى للجنيه أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي ليقفز سعر الدولار الواحد إلى متوسط 24.50 جنيه في البنوك العاملة في السوق المصرية. والآن يجري الحديث عن “تعويم” ثالث للجنيه قبل نهاية العام، ربما يصل إلى مستوى 30 جنيهاً للدولار، بحسب وسائل الإعلام المحلية وخبراء الاقتصاد المصريين.
هذه القفزات في سعر الدولار مقابل الجنيه لها انعكاسات مباشرة بطبيعة الحال على أسعار جميع السلع في البلاد، وهو ما يمثل أعباء خانقة على جميع المصريين على مختلف مستويات معيشتهم، خصوصاً أن نحو نصف سكان الدولة الأكبر عربياً من حيث عدد السكان يعيشون في مستوى خط الفقر أو أسفله، بحسب الإحصائيات الحكومية.
وفي هذا السياق الاقتصادي الصعب للغاية، من المؤكد أن قراراً كويتياً بوقف استقدام العمالة المصرية يمثل كابوساً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، سواء بالنسبة للتحويلات الدولارية من الخارج التي تحتاجها الحكومة والسوق بشدة، أو بالنسبة للمصريين الراغبين في السفر للعمل في الكويت، وما أكثرهم!